اشتعلت حدة المنافسة بين البنوك وبعضها البعض في الآونة الأخيرة حول اقتناص جزء من كعكة الاقراض المتناهي الصغر حيث سارعت بنوك كثيرة في تخصيص محافظ لدعم هذا القطاع وأخري بدأت في إنشاء شركات متخصصة لدعم هذا القطاع في مقدمتها بنوك القطاع العام وبعض البنوك الأجنبية إلا أن أسئلة كثيرة مازالت تطرح نفسها حول مدي مصداقية هذه الحملات التي تقودها البنوك وهل هي حقيقة أم مجرد دعاية؟ وهل يستطيع هذا القطاع بناء اقتصاد مصر خلال السنوات القادمة علي غرار دول كثيرة راهنت علي هذا القطاع مثل الهند ودول أخري مازالت في طريقها مثل السودان وأفغانستان؟؟ تساؤلات كثيرة وجهها "الأسبوعي" للخبراء ورصد ردود أفعالهم حول الخطوات التي تبنتها البنوك يذكر أن الغالبية العظمي من المقترضين الذين يحصلون علي التمويل المتناهي الصغر تكون من أصحاب الأعمال الحرة أو ممن يمتلكون مشروعا تجاريا عائليا صغيرا، والعديد منهم من النساء، إنهم يمثلون الأساس الذي يقوم عليه القطاع الاقتصادي والمحرك الذي يدفع النمو الاقتصادي ويوفر فرص العمل في الكثير من الدول النامية. ومعظم قروض التمويل المتناهي الصغر قروض قصيرة الأجل وعادة ما تكون فترة سدادها تقل عن العام الواحد، وغالبا ما تنتمي إلي "الاقتصاد غير الرسمي" للدولة الذي لا يستطيع أفراده نظرا لظروف شخصية أو مالية الحصول علي قروض من البنوك العادية. وفي الوقت الحالي تدعم حكومة الولاياتالمتحدة برامج التمويل المتناهي الصغر في العراق وأفغانستان والسودان وأكثر من 60 دولة أخري في جميع أرجاء العالم. وهذه البرامج تعزز المؤسسات المالية وتنشيء قطاعا ماليا يضمن أن الفقراء من الشعب ستتاح لهم فرصة الحصول علي القروض لكي يتمكنوا من إقامة المشروعات التجارية أو تنميته، وأن يدخروا ما يعينهم علي تعليم أبنائهم، أو توفير ما تحتاج إليه الأسرة للرعاية الطبية. من جانبه يقول أحمد سليم الخبير المصرفي بالبنك العربي الافريقي إن الاقراض المتناهي الصغر يعد نوعا من التمويل السهل الممتنع إذ إنه يتطلب كوادر وإدارات متخصصة لاختراق هذا القطاع وتحقيق النجاح في تقديم الدعم المادي له نظرا لصعوبة وضع تعريف ثابت ومتفق عليه لهذا القطاع فضلا عن ضرورة تحقيق الانتشار الجغرافي للبنوك التي ستقدم التمويل للقطاع. هدف تجاري من جانبه يقول الدكتور محمد يوسف الخبير المصرفي إن البنوك أمامها فرصة حقيقية لتنمية هذا القطاع بعد أن تحولت المؤسسات التي كانت تدعم هذا القطاع من دورها الاجتماعي إلي هدف تجاري بحت حيث تحولت مؤسسات تمويل الاقراض المتناهي الصغر بمصر في الآونة الأخيرة من شركات أهدافها اجتماعية ومساعدة الفقراء إلي شركات ربحية، بل أصبحت حاليا مثل "المرابي" في كثير من الأحيان نظرا لارتفاع فوائدها بصورة كبيرة وعدم الاعتماد علي فكرة نجاح المشروع حيث إن إتاحة قروض صغيرة جدا بأسعار فائدة مرتفعة تتراوح بين 30% و50% تمثل ربا فاحشا ومزاولة لأعمال البنوك في الوقت نفسه وكلاهما مرفوض. ويوضح أن تحديد سعر الفائدة علي القروض هو أمر يخضع للعرض والطلب وللسياسة النقدية، وهو عمل من أعمال البنوك ينظمه البنك المركزي، ويشير في هذا الصدد إلي أن القانون قد حدد جهة الرقابة علي نشاط الاقراض وبالتالي ليس لأي جهة أو وزارة أخري القيام بذلك، ويأتي ذلك في إطار حماية صغار المقترضين الذين لا يملكون من أمرهم شيئا، بالإضافة إلي توجيه حصيلة القروض إلي نشاطات تخدم المجتمع مما يستوجب حتمية وجود أكثر من جهة رقابية لهذه الأنشطة. وتابع قائلا: إن سعر الفائدة المطبق يتحدد من خلال البنوك وبناء علي مؤشرات محددة للاقراض والاقتراض، وهي من صميم اختصاص السياسة النقدية، لأن هذا النشاط منافس للبنوك وقد يؤدي إلي حبس الأموال في البنوك دون تشغيلها أو توظيفها مما يعظم من الخطر علي الاقتصاد القومي بصفة عامة.