في الوقت الذي دخلت فيه الأزمة السورية عامها الثالث. مازال الميدان العسكري يراوح مكانه في ظل حسابات معقدة للغرب في تسليحها لمقاتلي المعارضة السورية.. وعلي الرغم من الموقف الأمريكي المعلن بمعارضة تسليح الثوار السوريين. والحظر الأوروبي لتصدير الأسلحة إلي سوريا. يتوالي الكشف عن ازدياد تدفق الأسلحة لمقاتلي المعارضة تحت إشراف وكالة المخابرات المركزية "سي اي ايه" بل وتدريبهم في معسكرات غربية في الأردن.. وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن المخابرات الأمريكية ساعدت في شراء الأسلحة والمساعدة في توزيعها علي مجموعات مختارة من مقاتلي المعارضة السورية في الآونة الأخيرة.. وأضافت الصحيفة إن مسئولي "سي آي ايه" ساعدوا. من مكاتب سرية. دولا عربية في شراء الأسلحة. وقامت بمراجعة مسئولين ومجموعات قيادية بهدف اختيار الجهة التي ستستلم هذه الأسلحة عند وصولها إلي سوريا عبر تركيا والأردن. لافتة إلي أن نقل الأسلحة جوا للمعارضة السورية بدأ في وقت مبكر العام الماضي. وتزايد بشكل كبير في أواخر ديسمبر الماضي. ولتفسير هذا الدور السري للمخابرات الأمريكية. يقول مسئول أمريكي سابق إن واشنطن تشارك بهذه العملية لأنها مقتنعة بأن دولا أخري ستسلح المعارضة السورية في جميع الأحوال. وأن مشاركة "سي آي ايه" تعطي الولاياتالمتحدة درجة من السيطرة علي عملية التسليح وضمان عدم وصول أسلحة إلي ما تسميها واشنطن المجموعات الإرهابية التي تقاتل ضد قوات الأسد مثل جماعة النصرة التي تصنفها الإدارة الأمريكية كمنظمة إرهابية.. كما أكدت تقارير غريبة متطابقة أن الولاياتالمتحدة تشرف علي تدريب مجموعات من مقاتلي المعارضة السورية. علي يد مدربين أمريكيين وبريطانيين وفرنسيين. في الأردن.. وقالت مجلة "دير شبيجل" الألمانية الأسبوعية إن برنامج التدريبات. يهدف إلي تشكيل وحدة قوامها نحو 10 آلاف مقاتل. لاتضم أي عناصر قتالية متشددة.. وتقول الحقائق علي الأرض. إن الاتجاه في سوريا يتحول ضد الأسد في النزاع المستمر منذ أكثر من سنتين. ومن المرجح أن يميل ميزان القوي بمرور الوقت إلي مقاتلي الأخير للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره لندن. وربما يدعم هذا الرأي رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر العميد سليم إدريس الذي أكد قدرة الثوار علي الإطاحة بنظام الأسد خلال شهر في حصولهم علي الأسلحة والذخيرة بشكل مباشر من الدول الغربية.. غير أن الدعم العسكري للمعارضة السورية يبدو خجولا مقارنة بالأسلحة القوية والمتطورة التي تقدمها إيران وروسيا للأسد منذ بداية الثورة. الأمر الذي دفع وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس للاعتراف بوجود خلل في التوازن بين قوات الأسد والمعارضة. ومن بين الحجج الغربية المعروفة لعدم تسليح الثوار السوريين: وهي إيجاد حل سياسي أو عدم عسكرة الأزمة السورية أو قوع الأسلحة في أيدي من لايراد لها. يبدو السبب الأخير هو الأقوي. بالنظر إلي خوف الغرب والأمريكيين علي أمن إسرائيل الذي يقول عنه الرئيس الأمريكي باراك أوباما إنه أمر مقدس.. ويقدم قائد أركان الجيش الإسرائيلي بني غانتز تفسيراً غير مباشرا لتزايد وتيرة المساعدات العسكرية من جانب الولاياتالمتحدة والغرب لمجموعات مختارة من الثوار السوريين. بقوله إن "المنظمات الإرهابية" التي تقاتل إلي جانب المعارضة السورية تعزز وجودها علي الأرض وإنها تحارب الآن ضد الأسد وقد تتحول ضد الإسرائيليين مستقبلا.. وشددت مصادر عسكرية إسرائيلية أخري علي ضرورة الإسرائيليين مستقبلا.. وشددت مصادر عسكرية إسرائيلية أخري علي ضرورة تعزيز الرقابة علي شحنات الأسلحة التي يتم إرسالها إلي المعارضة السورية.. كما يشير محللون إلي مخاوف واشنطن من تكرار السيناريو الأفغاني. الذي اعقب الحرب ضد الاتحاد السوفيتي السابق عندما منحت المخابرات الأمريكية صواريخ ستينجر المضادة للصواريخ للمجاهدين الأفغان لمساعدتهم في إسقاط طائرات هليكوبتر سوفيتية في الحرب التي بدأت عام 1979 ودامت تسع سنوات.. هي إذن كلها حقائق. يتبين منها أن الغرب يؤجل قرار الاطاحة بالأسد إلي حين ترتيب الأوراق علي الأرض في سوريا. بما يضمن تعزيز قوة المقاتلين المعارضين الذين يطمئن إليهم الغرب. في مقابل إضعاف ثم القضاء علي الجماعات المسلحة التي يصفها الأمريكيون بالمتطرفة. بما يضمن في نهاية الأمر عدم تهديد أمن إسرائيل بعد سقوط الأسد...