لم يعد هناك مجال لتأخير الإجراءات الواجبة للحفاظ على الثورة وحمايتها من التقزم، بل ربما من التلاشى والاندثار، فلم يعد هناك وقت للوقوف عند الإجراءات التقليدية أو الحلول المعهودة. أنت بحاجة إلى إجراءات حاسمة للتصدى لطوفان الثورة المضادة، الذى بدأ خلال الأيام القليلة الماضية فى اللعب على المكشوف، واستنفاذ السبل كافة وكل الطرق وجميع الوسائل لإجهاض الثورة وتفريغها من مضمونها، بل ربما السعى للعودة إلى ما قبل ثورة يناير. لا أتصور أن الشعب المصرى الذى ثار على الفساد والاستبداد، ولفَظَ رموز النظام البائد، يمكن أن يتقاعس إذا طلب منه بذل الجهد والطاقة لإنقاذ المسيرة والحفاظ على ثورته. وأول ما أراه من خطوات عملية هو الانطلاق إلى إجراءات عاجلة، خاصة فى ظل وجود زخم شعبى واسع يساندها، ومطالب جماهيرية كبيرة تسعى إلى مواجهة الثورة المضادة بكل حسم وبكل قوة وبأسرع وقت. هذه الإجراءات العاجلة تبدأ من تعديلات قانونية واجبة تستهدف مواجهة الثورة المضادة ورموزها ومؤسساتها فى مكامنها، والتصدى لها فى مظانها، والوقوف أمامها فى ميدانها. ومن بين هذه الإجراءات أن تكون هناك قوانين وإجراءات خاصة للتعامل مع النظام البائد ورموزه؛ حفاظا على ثورة الشعب التى لن يفرط فيها، ولن يسمح لأحد أن يسطو عليها. ومن بين هذه الإجراءات تجريم التعاطف مع الفساد ورموزه المتمثلة فى النظام البائد، خاصة إذا جاءت محاولات التعاطف من خلال وسائل الإعلام التى انحاز كثير منها خلال الأيام الماضية للمخلوع وعهده وزمرته. ولا أرى أيضا أن هناك بديلا عن المواجهة الكاشفة والحاسمة مع مؤسسات الفساد، التى انحاز قطاع غير قليل منها إلى المجرمين، وشكّل غطاء ساترا لجرائمهم وممارساتهم. وهى إجراءات يمكن أن يكون التشريع خطوة فاعلة ومؤثرة مهما جاءت ردود الأفعال التى يصنعها إعلام فسد منه الكثير، وممولون يدعمون جرائمه، ويساندون كوارثه. أما ما يحتاج بعد ذلك لإجراءات وقرارات إدارية تواجه مكامن الثورة المضادة ومظانها، فلا بديل عن الإسراع فيها والتعامل معها بقوة واجبة وحسم لا يقبل التراخى.