اختتم أمس مؤتمر "اليورومنى" فعالياته التى استمرت على مدار يومين شهدا العديد من الجلسات، التى ناقشت المحاور الاقتصادية كافة، والمشكلات التى واجهت مصر على مدار الفترة الماضية، والتحديات الموجودة على الساحة، خاصة أن المؤتمر يعد الأول الذى يعقد فى مصر عقب ثورة 25 يناير 2011م، فى جلسة تطرقت إلى كيفية إدارة القطاع المصرفى والتحولات التى شهدها القطاع فى أعقاب الثورة، وبحث الموقف الحالى، ومدى الصلابة التى أظهرها الجهاز المصرفى فى الفترة الأخيرة ليعبر بحر الاضطرابات السياسية التى شهدتها البلاد فى أعقاب ثورة 25 يناير. وأكد طارق عامر -رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى المصرى- أنه مع بداية الثورة واجهنا تحديا كبيرا، وكانت التكهنات بشأن المستقبل صعبة، خاصة فى البداية، حيث كانت هناك اتهامات لجميع العاملين بالحقل المصرفى؛ لأننا مسئولون عن الأموال، وأن الفساد يعم الدولة بكاملها، ولكن هذا الأمر لم يكن صحيحا تماما، خاصة أن القطاع المصرفى كان يعمل بكفاءة على مدار العشر سنوات الماضية. وقال عامر: واجهنا تحديات تتعلق بالمصداقية فى البداية، ولكنى تحدثت إلى الإعلام بشكل مباشر، وشرحت له أن القطاع المصرفى يعمل بكفاءة، وأنه مصون، وأن أغلب مطالب المستثمرين تتمثل فى التأكد من أن البنك المركزى المصرى سيكون مستقلا، وهى الرسالة التى أكدها الرئيس والحكومة، مشيرا إلى أن الابتكار يأتى من القطاع الخاص من خلال المستثمرين والتشريعات والرقابة. وعلى صعيد الدعم المخصص للمواد البترولية، التى تواجه مصر حاليا أزمة كبيرة فيه، الأمر الذى سيطر على جزء كبير من أحاديث المشاركين فى المؤتمر من خبراء ومستثمرين، حيث أكد أحمد هيكل -رئيس مجلس إدارة القلعة المالية- أن تلبية احتياجات الاقتصاد المصرى من الطاقة أمر ليس سهلا فى ضوء إنتاجية قليلة من الطاقة، إضافة إلى العديد من المشكلات التى تتطلب حلولا عن طريق جعل الاقتصاد المصرى أكثر قدرة على التنافس، مشيرا إلى أننا لدينا أيضا استهلاكا كثيفا جدا لموارد المياه، مع إنتاجية قليلة جدا فى مجالات كثيرة، وقد عانينا من استخدام مواردنا، خصوصا من الغاز والبترول والمياه، كل هذه المجالات إلى جانب مجال التعليم أسأنا استغلالها، وهو من ضمن مساوئ النظام السابق الذى تعمد اتباع سياسات ضعيفة جدا بالنسبة لاستغلال الطاقة ونظم التعليم. وأشار أيضا إلى أن المشكلة لا تكمن فى الدعم فقط، ولكنها مشكلة عرضية لمشكلة أخرى أساسية، وهى مشكلة الحسابات الموجودة، فالحكومة السابقة كانت تقول إننا ننتج 120 مليون طن، ولكن الحسابات الحالية تقول إن مصر تنتج حوالى 41 مليون طن من الغاز السائل، ونستهلك 75 مليونا، كما أن لدينا التزاما ب88 مليون طن للتصدير، بالإضافة إلى الاحتياجات الداخلية، لذلك كان علينا استيراد 40 مليون طن. وأضاف عامر، أن البنك المركزى أقر بوجود 8 ملايين طن عجزا فى مجال الطاقة فقط، وإذا بقينا على هذه الأسعار سيصبح الفرق بين الأسعار الداخلية والعالمية كبيرا جدا، وهذا سيكون له انعكاساته على مشاكل كبيرة جدا، مثل تهريب البترول عن طريق الحدود، ومن