سعدت كثيراً عندما تحسنت العلاقات المصرية الاثيوبية بعد 25 يناير 2011 وجهود السيدة فايزة أبوالنجا ودورها الإيجابي في تأكيد مبادئ التعاون بين القاهرةوأديس أبابا من ناحية وبين مصر وبقية دول حوض النيل من ناحية أخري.. وجاءت خطوات الدبلوماسية الشعبية لتؤكد إمكانية التعاون والحوار وأن يكون نهر النيل مصدراً للحوار والتعاون بما يعود بالمصالح المشتركة علي الشعبين المصري والاثيوبي في ظل علاقات تاريخية أصيلة واحترام متبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية ودعم اثيوبيا بالمعونات الفنية وبناء قدرات كوادرها في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والزراعية والطاقة والدبلوماسية من خلال قيام مصر بتدريب هذه الكوادر في القاهرة بواسطة أدوات الدبلوماسية المصرية وفي مقدمتها الصندوق المصري للتعاون مع الدول الافريقية ومعهد الدراسات الدبلوماسية ومركز القاهرة الإقليمي للتدريب علي فض المنازعات وحفظ السلام في افريقيا المعروف باسم CCCPA والذي تدعمه ال U.N.D.P التابعة للأمم المتحدة وكذلك اليابان . وجاء الراحل ميلس زيناوي لزيارة مصر واستبشرنا خيراً في مزيد من تقارب وجهات النظر وتأكيدات المسئولين الأثيوبيين بعدم إلحاق الضرر بحصة مصر في مياه النهر وذهبت مع الصديق الناجح محمد كامل عمرو وزير الخارجية وعقدت اجتماعات اللجنة المشتركة بين البلدين برئاسة وزيري الخارجية والتي رأس الجانب الاثيوبي رئيس الوزراء الحالي الذي كان نائباً لرئيس الوزراء ووزير خارجية اثيوبيا آنذاك. وأجلت أديس أبابا تصديق برلمانها علي اتفاقية "عنتيبي" التي تتحفظ كل من مصر والسودان والكونغو الديمقراطية عليها وتم تشكيل لجنة ثلاثية لمعرفة آثار سد النهضة الاثيوبي المزمع تشييده علي دول المصب مصر والسودان وفقاً لمبدأ لا ضرر ولا ضرار وأن يتم تنفيذ المشروع في إطار القانون الدولي النهري واتفاقية 1959 وبموجب الضوابط القانونية لإنشاء السدود علي الأنهار الدولية فإنه ووفقاً لرأي الدكتور محمد شوقي عبدالعال أستاذ القانون الدولي فإنه إذا كان لكل دولة من الدول المشاطئة لنهر دولي واحد الحق في استغلال مياهه فإن ذلك محكوم بالضرورة القانونية لهذا النهر بحيث لا يترتب علي هذا الاستغلال - ومنه بناء السدود - ضرر جسيم يلحق بباقي الدول "أي بمصر والسودان" ولذلك فإن القانون الدولي النهري وضوابطه مع مصر والسودان تماماً وذلك من خلال الاتصالات المباشرة والحوار بين مصر والسودان واثيوبيا في مناخ المفترض أنه إيجابي تحكمه مبادئ الأخوة والجيرة والمصالح المشتركة للشعوب الثلاثة.. المهم أن حصة مصر البالغة للأسف فقط 55 ملياراً برغم زيادة سكانها إلي 90 مليون نسمة نجد أن الخبراء يحذرون من أن بناء اثيوبيا لسد النهضة سوف يؤثر علي حصتها ويحرمها بمقدار 12 مليار متر مكعب تمثل 23% من حصة مصر الشرب من مياه النيل باعتبار أن خطوة اثيوبيا المفاجئة والتي لا تتفق مع مناخ الصداقة الإيجابي الحالي