أطلت أزمة مياه النيل بوجهها من جديد باعلان جنوب السودان اعتراضها علي اتفاقية1959 التي تقسم مياه النهر بين مصر والسودان, وتحذير وزير الري المصري الأسبق نصر علام من أن سد النهضة الاثيوبي سيخفض حصة مصر بنسبة18% ويؤدي الي بوار مليوني فدان وعجزفي انتاج الكهرباء. بول مايوم وزير الري بجنوب السودان قال ان بلاده لا تعترف باتفاقية1959 لأنه تم توقيعها وهي تحت سيطرة الخرطوم وانها في طريقها للتوقيع علي اتفاقية عنتيبي التي رفضتها مصر والسودان لأنها تعيد توزيع حصص مياه النهر وتلغي مكتسباتهما التاريخية وشرط موافقتهما المسبقة علي أي مشروع يقام علي النيل أو فروعه أو روافده وفقا للاتفاقيات الموقعة في العهد الاستعماري. ونصح الوزير البلدين بالانضمام للاتفاقية لأنهما أقلية في مواجهة دول المنابع الثماني. كما أكد أن استكمال حفر قناة جونقلي ليس من أولويات حكومته بعد طلب القاهرة أكثر من مرة استكمال الحفرالذي أوقفته حرب الجنوب عام1983 بعد الانتهاء من75% من القناة التي تربط بين بحر الجبل والنيل الأبيض ونهر السوباط لتوفير تسعة مليارات متر مكعب من المياه الضائعة في المستنقعات للمصريين والسودانيين. الغريب أن تصريحات الوزير صدرت بعد ساعات قليلة من زيارة رئيس الوزراء هشام قنديل لجوبا وتوقيعه مع رياك مشار نائب الرئيس الجنوبي مذكرة تفاهم بشأن التعليم والصحة والزراعة والاستثمار ورغم تقديم القاهرة منحة لبلاده قيمتها26.4 مليون دولار لتنفيذ مشروعات في مجالات الكهرباء ومياه الشرب والمواني النهرية مما جعل المرء يتساءل:اذا كان هذا هوعائد ما تنفقه مصر من اللحم الحيلمساعدة شعب الجنوب واذا كانوا يصرون علي عدم استكمال قناة جونقلي وسينضمون لاتفاقية عنتيبي التي تضر بمصالح شمال السودان ومصر, وليس من المنتظر أن يعطوا الشركات المصرية نصيبا معقولا من مشروعات اعادة الاعمار,وهي بمليارات الدولارات, فلماذا لا نوفر أموالنا لتلبية احتياجات المصريين اليومية الملحة مثل الخبز والسولار والغاز والبوتاجاز, وعندئذ سيسري علي جنوب السودان ما يسري علي دول المنابع الأخري: فاما أن ننجح في الزامهم بأحكام القانون الدولي المنظمة لادارة مياه الأنهار المشتركة أوننزل علي رغبتهم وننضم الي عنتيبي بأقل الخسائر الممكنة؟. وما ينطبق علي جنوب السودان ينطبق علي دول المنابع الأخري التي نقدم لها مساعدات وتصرعلي حرماننا من حقوقنا التاريخية في مياه النهر الوحيد الذي يمر بأراضينا. وأذكر هنا كمثال أوغندا التي سندفع لها قريبا مليوني دولار لتمويل انشاء عدد من سدود تجميع مياه الأمطار ومشروعات تنموية صغيرة لسكان المناطق المحرومة بمقتضي بروتوكول تم توقيعه عام2010 يتكلف4.5 مليون دولار. أما سد النهضة الذي أقلق المصريين وأكدت اثيوبيا أنها لن تتراجع عنه فيقول خبراء انه سيؤدي الي نقص في حصة مصر من مياه النيل(55.5 مليار متر مكعب سنويا) بما يتراوح بين9 و12 مليار متر مكعب في السنة مما يجبرها علي العدول عن استصلاح أراض صحراوية وعلي انفاق أموال طائلة لتحلية مياه البحر لسد العجز ويؤدي الي انخفاض في انتاج كهرباء السد العالي يتراوح بين20% و40%. تبلغ سعته التخزينية63 مليار متر مكعب أي ما يعادل ما يضخه النيل الأزرق في النيل من مياه خلال عام تقريبا, وكلما قلت فترة ملء بحيرته البالغ مساحتها1680 كيلومترا مربعا أضر بمصر والسودان أكثر. وتصر اثيوبيا علي بنائه حتي قبل أن تنتهي اللجنة الثلاثية من تقييم أضراره رغم أن اتفاقية1902 الموقعة بينها وبين بريطانيا التي كانت تحتل مصر والسودان وقتها تنص علي عدم اقامة أي مشروعات أو سدود علي النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو نهر السوباط دون موافقة بقية دول الحوض. واذا كانت أديس أبابا لا تعترف بهذه الاتفاقية بدعوي أنها موقعة في العهد الاستعماري فلماذا تخالف اتفاقية وقعتها مع مصر بكامل ارادتها وهي مستقلة عام1992 وتنص علي ألا تضر أي دولة بالأخري وأن تتم مناقشة استخدامات مياه النيل طبقا لقواعد القانون الدولي؟. لمزيد من مقالات عطيه عيسوى