ما يزال الزلزال السياسي في السعودية متصاعدا بعد حملة الاعتقالات ليتحول إلى زلزال انقلابي مشابه، حيث توقع مراقبون أن يؤدي الصراع إلى مقتل محمد بن سلمان قريبا، كما حدث سابقا مع الملك فيصل، أو على الأقل قطع حبال توليته ملكا خلفا لوالده سلمان بن عبدالعزيز، فالأجواء التي صنعها عاصفة لا تصلح لنشر أشرعة الخلافة، حيث تظهر الولاءات واضحة. فيما وصفت صحيفة "لوموند" الفرنسية بأن حملة إيقاف 11 أميرا وأربعة وزراء ب"التطهير الذي لم يسبق له مثيل". ونقلت صحيفة لوموند عن عضو معهد بيكر للسياسة العامة في جامعة رايس (تكساس) كريستيان أولريكسن قوله تعليقا على هذا الإجراء: "يبدو أن نطاق ومدى هذه الاعتقالات لم يسبق له مثيل في تاريخ المملكة العربية السعودية الحديث، وإذا تأكد اعتقال الأمير الوليد بن طلال، فإن من شأن ذلك أن يسبب موجة من الصدمات على المستوى الداخلي وكذلك في عالم المال على المستوى الدولي". متعب الأخطر واعتبر المعارض سعد الفقيه من جهته -في إحدى تغريداته- على حسابه على "تويتر" أن قرارات الاعتقال تعبر عن حالة صدام داخل العائلة المالكة، مؤكدا أن إعفاء الأمير متعب بن عبدالله أخطر من بقية الحملة. وأشار جمال خاشقجي، مدير قناة العرب التي أطلقها وأغلقها الوليد بن طلال، في عدة تغريدات إلى أنه "إيمانا بمذهب الواقعية والتدرج فما حصل البارحة عظيم جدا"، وأن "المحاسبة الانتقائية عدالة ناقصة"، كما قال إن ما حصل يدخل في تصنيف تغيير قواعد اللعب". أما المعارض السعودي ورئيس منظمة "القسط" لحقوق الإنسان يحيى عسيري فأبدى تحفظه على القرارات، وقال للجزيرة إن على السلطات السعودية إذا كانت جادة في مكافحة الفساد، أن تشرك المجتمع في محاربته عبر برلمان منتخب. وشبهت الكاتبة السعودية مضاوي الرشيد بأن ما حصل في الواقع "تصفية لأمراء قد ينافسون محمد بن سلمان، وإيقاف بعض الوزراء تغطية وتمويها"، وأن وضع المملكة يماثل الاتحاد السوفييتي لحظة وفاة ستالين، "مؤامرات وتصفيات داخل الحلقة المغلقة". تجميد الحسابات وقبل قليل كشفت السلطات السعودية عن الإجراء الثاني ويتمثل في تجميد الحسابات المصرفية للشخصيات التي أوقفت في المملكة بدعوى قضايا فساد، ومن بينهم الملياردير الأمير الوليد بن طلال. وذكرت وزارة الإعلام عبر "مركز التواصل الدولي" أن "المبالغ التي يتضح أنها مرتبطة بقضايا فساد، ستتم إعادتها إلى الخزينة العامة للدولة". وخلال ال24 ساعة صدرت حزمة من الأوامر الملكية تعبر عن مضي "ابن سلمان" في قراراته ضد خصومه، بعدما شن حملة اعتقالات واسعة طالت أكثر من 40 شخصية بارزة ما بين أمير ووزير ونائب وزير، حسب وسائل إعلام سعودية. انخفاض الأسهم وانخفضت أسهم عديدة مرتبطة ببعض الشخصيات المحتجزة مع تراجع سهم المملكة القابضة بنحو 10% بعد اعتقال الأمير الوليد بن طلال، لتسجل أكبر انخفاض بين الشركات المدرجة بالسوق السعودية في تعاملات صباح اليوم. وهبط مؤشر السوق السعودي أكثر 2% في المعاملات المبكرة إلى 6808.5 نقاط بعد حملة اعتقالات شملت أمراء ووزراء ورجال أعمال. كما انخفض سهم صافولا بأكثر من 6%، وسهم البنك الأهلي التجاري 2%، وسهم زين 1%، وسابك 0.4%. وحققت شركة المملكة القابضة أرباحا بواقع 592 مليون ريال للأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، مقارنة بخسائر بلغت 320 مليون ريال للفترة ذاتها من العام المنصرم، وفق بيانات أوردها موقع البورصة السعودية "تداول". وانخفض سهم التصنيع الوطنية (تصنيع)، والتي تملك فيها المملكة القابضة حصة قدرها 6.2 %، 1.7 %. تراجع سعر سهم شركة المملكة القابضة. سلمان ترامب ولم تمر ساعات على تشكيل الملك سلمان بن عبدالعزيز لجنة لمكافحة الفساد أسند رئاستها إلى نجله ولي العهد (32 عاما) حتى قضت بتوقيف 11 أميرًا وأربعة وزراء حاليين وعشرات الوزراء السابقين، في حملة غير مسبوقة. وأجرى الملك سلمان اتصالا هاتفيا بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في خضم أحداث سياسية وأمنية شهدتها المملكة في الساعات الماضية. وقالت وكالة الأنباء السعودية (واس) إن سلمان وترامب ناقشا "التعاون بين البلدين في مختلف المجالات وسبل تطويرها إضافة إلى استعراض مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية". وكان ترامب قال السبت إنه تحدث مع ملك السعودية بشأن إدراج شركة النفط السعودية "أرامكو" في نيويورك، وإنه سيكون ممتنا إذا طرحت الرياض أسهم الشركة في بورصة نيويورك، ورد الملك السعودي "أنهم سيدرسون استخدام البورصات الأمريكية". ليلة الضرب وفي ليلة واحدة اعتقل 11 أميرا و4 وزراء حاليين وعشرات من الوزراء السابقين، فهل كانت فعلا ليلة قبض على الفساد كما وصفتها وسائل إعلام سعودية؟ ومنح سلمان اللجنة صلاحيات "التحقيق، وإصدار أوامر القبض، والمنع من السفر، وكشف الحسابات والمحافظ وتجميدها، وتتبع الأموال والأصول ومنع نقلها أو تحويلها من قبل الأشخاص والكيانات، أياً كانت صفتها، ولها الحق في اتخاذ أي إجراءات احترازية تراها حتى تتم إحالتها إلى جهات التحقيق أو الجهات القضائية حسب الأحوال".