والحكومة لا تقرأ طول العام إلا ما يطربها.. أما الشكوي والأنين فموسيقي تصويرية لخطب العرش ومعسول الوعود.. فما بالك وكل وزير في واد خارج البلاد ولو كانت في اجازة في السخنة أو الجونة. كعادته كل ليلة جمعة "الليلة" يخرج رئيسهم ولا يعود إلا يوم الأحد. يقضي معظم الوقت في نادي هليوبوليس. وربما يستعد لإصدار كتاب جديد عن أيام الحكم بعد كتابه الأول "أربعة شهور في قفص الوزارة" عندما استقال من وزارة "عصام شرف". ولعل براكين التليفزيون الهادرة ترحمنا من موجات الاثارة والتهييج التي تجعلنا لانكاد نفيق ولا ننام الليل. حتي اتجه العقلاء - وهم قليلون - للبحث عن أفلام "إسماعيل يس". وامتنع كثيرون عن شراء الصحف. لولا أنها عادة - نرجو أن تنقطع - يبحثون فيها عن اعلان وفيات ويقرأون مقالات سخيفة ويدخلون بها الحمام! فكرت ان اسافر مثل الأعيان فمنعني الخوف من قلة الأمان وسمعة الطرق السيئة. وبلد لا تسير فيها القطارات فتعربد الميكروباصات. حتي الحكومة بجلالة قدرها عندما تجتمع تنتقل من مكان لآخر بحثا عن الأمن والأمان. مظاهرات تعربد في الشوارع. وخناقات مسلحة في الجامعات وباعة يسدون أرصفة وسط البلد.. ومرور حائر. أسعار نار. مجنونة مثل "القوطة" تخرج لسانها للتسعيرة. التي هي أيضا "حدوتة وزارية". وتتراكم الزبالة مع اننا ندفع اجباريا كل شهر مع فواتير الكهرباء.. وعلي يد الحكومة- للشركات الأجبنية ولا أحد يبالي: وتظهر حكاية المكافآت بالملايين التي طالت وزيرا حاليا وهو ليس وحده. بما يثير الغيظ قبل الشبهات.. ونلزم الصمت عن الصناديق الخاصة ومرتبات المستشارين وأرقام رسمية يحيط بها ما يشبه الغموض. عن لجنة الخمسين: يشغل بالها مجلس الشوري وميزانيته مائة وسبعون مليونا "فقط" كل عام. ماهيات وسفريات وسيارات ووجاهة غير الحصانة.. يفكرون في أن يعودوا باسمه من "الشوري" إلي "الشيوخ".. وهكذا ينقضي الأمر. وحكايات أخري مماثلة. كان الله في عوننا. ولعل اللواء "ممدوح شاهين" يخفف من زياراته للخمسين ولو كانت للسلام والتحية. فقد قام باللازم أثناء لجنة الدستور الأول"!! هذا ولا يتوقف النفاق في الاجازات. *** ** تغرقنا شبكة "رصد" الإخوانية هذه الأيام في تسجيلاتها. وأهم ما أثار منها الجدل ما أذيع صوتا وصورة عن ما لم ينشر من حديث الفريق "السيسي" ورئيس تحرير المصري اليوم "ياسر رزق".. قالوا تسريبات بل فبركات لصحيفة "اليوم السابع".. وقالوا صفقة مثل ما جري مع تسجيلات الطبيب لمبارك في المستشفي وباعها ووصلت الاتهامات إلي القضاء. واتصور ان كل الروايات ناقصة..و أما المعلن فهو سؤال: ماذا لو طلبت منك الجماهير الترشح للرئاسة؟ قال الفريق "الوقت غير مناسب للسؤال. والله غالب علي أمره". وأنا أحب "السيسي" لأسباب كثيرة أولها انه من نفس الحي الذي نشأت فيه "الجمالية". أشهد لأبنائه بالجدعنة وكل أخلاق أولاد البلد.. وان كنت لا أشجعه رئيسا. وأحب "ياسر" لأنه أول من اتصل بي بعد توقفي عن الكتابة طالبا مقالا من ثلثمائة كلمة كل أسبوع مبدئيا. فكانت مفاجأته تحمل معاني جميلة.. ولو انه لم يعد يرد علي التليفون حتي عند السؤال عن صحته يوم دخل المستشفي. كما كان والده زميلا وصديقا وصحفيا