قال الدكتور رفيق حبيب- المفكر القبطي- إن الهدف من إعلان الفلول والعلمانيين رفضهم للدستور هو مصالحهم في المقام الأول، فضلاً عن كونه دستورًا يعبر عن الشعب المصري. وأضاف في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك): "عندما يصدر دستور يعبر عن الشعب، ومن خلال لجنة منتخبة لأول مرة في التاريخ، فمن المتوقع أن تقف ضده كل القوى التي ساندت دساتير السلطة والنخبة، فكل النخب التي جعلت الثورات السابقة ثورات نخب تتحكم فيها نخب، وكل من استحل تاريخيا فرض وصاية على الشعب، وكل من اعتبر الشعب جاهلا لا إرادة له، وكل من حاول فرض النموذج السياسي الغربي، وكل من حاول فرض العلمنة على المجتمع سوف يقف ضده". وأشار د. حبيب إلى أن قوى النظام السابق تقول لا للدستور؛ لأنه يعزل قيادات النظام السابق لعشر سنوات، وهو أمر مفهوم ومتوقع، وانتقد رفض بعض القوى الثورية، التي أعطت لقوى النظام السابق غطاءً سياسيًّا في مخطط الانقلاب على الثورة، مشيرًا إلى أنها لم تدرك أنها وقفت بالفعل مع الثورة المضادة، وأنها وبسبب عدائها لقوى التيار الإسلامي، خالفت قناعاتها وأضرت بموقفها السياسي. وشدد على أن القوى العلمانية التي أرادت وضع ثغرات في الدستور، تجعل تفسير المادة الثانية في الدستور، للمحكمة الدستورية العليا حصرا، ما يتيح لها تفريغها من معناها تقول لا للدستور؛ لأنها ببساطة عندما أعلنت موافقتها على المادة الثانية لم تكن تلك الموافقة إلا مراوغة؛ لأنها تعلم التأييد الشعبي لبقاء مرجعية الشريعة الإسلامية، وأرادت بعد ذلك تقيد هذه المادة ولأن الدستور الجديد حدد لها معنى محدد، لذا فهي ترفض مشروع الدستور. وقال د. حبيب أن من قال لا للتعديلات الدستورية في مارس 2011 بدعوى أنها ستعيد دستور 71 ولو مؤقتا، يطالب الآن برفض الدستور الجديد والعودة إلى دستور 71، مشيرا إلى أن هذا يدل على أن البعض يفضل دستور النظام السابق، على أي دستور يعبر عن إرادة الشعب. وتابع: "عندما يضع الدستور الجديد ضوابط لانتداب القضاة، نتوقع أن لا يشرف بعضهم على الاستفتاء؛ لأن البعض داخل مؤسسة القضاء يقاوم التغيير والإصلاح، بل ويقاوم بشدة أي عملية لتطهير القضاء"، مشيرا إلى أن هذا يدلل على أن مسار العدالة في محاسبة رموز النظام السابق، مغلق ومسدود، ومسار العدالة في محاسبة من قاموا بعمليات الفوضى والعنف بعد الثورة، مغلق ومسدود أيضا. وأضاف: "يبدو أن وضع القضاء الآن لا يسمح بفتح ملفات النظام السابق، وكل محاولة لفتح مسار داخل مؤسسة القضاء، لفتح ملفات النظام السابق، تواجه بحملة إعلامية منظمة، مما يعني أن أنصار النظام السابق داخل مؤسسة القضاء يسيطرون على مسار العدالة بحماية إعلامية واضحة". وقال حبيب إن العديد من المؤسسات القضائية أو بعض القضاة، أرادوا تحصين مؤسسات القضاء، وجعلها مؤسسات منفصلة ذات سيادة، وليس فقط مستقلة، وأرادوا تحصين مطالبهم الفئوية، ولأن الدستور لم يحقق تلك المطالب والتي تتعارض مع الديمقراطية، لم يشرف بعضهم على الاستفتاء بل وحاولوا منع الآخرين أيضا، ولكن ما زال هناك قطاع واسع لا يقف في وجه الثورة من القضاة، وإن كانوا لم يملكوا الإرادة أو الصلاحية لمواجهة ما يحدث في المؤسسة القضائية. ولفت حبيب إلى أن مشروع الدستور صدر دون أي حصانة لموازنة القوات المسلحة من الرقابة التشريعية، في مقابل من كانوا يساندون وثيقة السلمي التي تعطي حصانة لميزانية القوات المسلحة، بل وتجعلها دولة داخل الدولة، ما يعني أن بعض القوى التي طالما تشدقت بالحديث عن "مدنية الدولة" كانت تريد في الحقيقة عسكرة الدولة.