"1" المقصود بالتأمين النفسي هو للمسنين توفير الرعاية النفسية التي تخفف عنهم ما يصاحب الشيخوخة. وخاصة حال الشيخوخة المتأخرة من الخرف. والاكتئاب. والقلق. والخوف. وقلة النوم. والعزلة. وتغير الطباع والسلوك. والإحساس باليأس. وإهمال المجتمع لأفكارهم ووجهة نظرهم.. وذلك لما يطرأ علي الإنسان في حال الشيخوخة المرضية من ضمور تدريجي للمخ. وضعف المرونة الفكرية والتعلم والتذكر والتخيل. والتدفق في التعبير والحديث. وانطوائه علي موروثاته الحضارية. وخبراته الشخصية السابقة. فيتصلب برأيه. وتتضاءل قدرته علي الإبداع. وكل هذا يحتاج إلي مستشفيات خاصة مجهزة لاستقبال تلك الشيخوخة المرضية. "2" والمقصود بتأمين الخدمات الاجتماعية للمسنين هو توفير الرعاية الاجتماعية التي تصل المسنين بذويهم وجيرانهم وأصدقائهم. فمن أصعب الأمور علي المسنين. وبخاصة أولئك الذين كانوا ممتلئين بالحيوية والنشاط أيام شبابهم. ولديهم خبرات وتجارب عديدة. أن يروا أنفسهم مُبعَدين عن الحياة الاجتماعية. وألا يشاركوا غيرهم جلساتهم ومنتدياتهم. وقد قام بعض الأطباء المعاصرين بدراسة بحثية علي 1660 مسناً في بريطانيا. طلب منهم الإجابة علي السؤال: ما هو باعتقادك الذي يجعل حياة الناس الذين هم في مثل سنك سعيدة ومرضية؟!.. جاءت أكثر الإجابات من قبل الرجال والنساء علي حد سواء بأنه: "وجود أصدقاء جيدين وجيران جيدين". وكان هذا الجواب متقدماً علي أجوبة: "صحة جيدة ونقود كافية". وبهذا يعلن المسنون عن أنفسهم. أنهم في حاجة إلي علاقات اجتماعية أكثر من حاجتهم إلي تحسين مستوي المعيشة. ومن الخدمات الاجتماعية التي تتطلبها الشيخوخة وجود الأندية الرياضية والترفيهية. وتوقيرهم. وصلتهم. واستشاراتهم. وعدم التنكيت عليهم. أو الاستهزاء بقدراتهم الجسدية أو العقلية. ففي دراسة اجتماعية أمريكية سنة 1971م علي طبيعة ما بلغ 264 نكتة. وجد أن أكثر من نصفها استهزاء بالمسنين. "3" والمقصود بتأمين الخدمات الثقافية للمسنين هو توفير الرعاية الثقافية والتعليمية والإعلامية التي يحتاجها المسنون. لما يطرأ عليهم من تغير الطباع والسلوك. وذلك لمواجهة مشكلات الحياة. ويرشدهم إلي الأصلح في حياتهم. وقد أثبتت الدراسات الحديثة. والمتخصصة في الشيخوخة. التي جرت في أماكن متعددة من أنحاء العالم. أن الأفراد في السنين الأولي المشرفة علي الشيخوخة أي أوائل الستينيات من العمر إذا كانوا مستعدين لمرحلة الشيخوخة. يمكنهم أن يظلوا إلي سنين عديدة من المسنين الشباب. ومواطنين نشطين منتجين. وهذا بالضبط ما أدركته الدول المتقدمة. وخططت له تخطيطاً سليماً. ولذلك نجد شيوخهم أصحاب لياقة ونشاط. وأجمعت الدراسات العلمية التي تدور حول "سيكولوجية الموت" وهي كثيرة أن سياسة تهيئة الأجواء لاستقبال الشيخوخة والموت هي أفضل ما يوجهه الأطباء النفسيون إلي كبار السن والمحتضرين قبل ساعاتهم الأخيرة وأثناءها. كل هذا يؤكد حاجة المسنين إلي برامج ثقافية هادفة تبصرهم بما ينفعهم في كبر السن. وما يلزمهم من احتياطات صحية. وترشد الناس إلي توقيرهم والاستفادة من خبرتهم. فهل تنجح وسائل الإعلام في إنشاء برامج خاصة لخدمة الشيخوخة. كما أنشأت بعض كليات الطب أقساماً لطب الشيخوخة؟!.. هذا ما نأمله دون المساس بهيبة ومكانة كبار السن.