محمد نور يكتب: القوة الضاربة المصرية    "ألف قائد محلي" تجري المقابلات الشخصية مع شباب الإسكندرية غدًا    ارتفاع جديد في أسعار الذهب مساء الجمعة.. عيار 21 يقترب من 3600 جنيه    سعر الدولار في ختام تعاملات الجمعة 11 أكتوبر 2024    أحمد السرساوى يكتب: زيارة مهمة فى وقت مهم    شوط أول سلبي بين مصر وموريتانيا في تصفيات أمم أفريقيا    «شباب يد الأهلي» يفوز على الزمالك في دوري المحترفين    قبل محاكمة إمام عاشور غدأ.. فرد أمن الشيخ زايد يكشف مفاجأة    بالأسماء.. مصرع 3 غرقاً وإنقاذ آخر ب شواطئ مطروح    خاص| وليد فواز: أتمني العمل مرة ثانية مع إيمان العاصي    خاص| وليد فواز عن «بنسيون دلال» أقدم شخصية ضابط شرطة يحقق في جريمة غامضة    محمود فوزى: صندوق مصر السيادى ليس بوابة خلفية لنقل الأصول    الاتحاد الوطني للقيادات الشبابية ينظم اللقاء الحواري الثاني في كفر سعد بدمياط    الكرة النسائية.. انسحاب فريق توت عنخ آمون بعد أول 45 دقيقة أمام بسيون    تظلمات بطاقات الخدمات المتكاملة 2024.. خطوات التقديم للحصول على بطاقة إثبات الإعاقة    زيلينسكي: المساعدات الألمانية "أنقذت آلاف الأرواح الأوكرانية"    افتتاح مسجد عزبة جابر بقرية الكاشف الجديد في دمياط    منافذ حياة كريمة تبدأ توزيع اللحوم بأسعار مخفضة بالقاهرة    كتاب الخواجاية ل فيموني عكاشة.. رحلة مؤثرة في أعماق الذاكرة الإنسانية    حملة "100 يوم صحة" قدمت أكثر من 112 مليون خدمة مجانية خلال 71 يومًا    مفاجأة غير متوقعة لأصحاب برج الجدي في النصف الثاني من أكتوبر.. ماذا يحدث؟    بالصور- ضبط مخزن زيت طعام مجهول في سرس الليان    كوريا الشمالية تتهم جارتها الجنوبية بإلقاء منشورات على عاصمتها    روبوتات تسلا.. خدعة الذكاء الاصطناعي أم مستقبل واعد| فيديو    كشف حساب زيارة الرئيس السيسي لإريتريا (فيديو وصور)    بلومبرج: بايدن ضغط على نتنياهو لاقتصار الرد الإسرائيلى على أهداف عسكرية    دار الأوبرا المصرية تتصدر محركات البحث قبل انطلاق مهرجان الموسيقى العربية بساعتين    "مريم الخشت" تتصدر التريند بعد حفل زفافها    «الداخلية» توجه قوافل بالمحافظات مزودة بوحدات إلكترونية لتقديم خدمات الأحوال المدنية    تتراوح من الاكتئاب إلى الانفصام، أعراض وعلامات المرض النفسي لدى الأطفال والبالغين    جمعية رعاية مرضى الكبد تطلق قافلة طبية شاملة بدمياط    أونانا يحقق جائزة خاصة في الدوري الإنجليزي    طلاب جامعة المنوفية ينجحون في تحرير 4744 مواطنا من الأمية    ضمن جهود مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان.. الصحة تنظم دورات تدريبية حول الإسعافات الأولية من خلال فروع الهيئة بالمحافظات    دويدار يؤكد.. ثنائي الأهلي سيكونوا كبش فداء عند خسارة مبارياته القادمة    جنوب سيناء تطلق برنامجًا رياضيًا احتفالًا باليوم العربي للمسنين    بالصور- محافظ بورسعيد يفتتح مسجدا جديدا بمنطقة كربة عايد    الأنبا توماس يشارك في ورشة العمل "القادة الدينيين وبداية