القاهرة : - تتباين أساليب عدد كبير من المصريين في دعم الشعب السوري بفعل الأوضاع الراهنة على الساحة السورية، ويسعون إلى تخفيف معاناتهم بشتى السبل. وفيما يقوم غالبية المصريين بجمع معونات مالية وإنسانية لإرسالها إلى سوريا، ويرى آخرون ضرورة الذهاب إلى الأراضي السورية للقتال، غير أن داعية إسلامي بارز اقترح نُصرة القضية السورية بطريقة أخرى هي الزواج. وقال الداعية الإسلامي الشيخ خالد عبد الله، على حساب منسوب له بموقع التواصل الاجتماعي (تويتر) "إنه قرر الزواج من سوريتين نصرة لقضيتهم". وأضاف عبد الله "قررت بعد سؤالي لشيوخنا الأفاضل حفظهم الله أن أتزوج سوريتين (اثنتين) نصرة لقضية سوريا"، دعياً الشباب المصري إلى الزواج من السوريات اللاتي وفدن إلى مصر بسبب الأوضاع المتردية في سوريا، قائلاً "انصروا إخوانكم السوريين وتزوجوا السوريات اللاجئات نصرة للقضية السورية". وتسببت الأوضاع المتردية التي تعانيها سوريا منذ 15 مارس/آذار 2011 والتي تشهد اشتباكات دامية بين القوات النظامية وعناصر مسلحة في نزوح أعداد غير معلومة من السوريين إلى عدد من الدول ومن بينها مصر حيث تتواجد عائلات سورية مقيمة منذ عدة أشهر. من جهة ثانية يتحدث لاجئون سوريون في مدينة بنغازي الليبية عن ظاهرة بدأت في الانتشار في ثاني أكبر المدن الليبية، تتمثل في قيام ليببين بطرق أبواب عائلات سورية للبحث عن فتيات صغيرات للزواج منهن. جاء أحمد الأطرش وعائلته من ريف دمشق إلى بنغازي في شهر يونيه/حزيران. معاناة أحمد تتلخص في ظروف مادية صعبة، غير أن الأصعب على حد قوله هو ما تعرضت ولا تزال تتعرض له فتيات سوريات لاجئات نتيجة اضطرارهن إلى الزواج من ليبيين لحاجة أهلن إلى المال. أصر أحمد على إجراء لقاء تلفزيوني معنا من دون إخفاء هويته "لفضح" هذه الظاهرة. وقال إنه على يقين أن "أغلب الليبيين لا يرضون باستغلال ظروفنا المادية الصعبة إرضاءا لنزوات شخصية." كان أحمد يعمل مصمما للرسومات الهندسية في سوريا. يعمل اليوم نجارا لكسب قوت يومه ولكي لا يمد يديه بالسؤال. وهو أب لفتاتين صغيرتين. يتحدث أحمد عن تجربة مر بها في شهر أغسطس/آب الماضي، بعد شهرين فقط من نزوحه إلى أحد أحياء بنغازي قادما عن طريق الحدود المصرية هربا من صراع محتدم لا تبدو له نهاية في الأفق في بلاده. "طرق رجل ليبي بابي وعرفني بنفسه وقال إنه يرغب في الزواج من فتاة سورية، وسألني: أتزوجون؟ فنظرت إليه وابتسمت وقلت له عندي ابنة، فابتسم، ثم أكملت: عمرها عامان، فتبدلت ملامح وجهه، وشعر بالحرج، وقلت له: اتق الله لقد جئنا إلى بلدكم طمعا في كرمكم وحمايتكم لا لامتهاننا." يضيف أحمد أن الرجل برر موقفه بأنه يريد أن يحقق لهن "الستر" من خلال عقد قرانه على إحدى اللاجئات السوريات،فيما بات يعرف أخيرا في مخيمات اللاجئين السوريين في بعض الدول باسم "زواج السترة". لكنه يرفض هذا الوصف. "إنه زواج متعة. هل يخدعوننا أم يخدعون أنفسهم. العجيب أن ذلك الرجل كان يستشهد بالآيات القرانية والأحاديث النبوية لإقناعي عندما نهرته. نحن جميعا في مجتماتنا نعرف زواج الأصول، وهو أن يأتي من يرغب في الزواج مع أمه أو أبيه لخطبة فتاة من أهلها، وليس بهذه الطريقة المشينة عن طريق طرق أبواب المستضعفين ليزيدوا من معاناتهم النفسية. ألا يكفي تهجيرنا عن ديارنا." يعيش اللاجئون السوريون في مناطق متفرقة في ليبيا، لا توجد مخيمات لهم كما لا يوجد برنامج حكومي منظم لإيوائهم، ولا توجد إحصاءات ليبية رسمية حول عدد اللاجئين السوريين في البلاد، لكن ناشطين سوريين رفضوا كشف النقاب عن هويتهم قالوا لبي بي سي إن هناك ما يقرب من ألف سوري وسورية في بنغازي. ويقول أحمد إن ما يعرف باسم اتحاد الثورة السورية في بنغازي يتلقى طلبات من ليبيين للزواج من سوريات بغرض السترة عليهن، نظرا لأن الاتحاد يعمل على توثيق وتسجيل اللاجئين السوريين ومعرفة أماكن إقامتهم لإمدادهم بالمساعدات المادية والغذائية. ويرى رجال دين ليبيون الزواج من اللاجئات السوريات أمراً واجباً يشجعه الإسلام لسترهن ولإنقاذهن من الحاجة والعوز. يقول الشيخ أشرف العقربي، إمام وخطيب في أحد المساجد في بنغازي، إنه "لا ضير في زيجات السترة إذا كانت موثقة ومشهرة وبرضا الطرفين، فالزواج إيجاب وقبول." ويضيف أن الأمر قد يعد "واجبا دينيا وأخلاقيا في بعض المواقف، إذا يشعر الرجل بأهمية الوقوف بجانب عائلات اللاجئات السوريات المعوزات لحمايتهن من الرذيلة، فهذا أمر يجب أن نشجعه مادام الرجل ملتزما دينيا، وذا سمعة طيبة. لكن هذا لا يعني أن هناك بعض الرجال من ذوي النفوس الضعيفة الذين يسيئون إلى دينهم لأنهم ينساقون وراء شهواتهم". في مقاهي بنغازي، يكثر الحديث عن وجود مكاتب تعمل سرا على تزويج فتيات سوريات قاصرات وغير قاصرات لقاء مبلغ من المال وبأسعار زهيدة. ويصعب الوصول إلى هذه المكاتب، إن وجدت أصلا، نظرا لأنه يقال إن نشاطها الرئيسي هو العقارات ولكن أصحابها يتخذون تلك المكاتب واجهة للتربح من وراء تزويج لاجئات سوريات. يقول وجدي، وهو شاب ليبي أعزب ويعمل في مطعم للمأكولات البحرية، إنه يفكر جديا بالزواج من فتاة سورية لسببين اثنين. "مهور السوريات أقل بكثير من الليبيات، كما أن الفتاة السورية أكثر جمالا من الليبية." تلك الكلمات تغضب أحمد الأطرش، الذي يقول إنه قرر أن يكسر حاجز الصمت حول ظاهرة "طرق الأبواب" في بنغازي اعتقادا منه أنه بذلك يصون كرامة اللاجئات السوريات. ويضيف غاضبا: " "فتياتنا لسن سبايا أو رقيقا أبيض نحتمي بهن أو نتربح من وراءهن، لقد هربن من اغتصاب شبيحة الطاغية ليفاجأن باغتصاب باسم الدين." المصدر : يو بى اى - بى بى سي