يترقب الشعب الزيمبابوى نتيجة الاستفتاء على الدستور الجديد الذى تم التصويت عليه يوم السبت الماضى، والذى يتعهد بدفع مزيد من الديمقراطية ومجموعة من الحقوق تضمن حرية التعبير فى هذا البلد الإفريقى، الذى يحكمه الرئيس "روبرت موجابى" منذ أكثر من ثلاثة عقود. ومن المفترض أن تُعلن نتائج الاستفتاء الأسبوع المقبل، حيث دُعى أكثر من 5 ملايين ناخب للتصويت على الوثيقة، التى ستحد من صلاحيات الرئيس من دون أن تمنع موجابى -89 سنة، وهو أكبر رئيس فى العالم- من الترشح مجددا، وبإمكانه أن يحكم حتى سن 99 فى هذا البلد، الذى يتولى السلطة فيه منذ استقلاله عام 1980. وينص الدستور الجديد على تحديد عدد الولايات الرئاسية باثنتين، ومدة الولاية الرئاسية بعشر سنوات دون تحديد سن قانونية للرئيس، وسيتمكن موجابى من الترشح لأن ولاياته الرئاسية السابقة لن تؤخذ فى الاعتبار. كما يقضى الدستور الجديد بإلغاء منصب رئيس الوزراء الذى يشغله حاليا "مورجان تشانجيراى"، الذى يتعايش بصعوبة مع موجابى فى حكومة وحدة وطنية فرضتها الدول المجاورة قبل 4 سنوات لتجنب حرب أهلية كادت تندلع بعد حملة انتخابية دموية فى 2008. ولا شك أن مؤيدى الدستور الجديد سيفوزون فى الاستفتاء؛ إذ إن كلا من موجابى وتشانجيراى دعيا أنصارهما إلى التصويت بنعم على نص الدستور، الذى هو ثمرة مفاوضات شاقة بين الرجلين؛ فهذا الدستور الجديد يندرج فى الاتفاقات الموقعة فى الماضى بين موجابى وتشانجيراى، رئيس الوزراء الحالى الذى كان يقود المعارضة. ولم تبد الأجواء متوترة خلال عملية الاقتراع، لكن حوادث عدة أثارت قلق حزب رئيس الوزراء "مورجان تشانجيراى"، فقد أعلنت حركة التغيير الديمقراطى أن مسلحين خطفوا مسئولا فى الحزب بينما يجرى الاستفتاء على الدستور الجديد. ويرى محللون أن وثيقة الدستور توافقية؛ فقد ركزت الأحزاب فى الحملة الانتخابية على المواد التى تضمن الحماية من كل أشكال العنف والانتخابات الحرة والنزيهة. ووصف وزير المالية وثيقة الدستور الجديد بأنها ميلاد زيمبابوى جديد، لأنها تنص على حقوق الشعب وتنقل إليه بعض السلطة وتضع نظام رقابة على من يتولى السلطة، فضلا عن أنها تمهد لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة فى يوليو المقبل تضع حدا للقمع السياسى والركود الاقتصادى. ويعطى الدستور الجديد أيضا مزيدا من الحقوق والحريات للأقليات المسلمة التى عانت ألوانا من الاضطهاد والحرمان من التعليم، بالإضافة إلى الويلات التى عانى منها المسلمون بسبب التفرقة العنصرية، كما سيسمح الدستور الجديد بترشيح نواب عن المسلمين للمطالبة بحقوقهم الاجتماعية والثقافية والسياسية. وفى حالة ظهور نتيجة الاستفتاء بعدم الموافقة على الدستور الجديد، سيبقى الدستور الحالى مطبقا، وستنظم الانتخابات العامة الرئاسية والبرلمانية المقررة فى يوليو المقبل، دون انتظار إعداد دستور جديد. وهناك مخاوف من اندلاع توترات عقب إعلان النتيجة، وسط توقعات بأن موجابى لا ينوى التنحى عن السلطة، حتى أن هناك تكهنات بانقسام حزبه إذا رحل، لا سيما إذا أزال الدستور الجديد حصانة الرئيس عندما تنتهى مهامه. قال المحلل السياسى "تكافافيرا شو" من جامعة ماسفينج الزيمبابوية: "لن يقبل موجابى النتيجة إلا إذا كانت فى صالحه، ولن يقبل مساعدوه الهزيمة أبدا".