بعد ان ظلت معلقة معلقة بين الحياة والموت 22 يوماً .. رحلت الطفلة حبيبة ضحية اتوبيس المعهد الازهرى عن الحياة .. بينما سائق الاتوبيس المتسبب فى قتلها مايزال ينعم بهذه الحياة . نزع اجهزة التنفس الصناعى جريدة المصرى اليوم نشرت موضوعا مؤثرا للصحفى سامى عبد الراضى ذكر فيه ان الطفلة حبيبة غادرت مستشفى دار الفؤاد منذ 5أيام.. الطفلة الصغيرة 4 سنوات التى دهسها أتوبيس داخل معهد أزهرى فى عين شمس تركت المستشفى.. ونزع عنها الأطباء أجهزة التنفس الصناعى وخراطيم تمدها بالماء والغذاء.. والد حبيبة الذى بقى وزوجته أمام باب المستشفى أسبوعين كاملين غادرا مكانهما.. حبيبة لن تعود إلى حقيبتها أو إلى شقيقتها الصغيرة ولن تعود إلى المعهد الأزهرى الذى وقع به الحادث. شعرة بين الحياة والموت حبيبة لن تذهب خوفا من تكرار الحادث.. ف"قلبها" أصبح أقوى.. وجسدها اعتاد على حوادث إهمال من الآخرين.. حبيبة لن تذهب إلى المعهد.. لا لأنها أخذت قراراً بالابتعاد عن المعهد الأزهرى.. أو البقاء إلى جوار والدتها، خوفا من "الدهس والهرس" أسفل عجلات أتوبيس وسائق طائش.. حبيبة ماتت.. ونزع عنها الأطباء كل الأجهزة التى "تبقى" على "شعرة تربطها بين الحياة والموت".. حبيبة ماتت قبل العيد بأيام قليلة.. وحملها والدها بين يديه.. أخذها من غرفتها إلى الشارع بين يديه.. وهى فى "كفنها" ويقول: "هذه حبيبة.. حبيبة ضحية الإهمال.. حبيبة ضحية الروتين.. حبيبة ماتت".. دموع حنين الأب المكلوم حمل حبيبة الى قريته فى الغربية وسط دموع الأم ونظرات شقيقتها الصغرى "حنين" والتى تسأل ب"نظرات تائهة".. ماذا يحدث.. لماذا يغضب أبى ولماذ تبكى أمى.. وما الذى جعل حبيبة هكذا.. ملفوفة فى رداء أبيض دون حركة.. أسئلة ستأتى إجابتها إلى "حنين" بعد سنوات.. عندما تذهب إلى مدرسة أو معهد أزهرى أو إلى الشارع.. وتجد والدتها تتشبث بها وتتساقط دموعها.. ستعرف "حنين" الإجابات على أسئلتها فى ذلك اليوم.. ستقول الأم: "خللى بالك يا حنين.. قلبى الضعيف لا يتحمل أن تضيعى وتلحقى بشقيقتك حبيبة.. حبيبة داسها أتوبيس داخل معهد أزهرى.. كانت ابنة الأربع سنوات.. عندما سالت دماؤها تحت عجلات الأتوبيس.. وتحطمت الرئة وأجزاء من القفص الصدرى وتورمت العينان والرأس وظلت معلقة بين الحياة والموت ?? يوماً ورحلت عن الحياة". والد حبيبة.. على جابر شاب فى نهاية الثلاثينيات.. يتحدث إليك ب"مرارة" وحزن شديدين.. "أنا بنتى خلاص راحت.. حبيبة ماتت.. تعرف أنى دخت على 7 مستشفيات يوم الحادث.. والكل رفض يستقبل الحالة.. يومها كنت هموت و"أبوس" إيديهم.. البنت بتنزف.. 17 ساعة كاملة وأنا مش عارف أعمل إيه ولا أحطها فى سرير بمستشفى.. ودخلت مستشفى هليوبولس.. ووصلت للدكتور عبدالرحمن شاهين - المتحدث الرسمى لوزارة الصحة - بعد ساعات وقرر نقلها إلى مستشفى دار الفؤاد.. وهناك ظلت حبيبة على الأجهزة دون حركة.. التنفس بالأجهزة.. الماء والطعام بالأجهزة.. أكثر من 20 يوما والحال لم يتغير.. كان من المفترض أن تسافر حبيبة إلى الخارج لتجد "حلاً" أو طريقة تبقيها على قيد الحياة.. وبالمصادفة.. جاء خبير فرنسى إلى القاهرة.. وانتقل إلى مشاهدتها والكشف عليها وشاهد الأشعة والتحاليل وقال: "لا أمل فى أن تبقى على الحياة.. جميع أجهزتها معطلة.. الحالة متأخرة جدا".. لم افقد الامل لا أنكر أن كلام الخبير "هزنى".. لكنى لم أفقد الأمل نهائيا.. قلت إن الاعمار بيد الله.. وإننى سأنتظر حبيبة هنا داخل سيارتى.. لن أغير ملابسى.. ولن أعود إلى المنزل إلا ومعى حبيبة.. انتظرت.. ودعوت الله وتمنيت وحلمت أننى أحتضنها وأعود بها إلى منزلى فى عين شمس.. ولكن الحلم كان شيئاً آخر.. احتضنتها.. وحملتها "جسدا هامدا" إلى مثواها الأخير.. تعمدت أن أحملها بين يدى داخل المستشفى وحتى الوصول إلى سيارتى لتصل رسالة إلى الناس.. رسالة تحذير من الإهمال وغياب الضمير. ازمة الضمير لن تنتهى ويختتم الصحفى سامى عبد الراضى موضوعه الصحفى المؤثر قائلا : أعتقد أن الرسالة لن تصل.. و"أزمة الضمير" ستظل قائمة.. تقتل هذا وتظلم ذاك.. والإهمال لن يتوقف.. يقطع رأس محمد تلميذ إمبابة وهو فى طريقه إلى مدرسته.. الإهمال يدهس التلميذ محمد ناصر داخل مدرسته فى الإسكندرية ليموت على الفور.. سيظل الاهمال مقترنا ب"ضمير مريض" ضمير غائب لن تجده مهما بحثت.. ذهبت حبيبة إلى من هو "أحن" عليها منى ومن مدير المعهد الأزهرى ومن سائق الأتوبيس الذى دهسها.. و"أحن" عليها من قانون يحبس قاتلها.. أو ينهى حياته.. لا فارق.. "حبيبة" بين يدى الله.. هو "أرحم" منا.. هى هناك.. فى أمان.. هى هناك بعيداً عن "أزمات الضمير" و"مرض الإهمال".. هى بين يدى الله بعيداً عن أجهزة تنفس وأجهزة للطعام وطبيب يراقب ويقرر.. هى ترقد فى أمان.. فى أمان بعيدا عن أتوبيس مدرسة يرجع للوراء ويدهسها دون تحذير".