السلطات الثلاث المعروفة التى يمتلكها الشعب هى التشريعية والتنفيذية والقضائية؛ فهو مصدر تأسيسها ومصدر تغييرها إذا أراد ومصدر اختيار من يمثله فيها جميعا وفقا للقواعد التى يضعها. فالشعب يختار من يمثله فى السلطة التشريعية حتى يسن من القوانين ما يشاء ويرفض من التشريعات ما يريد، فإن انحرفت السلطة التشريعية عن مسارها اختار الشعب أعضاء غير أعضائها ليمثلوه ويعبروا عن إرادته. أما السلطة التنفيذية فهو يملكها بامتلاكه حق انتخابها من خلال اختيار رئيس دولة منتخب وحكومة تعبر عن الأكثرية البرلمانية التى ارتضاها واختارها فى الانتخابات التشريعية. فإذا ما مالت هذه السلطة عن إرادته وانحرفت عن غاياته استطاع الشعب أن يختار حكومة جديدة وتمكن من انتخاب رئيس دولة جديد يعبر عن تطلعاته ويحترم إرادته فى أقرب استحقاق انتخابى. والشعب أيضا هو مصدر السلطة القضائية؛ إذ بإمكانه أن يسن القوانين والتشريعات التى تنظم وتكفل وجود قضاء نزيه مبرأ عن الهوى محققا لروح القانون الذى سنه الشعب. ويملك الشعب أن يغير القوانين التى تحدد صلاحيات وأدوار ومهام أى مؤسسة من مؤسسات الدولة أو أى سلطة من سلطاتها بغض النظر عن طبيعة هذه السلطة أو خصوصيتها. فإذا انحرفت أى سلطة عن أهدافها أو تنكبت طريقها أو ابتعدت عن دورها الذى رضيه الشعب وحدده من خلال تشريعات وقوانين وضعها الشعب من خلال نوابه، فهو قادر على أن يعيد السلطة لنفسه ويمنع الانحراف الحادث مهما كان مصدره أو منبعه. فالشعب عندما يملك السلطة التنفيذية لا يحق لحاكم أن يأبى تداول السلطة أو يزوّر الانتخابات ليبقى فى سدة الحكم بعيدا عن إرادة الناس وبمعزل عن الضوابط التى وضعها الدستور الذى أقره الشعب والقانون الذى سنّه من خلال نوابه فى البرلمان. والسلطة التشريعية لا يمكن لها أن تبتعد عن المقاصد والأهداف التى ارتضاها الشعب عندما اختار برنامجه، وإلا كان للشعب أن يعود من جديد ليغير الخريطة السياسية لنوابه فى أقرب انتخابات برلمانية. كما لا يمكن لأى سلطة أن تسىء تفسير القانون الذى ارتضاه الشعب للانحراف به بعيدا عن مطالب الشعب الحقيقية تحت دعوى تأويل فاسد أو تفسير لا يعبر عن الإرادة الحقيقية للجماهير. فليس من المنطق أن يسن الشعب من خلال برلمانه قانونا ثم يأتى من يأبى الحكم على الوجه الذى يريده الناس وينسجم مع طموحهم وإرادتهم ويسعى للى أعناق النصوص وإخراجها عن سياقها وإبعادها عن مقتضى إرادة الشعب.