الأزمة كشفت المزيفين.. الإخوان.. والبرادعي.. وقطعاً عندما تقوم أي ثورة في أي بقعة من بقاع الأرض فإنها لا تأتي صدفة أو بضربة حظ.. وإنما تكون هناك إرهاصات وأسباب جوهرية تراكمت عبر سنوات وأدت إلي ارتفاع درجة حرارة البركان حتي وصلت إلي درجة الغليان ثم الانفجار.. ولابد أن تكون هناك تربة خصبة وبيئة مهيأة للثورة وما عليك إلا أن تطلق شرارتها الأولي حتي تجدها ثورة عارمة في كل الأرجاء.. والحقيقة التي لا تقبل شكاً ولا جدلاً أن الفرق كبير والبون شاسع بين الثورة الشعبية التي يقودها الشعب وتحقق مطالبه الحياتية البسيطة في حياة كريمة ولقمة عيش حلال من كد يده.. وسكن آدمي توفره الدولة.. وعلاج ورعاية صحية وأبسط الحقوق في مستشفي حكومي يستقبله وقت اللزوم وتعليم يحقق له عدم التخلف عن الركب العالمي والتطور المذهل في شتي النواحي العلمية والتكنولوجية.. ومساواة بين أفراد المجتمع وتكافؤ فرص في العمل والتشغيل وتولي المناصب القيادية.. هذه أبسط حقوق المواطن البسيط من أي ثورة شعبية تقوم لصالح الوطن والمواطن.. ولأن ما يحدث في البلاد العربية وما أطلق عليه البعض زوراً وبهتاناً ثورات الربيع العربي بينما هي موجات التدمير العربي والانقسامات والشرق الأوسط الجديد والفوضي الخلاقة التي لا تؤدي إلي استقرار ولا دولة وإنما حالة من الفوضي والعنف والخلاف والصراع الذي لا يؤدي في النهاية إلي دولة وإنما صراعات دموية لا تنتهي.. هذه هي الفوضي الغربية التي تعم الشرق الأوسط تحت شعارات ثورية عن الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.. مجرد شعارات ولعب علي عواطف الشعوب المكبوتة المقهورة التي عانت من فساد حكامها طوال سنوات عديدة من سيطرة حاشية الحكام علي ثروات البلاد فتشرد الشباب وغاب الانتماء وصار المواطن البسيط محروماً من تشغيل أبنائه وحرمانه من العلاج والتعليم الذي أصبح قاصراً علي الأغنياء وأصحاب الأموال الذين تربحوا علي حساب المواطن البسيط.. فنهبوا أراضي الدولة بدلاً من بناء مساكن للبسطاء.. وحولوا المستشفيات إلي استثمارية فمات الفقراء من حصار الأمراض لهم.. كل ذلك أدي إلي اختفاء الانتماء لدي الشاب والمواطن البسيط وشعر أنه يعيش غريباً في وطنه.. فكيف يكون وطنه ولا يجد فيه مسكنه ولا مطعمه ولا مشربه ولا حياة كريمة له.. حقوقه مسلوبة.. وحريته مكبوتة وحياته موجات من القهر والفقر والعذاب.. لذلك عندما توجد التربة الخصبة لإشعال الانقسامات والثورات في البلاد العربية ذات الأنظمة الديكتاتورية يصبح من السهل تدميرها بأيدي المقهورين والمظلومين ومعظم الدول العربية تشترك في عوامل تدمير أي مجتمع وهي عناصر ثلاثة أو قل مثلث تدمير أي دولة.. وهي الحاكم الفاسد.. والشعب المقهور والشباب العاطل.. إذا وجدت هذه العناصر الثلاثة في أي دولة يمكنك بكل سهولة وبتدريب بعض الشباب أن تشعل فيها ثورة وتحت شعارات الحرية والديمقراطية.. وهذا ما حدث فقد تم تدريب المئات والآلاف من الشباب العربي في صربيا وغيرها علي كيفية إشعال الثورات ورفع شعارات تجذب المواطن البسيط الذي يتطلع إلي الحرية والحصول علي حقوقه ويتمني زوال النظام الفاسد الذي حرمه من كل حقوقه في وطنه.. ومن هذا المنطلق قامت الثورة التونسية والمصرية والليبية واليمنية والسورية ضد الأنظمة الفاسدة.. ولأن التمويل غربي والتخطيط غربي.. والشعب المقهور لا يملك شيئاً.. سارت هذه الثورات في طريق الفوضي والانقسامات والصراعات الدموية التي قطعاً لن تصل إلي شيء سوي الحروب الأهلية والدمار والمستفيدون الذين تدربوا في الخارج والحركات التي تتلقي ملايين الدولارات هم الذين يرقصون علي جسد الوطن ويتربحون من كل الأحداث والوطن والمواطن يدفع الثمن بينما الفضائيات المأجورة والتي تربح الملايين من الإعلانات في ظل نزيف دماء الوطن تزيد الأوضاع اشتعالاً وصار كثيرون ممن لا يريدون استقراراً ولا أمناً للوطن ضيوفاً علي موائد الفضائيات.. بينما الوطن يزداد نزفاً حتي الموت. *** والفرق كبير بين الثورة الشعبية والفوضي الغربية.. فلا تجد من يزعم أنه ثائر أنه رفع مطلباً واحداً للمواطن البسيط أو الشاب العاطل من صحة وعلاج وسكن وتعليم.. وإنما دائماً يرفع شعارات عن الحرية والديمقراطية.. وهو أبعد ما يكون عنهما.