في دراسة لمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية بينت ضرورة حذو مصر للمسار البرازيلي، وأوضحت الدراسة أنه "مع نهاية العام الماضي أعلنت البرازيل رسميا أنها أصبحت سادس أكبر اقتصاد على مستوى العالم، متقدمة بذلك على بريطانيا. وأن هذا الإنجاز الذي تحقق بعد مرور عام من ولاية الرئيسة الحالية "ديلما روسيف" لم يكن إلا ثمرة نجاح برنامج اقتصادي إصلاحي طموح شهدته البرازيل طوال 8 سنوات، هي فترة حكم الرئيس السابق "لويس إيناسيو لولا دا سيلفا" الشهير ب"لولا". وتهدف الدراسة إلى الاقتراب من تجربة النهضة الاقتصادية البرازيلية في عهد الرئيس السابق "لولا دا سيلفا" (2003-2010)، ومحاولة فهم سياساته الاقتصادية التي أدت إلى نقل البرازيل من هوة الإفلاس إلى قمة التقدم الاقتصادي، ويجب الاستفادة والاسترشاد بتلك النماذج في بناء نموذج اقتصادي مصري طموح، للخروج من الأزمات الاقتصادية الكبيرة التي تعيشها مصر. وأوضحت الدراسة دروسا مستفادة من تجربة البرازيل تتمثل في: 1- ضرورة توفر الرؤية الواضحة، والإرادة السياسية القوية، والصدق والشفافية في التعامل مع الجماهير، وضرورة ترجمة الرؤية إلى برنامج عمل يتشكل من مجموعة من السياسات التي تؤدي إلى تحقيق الأهداف، بالإضافة إلى إرادة سياسية وعزيمة لتنفيذ ذلك البرنامج رغم أي صعوبات. 2- إن ما تحقق من إنجاز اقتصادي كبير على أرض الواقع في البرازيل لم يكن ليتم في غياب ذلك المناخ الديمقراطي الراسخ. 3- تقدم التجربة البرازيلية تصورا في حل المشكلات المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والفقر، يتلخص في أن هذا الأمر لا ينبغي أن يتم بعيدا عن مراعاة حقوق الطبقات الغنية، باعتبار أن حماية حقوق المستثمرين ورجال الأعمال المحليين والأجانب يؤدي إلى انتعاش الأسواق وزيادة فرص العمل، وهو ما يصب في النهاية لصالح النمو الاقتصادي بشكل عام، وتحسين حالة الطبقات الفقيرة بشكل خاص، وحيث إن العدالة الاجتماعية والحصول على العيشة الكريمة أحد مطالب ثورة يناير، والمهم هنا في مصر هو عدم الوقوع في خطأ الانقلاب التام إلى النقيض واللجوء إلى تكرار أخطاء التأميم والردة عن اقتصاديات السوق الحر برمته، وإنما ترشيد تلك السياسات وتنقيتها من شبهة الفساد والتربح الشخصي، إلى جانب الاهتمام بتطوير الإنتاج المحلي سواء الزراعي أو الصناعي، وفي الوقت نفسه إتباع سياسات اقتصادية تكون من شأنها رفع القدرة الشرائية المحلية لحماية الاقتصاد الوطني من أن يكون عرضة للأزمات الاقتصادية العالمية والتي تعصف بالاقتصاد العالمي اليوم، والمجتمع المصري الذي يقترب في عدد سكانه من 90 مليون نسمة من الممكن أن يمثل طاقة إنتاجية كبيرة ومتنوعة، بالإضافة إلى كونه سوقا واسعا.. تجدر الإشارة إلى أن التجربة البرازيلية لم تكن فقط تجربة رئيس دولة، بل هي تجربة نجاح ما كان لها أن تحدث لو لم تتوفر إرادة شعبية حقيقية ووعي جماهيري لأهمية النهوض، فالشعب البرازيلي بطبقاته الفقيرة هو من تحمل أعباء سياسات التقشف حتى تعافى الاقتصاد البرازيلي، وهو الذي ينتج ويصدر وقد علق الرئيس البرازيلي قائلا: لا يمكن لأحد الآن أن يشكك في قوة الاقتصاد البرازيلي، وعظمتنا الاجتماعية، وقدرتنا على تقديم خطة ناجحة"، وكم تحتاج مصر اليوم وبعد ثورة أسقطت نظاما سياسيا أفسد مصر ماليا واقتصاديا فسادا بالغا إلى مثل هذه الروح والعزيمة الشعبية للخروج من عثرتها الاقتصادية.