التعتيم هو سمة جار السوء أو صاحب السوء إن رأى خيرا كتمه وإن رأى شرا نشره، وقد أورد السيوطى من حديث عقبة بن عامر أن النبى -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: "اللهمَّ إنِّى أعوذُ بك من يومِ السوءِ، ومن ليلةِ السُّوءِ، ومن ساعةِ السُّوءِ، ومن صاحبِ السُّوءِ، ومن جارِ السُّوءِ فى دارِ المُقامةِ"، أما التعميم فهو صفات الجار الصالح إن رأى خيرا نشره، وإن رأى شرا كتمه، وقدم النصيحة لا الفضيحة، والتصحيح لا التجريح، والكلمات لا الطلقات، وليّن العبارة لا صلد الحجارة، ومنهج التأليف لا رمية المولوتوف، وأحسن الأقوال لا سوء الأفعال، وتقدم مصالح العباد والبلاد على التزييف والترويج للفساد. وكم يؤلم كل حر أن تكون المزاحمة السياسية، والمشاحنات الفكرية، والمخاصمات التاريخية سببا فى إخفاء شمس النهار بإثارة الكثير من الغبار تعتيما على إنجازات الكبار من الأخيار والأحرار ممن لا ندعى لهم عصمة، لكن لهم بصمة تُذكر فتُشكر، وقد رأيت من واجبى عدم تأخير البيان عن وقت الحاجة حيث تأثر الكثير من أبناء مصر فى الداخل والخارج وأحبابها فى كل مكان، ومنذ تولى فخامة الرئيس تجولت بين دول عربية فى الخليج وتونس والمغرب والسودان، وأوربية فى فرنسا وإيطاليا وألمانيا، وفى اليابان وأوزباكستان، وكلما تعمقت فى الموضوع الذى أدعى له تأتى الأسئلة تترى سائلة عن الإنجازات التى قام بها فخامة الرئيس مرسى، وكنت دائما أقول ما كتبته فى مقال سابق: هناك فارق ضخم بين شاشات العرض وخيرات الأرض، بين ما يجرى فى عالم الشهادة وما يدخر فى عالم الغيب، وما يقوم به البشر من خير وشر، وما نتيقن من عناية القدر؛ لأن هناك قانونا ربانيا حاكما على الخلق جميعا أنه سبحانه لا يضيع عمل عامل منا ذكرا كان أم أنثى، كما قال تعالى: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّى لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ( (آل عمران : من الآية 195)، وكما قال تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) (البقرة: من الآية 143)، وهو سبحانه فى الوقت نفسه يتوعد المفسدين فيقول: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) (يونس: من الآية81)، ويقول سبحانه: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا) (الفرقان:23)، وقال سبحانه: (وَأُمْلِى لَهُمْ إِنَّ كَيْدِى مَتِينٌ) (الأعراف:183)، وتعالوا لنرى معا هذا الفارق الضخم بين التعتيم الذى دأب عليه المعارضون من بقايا النظام السابق، وقطاع الطرق على الشعب كله من عملاء أمريكا وإسرائيل، وأذلاء المال الثرى الذى يأتى من شرق مصر وغربها ليغدق على قوم يكذبون بالجملة، ويجيدون التعتيم على الإنجازات والتعميم للهفوات، وإن جاءت فى مجموعها لا تساوى واحدة من كبوات النظام السابق التى سكت عليها هؤلاء الإعلاميون دهرا، وعندما نطقوا نطقوا فُجرا، وأشاعوا ذُعرا، وملَّحوا نهرا، وطمسوا نورا، وظنوا أنهم يؤخرون فجرا، ونسوا أن بيد رب العزة سبحانه مقاليد الأمور وهو الذى يقول: (تَبَارَكَ الَّذِى بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ) (الملك:1). وفيما يلى سوف أورد قدرا من إنجازات الرئيس يحتاج إلى موجة من التعميم فى مقابل هذه الهوجة من التعتيم، وسوف أختصر كثيرا من هذه الإنجازات لقلة المساحات وضعف القراءات، وأذكر منها ما يعد لأول مرة فى