ونقابيا وإنسانا جميلا مازلت احتفظ بكتابه "جسر علي قناة السويس" مراسلا عسكريا في أيام الشدة. رحمه الله. يحضرني ما يذكره الصحفي المصري الأرمني الأمريكي "توماس جورجيسيان" في رسائله اليومية من "واشنطن" لجريدة "التحرير" عن حديث صحفي أجراه "ستيف كليمونس" نشرته مجلة "اطلنطيك" مع وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل" كشف عن أحاديثه التليفونية المستمرة مع الفريق السيسي وانه اهداه مؤخرا كتاب "حياة جورج واشنطن" الصادر في أكتوبر 2010 من تأليف "رون تشيرنو" وفي الفصل الأخير من الكتاب "كيف ابتعد الجنرال الأمريكي عن السلطة" ليصبح السؤال: هل ستصبح جورج واشنطن أم حسني مبارك!! عسكريون مصريون قالوا للوزير الأمريكي: خليك في حالك! *** ** بعيدا عن السياسة والهم احتفل العالم بالكاتبة الكندية "آليس مونروا" 82 سنة بعد أن فازت بجائزة نوبل للآداب هذا العام. اكتشفنا ان الكاتب الناقد الدكتور "أحمد الشيمي" قد ترجم لها إلي العربية قبل أن نعرفها وصدر "العاشق المسافر" عن سلسلة آفاق عالمية التي تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة. وقصصها القصيرة التي تكتب عن أفراد عاديين يعيشون حياة غير عادية فازت بالجائزة الكبيرة وبأكثر من مليون دولار.. ماذا ستفعل بها؟ عندما سألوا نجيب محفوظ عن فوزه بجائزة نوبل ماذا ستفعل بقيمتها المالية وكانت وقتها أقل من المليون بكثير. قال: ماذا تتصور أن أفعل وأنا في السابعة والسبعين.. ولماذا أغير حياتي وهي حلوة أوصلتني إلي نوبل؟ علي العكس قال الفائز بالجائزة في الفيزياء العام الماضي: لم يتح لي الوقت للتفكير في المال. ولكنني افكر في الاستثمار العقاري. أما أحد الفائزين في الطب فقد قام بتغيير دراجته البخارية.. هذا هو كل ما أراد! تبرع "أوباما" بالمبلغ كله لمنظمات خيرية ومازلنا لا نعرف لماذا نال الجائزة؟! قامت وزارة الثقافة القطرية بترجمة خطب الفائزين بجائزة نوبل في الآداب التي يلقونها ليلة الاحتفال بهم.. وقد صدرت حتي الآن في مجلدين قام بالترجمة "عبدالودود العمراني" أحد شيوخ الترجمة في العالم العربي ويجيد الانجليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية وبعض الأسبانية. تحدث الروائي التركي "اوهان باموق" عن حقيبة أبيه التي سلمها له قبل رحيله بسنتين تمتليء بكتاباته الخاصة ومخطوطاته وكراساته طلب منه أن يقرأها بعد وفاته.. كان يقول له كما يقول كل تركي لابنه وهو يشجعه: سوف تصبح باشا.. ويختتم "باموق" كلمته: كنت أرغب بشدة أن يكون أبي معنا اليوم. وقال الروائي المصري "نجيب محفوظ" في كلمته التي ألقاها محمد سلماوي: لعلكم تتساءلون عن هذا الرجل القادم من العالم الثالث كيف وجد من فراغ البال ما اتاح له كتابة القصص. فأنا قادم من عالم ينوء تحت اثقال الديون؟! *** ** عنوان المقال "فقط" مستوحي من رواية إبراهيم عبدالمجيد: "لا أحد ينام في الإسكندرية" وهي فرصة كي أدندن - من غير مناسبة - بكلمات الفنان الكبير "فؤاد حداد": باحلم اني في اسطنبول بالعب طاولة مع السلطان بيحرق اعمل مشايف ويبرق اعمل مش خايف والحظ مخالف ومخالف لو أخسر أبقي أنا مسطول لو اكسب ابقي أنا غلطان!