جديدة لبناء الإنسان"    الأردن يدين استهداف الاحتلال الإسرائيلى لقوات اليونيفيل جنوب لبنان    برلمانى: قمة مصر وإريتريا والصومال تعزز من جهود خلق مناخ قوى للتنمية المستدامة    الصعيد في عيون حياة كريمة.. مدينة إسنا تحصل على دعم كبير برعاية مجلس الوزراء    دار الإفتاء توضح فضل زيارة مقامات آل البيت    وكيل صحة سيناء يتفقد مستشفى الشيخ زويد المركزي ووحدات الرعاية الصحية    فضل الدعاء للأب المتوفي في يوم الجمعة: مناجاةٌ بالرحمة والمغفرة    بالتزامن مع الاحتفال بذكرى بنصر أكتوبر.. تنسيقية شباب الأحزاب تعلن عن استراتيجيتها الجديدة    تعرف علي حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة    سفيرة مصر في زامبيا تطالب الكنيسة بتوسيع خدمات المستشفى القبطي    سقوط تشكيل عصابي تخصص في سرقة سيارات النقل بالأقصر    الصحة: إغلاق عيادة جلدية يديرها أجانب مخالفة لاشتراطات التراخيص في مدينة نصر    للنصب على المواطنين، حبس صاحب أكاديمية وهمية لتعليم التمريض بالإسكندرية    تغيرات حادة في أسعار الحديد والأسمنت بمصر: التقلبات تعكس الوضع الاقتصادي الحالي    خطبة الجمعة اليوم.. تتحدث عن السماحة في البيع والشراء والمعاملات    مشادة كلامية.. حبس فتاة قتلت صديقتها طعنا داخل كمباوند شهير في أكتوبر    تصفيات أمم أفريقيا| منتخب مصر بسعي لمواصلة الانتصارات علي حساب موريتانيا    أسعار الدواجن اليوم الجمعة 11-10-2024 في محافظة الفيوم    أوباما يواجه مجتمع «السود» وتخوفهم من انتخاب سيدة    اختللاط أنساب.. سعاد صالح تحذر المواطنين من أمر خطير يحدث بالقرى    ميوزك أورد وجينيس وفوربس.. أبرز 20 جائزة حققها الهضبة طوال مشواره    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رعاية المسنين من منظور اسلامي
نشر في أخبار مصر يوم 08 - 11 - 2007

الشيخوخة ليست نشاطاً دائماً وليست انسحاباً تاماً من الحياة، وإنما هي مرحلة من مراحل عمر الإنسان، ينبغي أن تستثمر في العبادة وفعل الصالحات وممارسة الحياة بما يناسب الوضع النفسي والجسدي للإنسان الذي وصل إلى هذه المرحلة من العمر.
كان الانسحاب من الحياة بدعوى الشيخوخة والتقاعد, يفضي إلى ضياع الوقت وبالتالي جزء من عمر الإنسان فيما لا فائدة منه. والعمل الشاق الذي لا يتحمله الإنسان الشيخ والمسن أيضا فيه ظلم إلى الإنسان وذلك لأن لبدنك حق عليك، وإن التقدم في العمر والوصول إلى مرحلة الشيخوخة, يختلف من شخص لآخر.
وتتأثر حياة كبار السن بالعديد من العوامل الاجتماعية والثقافية الاقتصادية والنفسية، فالمجتمع الذي تسوده أخلاق الأثرة والأنانية والمصلحة الضيقة, لن يجد المسنون فيه رعاية لائقة ومناسبة.
كما أن المجتمع الذي تسوده قيم العدل والإحسان والإيثار, فإنه سيبدع الكثير من أشكال الرعاية لكل الحلقات الضعيفة في المجتمع ومن ضمنهم كبار السن، لذلك فإن مجموع العوامل الاجتماعية والثقافية, تؤثر سلبا أو إيجابا في مستوى الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية للمسنين.