تاريخ مصر الحديث: * لأول مرة يأتى رئيس مدنى منتخب من الشعب المصرى، ودستور مصرى يعبر عن كرامة الإنسان، ولأول مرة ينص فيه أن مذهب المسلمين هو مذهب أهل السنة والجماعة، ويفرد المسيحيين بمواد تحفظ كامل كرامتهم وحقوقهم، وصار الاستفتاء والانتخاب هو الصبغة السياسية للنظام كله ومنه لأول مرة أتى انتخاب مفتى مصر من هيئة كبار العلماء. * ولأول مرة منذ قرون تُحكم مصر حكما مدنيا لا عسكريا، وانتهى حكم العسكر بالقرار القوى الفتى الأبى الذى أسعد كل مصرى ومحبى مصر فى العالم، وهو إنهاء حكم المجلس العسكرى كى يتحول إلى الحكم المدنى، لدرجة أن وزارة الأوقاف كان يحكمها تسعة من لواءات الجيش والمخابرات، وقد برعوا فى شيئين فقط هما كبت الأئمة وهبش أموال الأوقاف، وقد تم إقصاؤهم جميعا بفضل الله وإحلالهم بعلماء الأزهر الشريف وخبراء الشريعة والإدارة والاستثمار، وأقيل النائب العام ابن النظام السابق، وحامى الفساد بعد الثورة، وأقيل رئيس هيئة الرقابة الإدارية، وتم تغيير رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، ورئيس جهاز الكسب غير المشروع، ورئيس البنك المركزى، وكثير من غير الكفاءات العسكرية والمحافظين ورؤساء المدن ووكلاء الوزراء غير الأكفاء من العسكريين والأمنيين الذين حكموا مفاصل الدولة تحت عنوان: "عسكرة الدولة". * ولأول مرة يزور الرئيس فى 9 أشهر 15 دولة، لم يرجع فى واحدة منها بخفى حنين! فألغيت ديون مصر لدى إيطاليا، وهى تزيد عن 20 مليار دولار، وتستثمر قطر 18 مليارا فى مصر، والسعودية 2 مليار، وتركيا بما يزيد عن 5 مليارات، وبدأت الصين والهند باستثمارات تزيد عن 10 مليارات، وحصلت على 2 مليون فدان من السودان للاكتفاء الغذائى، و2 مليون متر مربع منطقة صناعية مصرية لدى شقيقتها السودان، واستعادت مصر 11 مليارا من الأموال المنهوبة، بما يعنى أن فوائد هذه الزيارات قد زادت عن 50 مليارا من الدولارات من المكاسب لمصر، فى الوقت الذى تراجعت فيه مصاريف وبدلات السفر حتى تكاد تصل إلى الصفر! * ولأول مرة استطاع الرئيس مرسى انتزاع اتفاق مع شركة سامسونج العالمية بإنشاء أول مصنع فى الشرق الأوسط لصناعة الإلكترونيات بإجمالى استثمارات 9 مليارات جنيه بمحافظة بنى سويف. * ولأول مرة تم افتتاح أول مصنع لتدوير القمامة فى الدقهلية، وهو الأول على مستوى مصر والتاسع عالميا، وهو جزء من مشروع النهضة. * ولأول مرة تم افتتاح المنطقة الصناعية التركية فى 6 أكتوبر على مساحة 3 ملايين متر مربع. * ولأول مرة أصدر مرسى قرارا بسحب 26 مليون متر مربع من الأراضى شمال غرب خليج السويس من المستثمرين غير الجادين، إضافة إلى سحب ما يزيد عن 41 مليون متر مربع بشرق بورسعيد كان قد منحها النظام السابق للأهل والعشيرة والأصدقاء من رجال الأعمال فى الداخل والخارج. ولأول مرة يبدأ مشروع نهضة كبير يسمى محور قناة السويس باستثمارات تزيد على 100 مليار، وقد تم الاتفاق على حفر 3 أنفاق تحت قناة السويس؛ لإعمار سيناء وتسهيل التجارة مع القارة الأسيوية العامرة، وقد زادت بفضل الله حصيلة قناة السويس إلى مليار دولار عن الفترة ذاتها من العام الماضى، وقد كان الرئيس المخلوع يستأثر بعائد قناة السويس، أما الرئيس مرسى فإنه لا يتقاضَى راتبا على رئاسته وينام كل ليلة مثل الشعب المصرى فى شقته المستأجرة مع أهله وولده الذى لا يجد عملا. * ولأول مرة يبسط الجيش