تدعيم قدرات الفقراء علي العمل والكسب الحلال هو أفضل من انتظارهم للدعم السلفي أو الخدمي الذي أصبح وسيلة لإهانة الفقراء. الفقراء لديهم من القدرة والمسئولية علي العمل وكسب أرزاقهم ولكن يحتاجون إلي الرعاية وهذه مسئولية الدولة. ولا يوجد في مصر بنك للفقراء وهي كانت تحتاج ذلك ولا يوجد من البنوك العاملة من يقدم التمويل لهم وتعثرت محاولات قامت بها بعض البنوك في التمويل متناهي الصغر. وعلاج الفقر ومساندة الفقراء لن يتم بالدعم السلعي أو الخدمي ولكن بدعم القدرات ومساندتهم علي كسب أرزاقهم في عام 1996 التقيت مع الدكتور محمد يونس مؤسس بنك جرامين في بنجلاديش وهو بنك للفقراء وجرامين تعني بنك القرية وكان هذا اللقاء خلال مؤتمر في جزيرة قبرص التركية في مؤتمر للبنوك الإسلامية ودورها في مواجهة مشكلة الفقر في المجتمعات التي تعمل بها. الدكتور محمد يونس أسس بنك جرامين "القرية" وحققت الفكرة نجاحاً ملحوظاً.. من خلال تمويل مشروعات الفقراء متناهية الصغر والتي بلغت نسبة السداد فيها أكثر من 99%. وكانت هذه الفكرة العظيمة وراء حصول الدكتور محمد يونس فيما بعد عام 2006 جائزة نوبل للسلام.. وإذا كانت فكرة بنك الفقراء في مصر قد تعثرت فإن الأمر سيظل مطروحاً كيف تستطيع البنوك استحداث نظام لتمويل المشروعات متناهية الصغر. ووفق فكرة بنك جرامين فإنه يقدم مبالغ صغيرة في حدود ما يعادل 50 و100 دولار لتمويل فكرة مشروع يقدمها المستفيد أو تعرض أفكار من خلال البنك علي هؤلاء ونسبة السداد للقروض متناهية الصغر في بنجلاديش وحتي في مصر عندما تقدمها بعض البنوك علي استحياء خلال السنوات العشر الماضية تصل إلي أكثر من 99%. ولكن للأسف تعثرت الفكرة فالعمل في المشروعات متناهية الصغر يحتاج إلي فكر مصرفي مختلف ومسئولية وأعباء تعامل مع أشخاص لم يسبق لهم التعامل مع البنوك وليس لهم دراية بالعمل المصرفي. وبنك جرامين يطلق عليه بنك القرية حيث انطلق في القري الفقيرة وهو يختلف عن بنوك القري في مصر التابع للبنك الرئيسي للائتمان الزراعي التي تضع قيودا وفائدة علي القروض تدفع بالمقترضين إلي السجون وقد تكون المفاجأة في حديث الدكتور محمد يونس مؤسس بنك الفقراء في بنجلاديش انه قال ونسي إنه استلهم هذه الفكرة من تجربة في مصر هي بنك ناصر الاجتماعي. وشعرت بالصدمة.. بنك ناصر أين هو الآن.. وماذا يقدم للفقراء وهل يمكن تعديل مساره ليصبح بنكاً للفقراء أسوة بما يتم في التمويل المتناهي للفقراء في دول عديدة؟ ولعل أهم ملحوظة في تمويل الفقراء في المشروعات متناهية الصغر في مصر أو في بنجلاديش أن نسبة التعثر محدودة والسداد يصل إلي 99%. وكما قال لي الدكتور محمد يونس إن الفقراء لديهم ما يحافظون عليه وهي كرامتهم ولا يتهربون من السداد وهم يحتاجون فقط إلي الطريق الذي يفتح لهم طاقات العمل والأمل. فهل يصلح بنك ناصر ليكون ويعود بنكاً للفقراء في مصر وفق إدارة جديدة وسياسة جديدة سترفع عن كاهل الدولة الكثير من الأعباء والتصريحات التي تتهم الفقراء بأنهم عالة علي المجتمع.