إن المسن القادر على العطاء, حينما يتوقف ويخلد إلى الركون والهمود ويتعذر بتقاعده دون تشغيل طاقاته واستثمار إمكاناته, سيصاب بالعديد من الظواهر المرضية سواء على المستوى النفسي أو المستوى الجسدي، لذلك ينبغي لنا كمجتمع أن نبحث عن التدابير اللازمة والأطر المناسبة, لكي يستمر المسن في القيام ببعض الأعمال المناسبة, وذلك ضمن إطار وسياق تنموي- اجتماعي, لا يستثني كبار السن عن القيام بالأدوار المطلوبة.
ولعل من المناسب أن نشير إلى ضرورة إنشاء مراكز أو نواد للمسنين لمساعدتهم على الاستمرار في النشاط العقلي والجسمي والنفسي، ومن الأهمية بمكان أن تكون أنشطة هذه المراكز والأندية ملائمة نفسياً وجسدياً واجتماعياً للمسنين، وذلك لأن لكل فئة عمرية متطلبات معينة لابد من الوفاء بها.
ومن الضروري أن يكون لدى المسن الاستعداد والقدرة على المحافظة على أسلوبه في الحياة عند التقاعد، ولابد من إدراك أن المسنين ليسوا فئة متجانسة مع بعضها البعض، فلكل مسن ظروفه الخاصة وأوضاعه الموضوعية التي تحدد بشكل أو بآخر الطريقة المثلى للتعامل معه.
وما نود قوله في هذا المجال: إن العمل على إخراج المسن من حالة العزلة وإدخاله في الدورة الاجتماعية الطبيعية بما يناسب إمكاناته النفسية والجسدية وتاريخه الاجتماعي, يعد جزءاً أساسياً من مفهوم رعاية المسنين في المنظور الإسلامي، وذلك لأن الشعور بالعجز والبطالة والكسل والاعتماد على الآخرين, هو الذي يساهم في تردي أوضاع المسنين في الكثير من البلدان والمجتمعات.
ولابد أن ينظر الإنسان المسلم إلى التقاعد عن العمل الرسمي أو اعتزال الخدمة على أنه متغيرإيجابي في حياته يحرره من قيود الوظيفة ويطلق لطاقاته وقدراته العنان في أعمال تعود بالنفع عليه وعلى أسرته ومجتمعه وأمته ودينه، إن الإسلام يرى أن مهمة الإنسان في الحياة الدنيا هي خلافة الله في الأرض: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً), وإن دوره في أداء هذه المهمة وغايته منها هو عبادة الله عز وجل: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).
ومفهوم العبادة في الإسلام يتسع حتى إنه يشمل جميع الأعمال والأنشطة والمشاعر وحتى الرغبات التي يطلق لها العنان في سبيل الله وابتغاء مرضاة الله. ومن هنا كان العمل جزءاً من العبادة في تصور الإسلام, ويرتبط العمل في القرآن الكريم بالإيمان ويرتبط بقيمة أخرى هي إتقان العمل واستمراريته حتى جاء في الحديث الشريف: »ولو قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة, فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليغرسها«.
فالمسنّ طاقة وثروة اجتماعية ينبغي الاستفادة منها بما يناسب الظروف الراهنة, سواء في القيام ببعض الأعمال التطوعية أو إسداء النصح والمشورة وتقديم الآراء والخبرات التي ترتبط بمجالات تخصصهم وفهمهم، لذلك فقد جاء في الحديث الشريف »رأي الشيخ والجلد الصبي«.
ومن الأهمية بمكان عدم عزل مؤسسات الإيواء للمسنين عن المحيط الاجتماعي, وذلك لأن شعور المسن بالعزلة الاجتماعية يؤدي إلى الكثير من المشاكل النفسية والبدنية. وإن مؤسسات الإيواء ينبغي أن تلحظ جميع الحاجات الطبيعية للمسن، فوفير هذه الحاجات مع الشعور بالوحدة والعزلة يؤدي إلى نتائج عكسية، لذلك ينبغي أن تلحظ مؤسسات الإيواء جميع الحاجات والجوانب الضرورية لحياة المسن الجديدة.