المصرى العظيم سيطرته كاملة على تراب سيناء بعملية عسكرية شجاعة سميت "النسر" فدخلت المعدات العسكرية الثقيلة إلى سيناء لأول مرة منذ سنة 1977م، وتم استيراد غواصتين من ألمانيا على أعلى مستوى تعطى لنا بعد انضمامهما للأسطول المصرى أفضلية كبيرة على الأسطول الصهيونى، وانطلق الطيران العسكرى لأول مرة من بنى سويف إلى قاعدة عسكرية بالإسكندرية فى 90 ثانية فقط. * ولأول مرة تزيد رواتب الشرطة 250%، والجيش وأساتذة الجامعات وكثير من القطاعات بنسبة 100%. * ولأول مرة تم إعفاء 44 ألف فلاح فقير من ديون تزيد عن مليار ونصف جنيه. ولأول مرة تزيد مساحة زراعة القمح ب204 آلاف فدان، وبارك الله فى الثمرة فتضاعفت 6 أضعاف، وقد كان توريد القمح فى النظام السابق لا يزيد عن 16 مليون طن، وفى هذا الشهر وصلت إلى 112 مليون طن، بعد أن كانت مصر الدولة الأولى فى استيراد القمح من الخارج مع الإذلال السياسى وفقا لقاعدة الشيخ الشعراوى: "لن يكون قرارنا من رأسنا حتى يكون طعامنا من فأسنا". ولأول مرة تصل مصر -بفضل الله- إلى أعلى مخزون إستراتيجى من الأرز، وطرح نصف مليون فدان للاستصلاح والاستزراع والاستثمار الزراعى والداجنى. * ولأول مرة تنتهى أزمات مزمنة مصيرية فى الكهرباء والغاز والخبز وأزمة السولار فى طريقها للحل، وقد وصلت المخابز التى انتظمت فى المنظومة الجديدة إلى 93% للقضاء على تجار الدقيق الذى كانوا يكسبون مثل تجار المخدرات. * ولأول مرة تصدر رئاسة الوزراء بطاقة لخدمة المعاقين ومعاشات خاصة بهم. * ولأول مرة تعد وزارة الشباب برلمانا حقيقيا لا وهميا للشباب لتعدهم للعمل البرلمانى الراشد. * ولأول مرة يتم إصلاح مئات المزلقانات الخطرة وإصلاح القطارات العطبة بتكلفة تزيد عن مليار ونصف جنيه. * ولأول مرة تضم المرأة المعيلة بنظام التأمين الصحى الشامل مجانا، وللقادرات 20 جنيه فقط. * ولأول مرة يتم ضبط 25 قضية تهرب ضريبى بقيمة 15 مليار جنيه. * ولأول مرة ستفتح بعد أيام طرق برية بيننا وبين السودان تسهل التجارة مع الجنوب الإفريقى كله، ويوضع حجر أساس لربط مصر بالقارة الإفريقية كلها فى طريق برى من القاهرة إلى كيب تاون فى جنوب إفريقيا. * ولأول مرة ومن باب المثل المصرى "الخير على قدوم الواردين" تم اكتشاف أكبر بئر بترول فى الشرق الأوسط فى منخفض القطارة، ويتم اكتشاف مناجم للذهب كبيرة تطل بوجه مشرق على مستقبل اقتصادى واعد لمصر وأمتنا العربية والإسلامية كلها بإذن الله تعالى. أحب أن أذكِّر أى مصرى يعيش فى الميدان لا الأوهام يقوم بتشطيب شقة واحدة للسكن من غرفتين وعفشة، كم تكلِّفه من الوقت والجهد؟! "سنوات"، فإذا أراد أن يفرشها من دمياط مثلا فعليه أن ينتظر سنة أخرى مع معاناة التشطيب، فضلا عن صعوبة التراخيص و"لَوَع" العمال وحيل المقاولين. أرجوكم بدلا من التعتيم أحسنوا القياس.. هذه مصر الكبيرة تبنى بعد هدم وتخريب وتشويه فاق الستين عاما. هذه الإنجازات ربما تقترب من المعجزات رغم كل المعوقات، ويمكن الرجوع إلى عدد من الصفحات على الإنترنت تحت عنوان "إنجازات الرئيس" ومقالة أ. حازم سعيد بعنوان: "لماذا لا يصارح الرئيس شعبه". أنصحكم بقوله تعالى: (وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ * وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ* وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (هود:121-123).