ثم علينا أن نتمسك بالطرق القانونية. ومن جانبه، أكد حسين القزاز -مستشار رئيس الجمهورية للشئون الاقتصادية- أننا نمتلك رؤية طموحة، تقوم على أن الاهتمام بالتعليم هو أهم القضايا، ونعلم كذلك أن مستوى التعليم ليس مرضيا، ولذلك لا بد من رفع جودته، ونحاول التركيز على مخرج كيفى للتعليم بدلا من التركيز على الكم ضمن خطط التنمية المتكاملة فى مصر باعتبارها رؤية تهدف لتحويل التنمية الاقتصادية إلى اتجاه آخر، ولن يحدث هذا إلا بتحقيق تنمية سياسية وإدارية واجتماعية شاملة. ويرى "القزاز" أن الكثير من المصريين لا يسهمون فى الناتج القومى الإجمالى، وهذه ليست مسألة اقتصادية؛ لأنه لا بد من إعطاء المواطنين فرصة للإسهام فى الاقتصاد بشكل إيجابى، نظرا لوجود احتياج كبير لتغيير طريقة الحياة فى مصر من أجل تحقيق مشروع النهضة، ولا بد أن يكون الأمر جزءا من برنامج لتطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة، على أن يكون هناك حوار دائم، ونحاول تقسيم مشروع النهضة إلى 4 مسارات، على رأسها المسار الاقتصادى والتنمية البشرية المتكاملة، وهو يتعلق بالتعليم والفن والثقافة، والتنمية العمرانية، وبناء مصر الجديدة، والخروج من الوادى، وأخيرا المسار الرابع وهو كيف نبنى دولة نموذجية فى إطار المظلة السياسية؟ وتابع قائلا: فى هذا السياق درسنا تجربة جنوب إفريقيا لنرى كيف نجح مشروعهم، فلديهم مؤشرات اقتصادية واجتماعية توجّهنا إلى كيفية النظر إلى مستويات الأداء بشكل متكامل، وليس على مستوى المشروعات أو القطاعات، إن كنا نفكر بشكل غير مألوف، فهناك كثير من المستشارين وصانعى القرار فى الدولة من الشباب. وكشف عن أن اكتمال الجزء الأول من مشروع النهضة سيتم فى منتصف يناير المقبل؛ حيث يولى الرئيس هذا الأمر اهتماما خاصا، مشيرا إلى أن المشروع ليس قاصرا على شخص أو حزب أو جماعة، وهذا تحد رئيسى؛ لأنه من الصعب -فى الوقت الحالى- أن تقوم بعمل بناء على مستوى الأحزاب المختلفة أو التيارات المتعددة، خاصة أننا بعد الثورة لم نحقق نجاحا كبيرا فى هذا الجانب. على صعيد آخر، أكد جيمس موران -سفير الاتحاد الأوروبى فى مصر- أن الفترة الانتقالية التى مرت بها مصر منذ 6 أو 7 أشهر شهدت تقلبات كثيرة، ولكن الاتجاه العام هو اتجاه إيجابى وواعد، رغم التحديات التى تواجه مصر على المجالين السياسى والاقتصادى. وأكد موران أن العلاقات بين الاتحاد الأوروبى ومصر وطيدة، خاصة بعد "الربيع العربى"، فمصر بالطبع هى قلب الأحداث، وهذا مهم للشرق الأوسط وإفريقيا، ولو نظرنا إلى الأهمية الإقليمية والسياسية لمصر فإنها تكشف عن أهمية مصر لدول البحر المتوسط، ونحن الآن إنما نتحدث عن قيم مشتركة منذ الثورة، وربما يكون لدينا اختلافات لكن الإمكانية التى تدفعنا إلى الوجود اقتصاديا فى روابط مع مصر أصبحت كبيرة جدا.. هنا مثلا الشفافية فقد أصبحت مبدأ مهما جدا، ففى هذه الدولة -كما هو فى دول أخرى- نعلم أن الشفافية شىء صعب التحقيق. فلو لديك إدارة منتخبة من قِبل الشعب فهذا يخلق مجتمعا صحيا، مما يجعل الأمور سهلة من ناحية إيجاد سياسات شفافة للمستقبل الاقتصادى.