هل أصبحت النجومية استعراضا للعضلات و"فشخرة" كاذبة هدفها الوجاهة والاستعراض؟ هل أصبح الاعتداء علي الجمهور هو الجزاء والمقابل الذي يرد به النجم علي عشاقه ومحبيه، الذين دفعوا "دم قلبهم"من أجل حضور حفله وتشجيعه، وبدلا من أن يكون جزاؤهم الشكر والعرفان، يتلقون "علقة ساخنة" لأنهم تجرأوا واقتربوا من نجمهم كي يصافحوه أو يسلموا عليه؟!! حيث ازدادت مؤخرا حوادث اعتداء البودي جاردات أو بمعنى أدق "البلطجية" المصاحبين للمطربين علي الجمهور، بحيث لم تعد حالات فردية، بل أصبحت ظاهرة وموضة سيئة لم تكن موجودة من قبل. وعلى الرغم من أن نجوم الزمن الجميل كانوا الأكثر شهرة وجماهيرية ونجومية، إلا أننا لم نسمع أبدا عن قيام الحرس الخاص بالعندليب عبد الحليم حافظ أو الأسطورة أم كلثوم مثلا، بالاعتداء علي جمهورهم الذي لا حصر له. ولكن نجوم اليوم، يختلفون عن نجوم الأمس، فقد شهدت حديقة "أنطونيادس" في الإسكندرية، يوم الخميس مهزلة بكل المقاييس، وذلك بعدما كاد شاب في العشرينيات من عمره يلقى حتفه، بعد الاعتداء الوحشي الذي تعرض له من قبل الحراس الشخصيين المصاحبين للفنان تامر حسني. ترجع أحداث الواقعة، عندما كان الشاب يحضر الحفل الغنائي الأخير لتامر حسني بالإسكندرية، وحاول الشاب العاشق الولهان أن يخترق الحاجز الأمني الذي صنعه بودي جاردات تامر، الذين تعدوا ال200 "بودي جارد"، قبل أن يمسكوا به ويطرحوه أرضا، ويضربونه في أنحاء متفرقة من جسده، حتى تقطعت ملابسه تماما، وأصيب بعدد من الكدمات والجروح. وعندما لاحظ تامر حسني وجود حالة من الهرج على الجانب الأيمن من خشبة المسرح، توقف عن الغناء، وطلب من الحراس ترك الشاب ليصعد، وبعد محاولات منه ليتركوه، رفعه الحراس إلى المسرح وهو فاقد للوعي تماما. وحفظا لماء الوجه، اعتذر تامر للشاب عما حدث، ووعده بمحاسبة البودي جاردات، وطلب من مساعده محمد فؤاد الذهاب به إلى المستشفي لإجراء فحوصات طبية عليه، وشراء ملابس جديدة له، بدلا من تلك التي تمزقت. تلك المهزلة التي أصبحت تميز حفلات تامر حسني التي نادرا ما تخلو من أزمة، سواء داخل مصر أو خارجها، لعل آخرها حفل مدينة المنصورة وحوادث التحرش الجنسي التي أدت لإلغائه، الأمر الذي جعل تامر يؤكد أنه قرر الاستعانة بالبودي جاردات لتنظيم الحفل، ومنع الفتيات من الاقتراب منه حتى لا يقال إنه يقوم باستئجار الفتيات من أجل تمثيل الإغماء أو احتضانه. وليست حوادث اعتداء البودي جاردات أو "البلطجية" مصاحبة لحفلات تامر حسني فحسب، ولكنها ترافق معظم المطربين والمطربات، وآخر تلك الحوادث ما حدث في افتتاح فيلم "بحر النجوم" عندما أفسد الحراس الشخصيون المرافقون للنجمة اللبنانية هيفاء وهبي، أجواء الافتتاح، بعد أن تسببوا في حدوث مشاجرات مع الصحافيين والجمهور الغفير، الذي التف حولها في المجمع التجاري "سيتي ستارز" بالقاهرة في أثناء حضورها العرض الخاص للفيلم، وكذلك عندما كانت هيفاء تجري عددا من المقابلات الإعلامية. وأدى سوء التنظيم إلى حالة من الهرج والمرج، دفعت الحراس السبعة الأشداء المصاحبين للنجمة اللبنانية إلى التصرف بفظاظة مع الحاضرين، وصلت إلى تبادل اللكمات مع عدد من الحاضرين والإعلاميين الذين كانوا يحاولون الحصول على تصريح من النجمة. أما النجمة أليسا، فكان لها نصيب هي الأخرى، حيث قام عدد من البودي جاردات المصاحبين للنجمة، بالاعتداء علي أحد المصورين الصحفيين، وهو ما أدى إلى قرار من نقابة الصحفيين اللبنانيين بمقاطعة أليسا التي سرعان ما قامت بالاعتذار علانية للصحفي عما حدث. تلك الحوادث جعلتني أقارن بين موقف هؤلاء النجوم وموقف شاهدته بنفسي عندما حضرت حفل الفنان عمرو دياب في مهرجان ليالي فبراير الأخير بالكويت، عندما قام الحراس المنظمون للحفل بالاعتداء على أحد المعاقين الذي كان يحاول الاقتراب من دياب، لمنحه وردة هدية، فما كان من دياب إلا أن توقف عن الغناء صارخا ومطالبا الحرس بالتوقف قائلا: "هم عايزين يخسروني جمهوري". وقام باحتضان المعاق، وتقبيل رأسه، معتذرا عما حدث من الحرس الذي لقنه دياب درسا في فنون التنظيم، مؤكدا له أنه يغني في الكويت قبل أن يولد ويعرف جيدا إجراءات التنظيم ولن يسمح لأحد بالاعتداء علي جمهوره.