بإعلانها رسمياً منذ 48 ساعة بدء العمل في تحويل مجري النيل الأزرق المسئول عن تدفق 85% من المياه لمصر.. ومع أن مصر دولة كبيرة وشعبها لا يستهان به ولا يمكن فرض أمر واقع عليها وعلي شعبها وهي قادرة كما قال سفيرنا في أديس أبابا الدكتور محمد إدريس علي الحفاظ علي مصالح شعبها مشيراً إلي أن اثيوبيا أعلنت وأكدت مراراً أنها تدرك تماماً المصالح المائية لمصر وأنها أي اثيوبيا لن تقدم علي المساس بها.. وقال إدريس نحن نتمسك بهذا الالتزام الاثيوبي ووضعه موضع التنفيذ الفعلي وأن خطوة تحويل مجري النهر رغم أنها صدمت مشاعر المصريين فإنها لا تعني قطع المياه..!! وهي خطوة فنية مؤجلة من العام الماضي والقضية الأساسية هي قضية السد ذاته.. ما هذا الكلام يا سيادة السفير يعني ايه..؟؟ إذا كانت مصر دولة كبيرة وشعبها كبيراً وهذا طبيعي ولا مزايدة عليه كما أنها أي مصر لا تقبل المساس بحصتها من المياه سواء كان ذلك وفقاً للالتزام الأثيوبي من عدمه لأن المياه مسألة حياة أو موت ونحن كما نريد الخير لاثيوبيا ولشعبها الطبيعي أن تبادلنا الحكومة الاثيوبية هذه الرغبة في إطار مناخ الصداقة وبالتشاور والتنسيق المستمر بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا لا أن تقوم اثيوبيا بهذه الخطوة التي تتسم بالغدر فضلاً عن أن مصر ليست ضد أي مشروع تنموي في أي دولة شريطة عدم التأثير علي حصتنا والتي نحن بحاجة لمضاعفتها في ظل ارتفاع عدد السكان في مصر والسودان وأزمة الطاقة.. المهم الآن ليس البكاء علي اللبن المسكوب.. المهم هو كيفية إدارة هذه الأزمة التي وضعنا فيها عجز الحكومات المتتالية في مصر والتصريحات المتضاربة لوزير الري الحالي والتي أكدت منذ أسبوع واحد فقط أنه لا ضرر علي مصر من بناء سد النهضة!! ايضا ومن غدر القرار الاثيوبي واستخدام سياسة "التنويم المغناطيسي" تم وضعنا "مصر والسودان" أمام الأمر الواقع وكذلك جليطة بعض الأقلام الصحفية الاثيوبية وتصدر الموقف للشعب الاثيوبي الصديق أن هناك حرباً ضد مصر وأن مصر لا تريد الخير لهم وهو أمر كاذب وتكتب ضد حق مصر التاريخي والأصيل والذي يسانده القانون الدولي النهري واتفاقية 1959 والقول بأن اثيوبيا هي "أبوالنيل" وهذه التعبيرات التي ليس لها أي أساس وأقلامنا تعف عن الرد عليها فقط نقول لهؤلاء إن هيردوت هو الذي قال إن مصر.. هي هبة النيل والمهم هو كيف الخروج من الأزمة؟؟ وبإذن الله سنجد حلولاً وسيناريوهات كثيرة للتعامل مع الأزمة وأؤيد ما قاله الصديق السفير علاء الحديدي المتحدث الرسمي لمجلس الوزراء المصري والتي تبدأ بالاتصالات المباشرة ثم اللجوء إلي الجهات الإقليمية والأجنبية والدولية والتخاطب مع أطراف أخري وصولاً إلي إجراءات عديدة أخري وأتمني من كل قلبي إلا تصل إلي خيارات بديلة للخيارات والسيناريوهات الدبلوماسية وذلك بلا نعرة كذابة أو هواجس قديمة غير حقيقية أو عقد معينة ليس لمصر ذنب لها لدي الجانب الاثيوبي ودول أخري من دول المنبع.