تعليقا علي ما نشر يوم أمس بشأن أهمية تأسيس آلية لتمويل المشروعات متناهية الصغر والنهوض بمستويات الفقراء الذين يتزايد عددهم في مصر الآن. قال لي العالم الكبير الدكتور نادر نور الدين المتخصص في الشئون الزراعية انه لا يوجد حتي الآن في مصر جهة تمول هذه المشروعات الصغيرة أو متناهية الصغر. قال: أتفق تماما في الدعوة إلي وجود آلية لتمويل هذه المشروعات بخاصة في الزراعة حيث ان 50% من الملاك لديهم أقل من فدان في ظل تصنيف الملكية و75% لديهم أكثر من ثلاثة أفدنة.. وهذه الملكيات الصغيرة لا تستطيع الحصول علي التمويل بسهولة من بنك التسليف الذي أطلق عليه مؤخرا في السنوات الأخيرة بنك التنمية والائتمان الزراعي والذي لا يقوم بالمهمة ولا يستطيع بسبب عدم وجود سياسة واضحة. وقلت للدكتور نادر نور الدين ان بنك التسليف أو بنك ناصر سقطا في مصيدة العمل كبنوك تجارية خالصة مثل سائر البنوك الأخري ولم يحقق لهما النجاح فلا هو حقق نجاحا كبنك تجاري.. ولا هو قام بالمهمة الذي انشأ من أجلها وضرورة التعامل مع فئات لا تستطيع التعامل مع البنوك التجارية وربما لا تدخلها وقضية الفقر في مصر ترجع بقدر كبير إلي اهمال الفقراء وتمويل مشروعاتهم الصغيرة ومتناهية الصغر حتي لا يعتمد هؤلاء علي الدولة في كل شيء ويتحول الدعم السلعي والخدمي إلي نوع من الاذلال لهذه الفئات بينما لو نجحت الدولة في تمهيد الطريق لهم لكسب أرزاقهم بكرامة وانسانية ومن خلال تمويل ومساندة لن يحتاج هؤلاء إلي هذا الدعم الذي لا تتوقف الحكومة وكل حكومات مصر السابقة عن اذلال الفقراء بأرقامه المتضاربة وقد تذكرت ما كان يفكر فيه المرحوم الدكتور بهاء حلمي رئيس بنك مصر الذي لم تمهله الظروف والقدر لتنفيذ هذه الفكرة. فقد قال لي انه يفكر أن يقدم قرضا صغيرا من بنك مصر لمن يطلبه وفي حدود ألفين من الجنيهات وربما يصل إلي ثلاثة آلاف دون ضمانات وتعقيدات وبالبطاقة الشخصية. وقال انه يتألم لما يقرأه علي صفحات الصحف ان شخصا يقتل آخر من أجل عشرة جنيهات أو خمسين جنيها. وقال ان هذه الفكرة ربما تحقق خسارة لبنك مصر ولكن هذا هو دور البنوك في علاج الفقر في قاع المجتمع وربما يكون المبلغ الذي يخسره البنك هو حماية للمجتمع وقطاع عريض من أفراده من السقوط والذل والانكسار. وقال لي عليه رحمة الله ان الفقراء لديهم الشعور بالمحافظة علي كرامتهم وسمعتهم وان نسبة السداد في مثل هذا القرض ستكون أكثر من 90%.. وكلما سدد العميل ما عليه خلال عام مثلا سنعطيه قرضا جديدا يستطيع أن يدبر شئونه أو يقيم مشروعه الصغير ولو حدث هذا سيتحول المجتمع إلي خلية انتاج وعمل.. فالمصري لديه من الكرامة والاحترام لنفسه ما يحقق له هذا الالتزام بسداد ما عليه واستطرد عليه رحمة الله: قد يري البعض انها فكرة مجنونة ولكني أتحمل نتائجها وستكون بداية لإنقاذ الفقراء وانتشالهم من حالة البؤس والقهر والحرمان بمساندة من بنك مصر الذي يجب أن يضحي من أجل شعب مصر بجزء من أرباحه.. تذكرت وقلت عليه رحمة الله ولا تزال الفكرة مطروحة للنقاش. كلمات لها معني: ان أعلمك الصيد خير من أن أطعمك السمك مثل صيني