لهذا كله كان من الضروري تأكيد وتعميق القيم التالية في المحيط الاجتماعي:
صلة الرحم: وذلك لأن إعادة الاعتبار لهذا المفهوم, والعمل على تكريسه في واقعنا الاجتماعي, يساهم مساهمة كبيرة في تطوير مستوى رعاية المسنين، لأن من أولويات صلة الرحم الرعاية والاحترام وتوفير الاحتياجات الضرورية لمن لا يتمكن من توفيرها.
لذلك نجد أن الدين الإسلامي الحنيف يؤكد على دعوة صلة الرحم والتعاطف والتقارب بين أولي الأرحام وذوي القربى، فقد قال تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
وقد جاءت الأحاديث الشريفة لتؤكد على حق الوالدين على الأبناء, برّهم ورعايتهم وتوفير احتياجاتهم والعمل على إسعادهم، ففي تفسير الآية الكريمة: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا). وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): »رضا الله في رضا الوالدين
وسخطه في سخطهما«.ولم تكتف الأحاديث الشريفة في بيان صور بر الوالدين ورعايتهما في حياتهما, وإنما أشارت إلىطريقة برهما بعد موتهما.
التعاون والتكافل
فالإسلام حينما أكد على قيمة التعاون, إنما أكدها من أجل أن يتعاون الإنسان المسلم مع إخوانه وأبناء مجتمعه وأمته في مواجهة أعباء الحياة ماديا ومعنويا، والتكافل كقيمة دينية واجتماعية, جاءت لتؤكد هذه الحقيقة.
فقيمتا التعاون والتكافل تدفعان الإنسان المسلم إلى رعاية ذوي الحاجات وعلى رأس هؤلاء كبار السن, الذي ينبغي أن يتعاون أبناء المجتمع الواحد لرعاية احتياجاتهم المادية والنفسية والصحية والاجتماعية.
الاحترام المتبادل: وذلك لأن سيادة هذه القيمة في علاقتنا الاجتماعية يزيد من الأواصر الاجتماعية ويمتص العديد من السلبيات والمشاكل, وذلك لأن »جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض
من أساء عليها«.
والقاعدة الأساسية التي تنطلق منها مقولة وضرورة الاحترام المتبادل في العلاقات الاجتماعية, هو إننا جميعا بحاجة إن ننظر إلى الآخرين نظرتنا إلى أنفسنا, وأن نتعامل مع الآخرين كما نحب أن يتعامل معنا، فقد جاء إعرابي إلى النبي (صلى الله عليه وسلم): فقال »يا رسول الله علّمني عملاً أدخل به الجنة، فقال ما أحببت أن يأتيه الناس إليك فأته إليهم, وما كرهت أن يأتيه الناس إليك فلا تأته إليهم«.
فالاحترام المتبادل في العلاقات الاجتماعية بين مختلف الدوائر والشرائح يبدأ من الإنسان نفسه، فهو الذي ينبغي أن يبادر إلى صياغة علاقاته مع غيره وفق ما يحب ويتطلع أن تكون علاقة الآخرين
معه.إن احترام الآخرين والإحسان إليهم, هو الذي يقود إلى المحبة والوئام، ولا يمكننا أن نصل إلى التعاون والسعادة في المجتمع بإهانة الآخرين وحرمانهم من العطف والاحترام.
لذلك، فإن المطلوب هو احترام المسنين وتقديرهم ومحبتهم والتفاهم معهم والتعايش معهم, وذلك لأن
هذا الاحترام بكل صوره وأشكاله هو رمز الفلاح والسعادة والتآلف في الأسرة والمجتمع، ولنتذكر
جميعاً أن احترامنا وبرّنا وتواضعنا لآبائنا, هو الذي يغرس في نفوس أبنائنا هذا السلوك الحسن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.