عندما إسدال السّتار على انتخابات نقابة الصحفيين وأعلن فوز "عبد المحسن سلامة" نقيباً خلفاً ليحيى قلاّش النقيب السابق، نشرنا في "الحرية والعدالة" أنها خطوة ل"تأميم" النقابة لصالح سلطة الانقلاب، وأنه يتزامن معها ترشيح الحكومة، ل "مكرم محمد أحمد" لتولّي رئاسة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، و"كرم جبر" - رئيس مجلس إدارة "روز اليوسف" الأسبق - لرئاسة الهيئة الوطنية للصحافة، وأحمد أنيس - وزير الإعلام في عهد المجلس العسكري - لرئاسة الهيئة الوطنية للإعلام. وصدق ما ذهبنا إليه وقتها واليوم دعا "سلامة" مجلس النقابة إلى عقد اجتماع طارئ، ظهر غد الخميس، لا لتجريم اقتحام قطعان أمن الانقلاب وميلشيات شرطة العسكر للنقابة، ولكن لمناقشة دخول قنوات "مكملين" و"الجزيرة"، ونقلها بث مباشر من مقر النقابة للاعتصام والوقفة الاحتجاجية لرفض بيع جزيرتي تيران وصنافير.
حبيب اليوم السابع
"سلامة" لم يكتفي بذلك بل تناول أقرب ميكروفون للانقلاب وهو "اليوم السابع"، وخصها بتصريحات يتبرأ فيها من الكرامة التي حمل لوائها الصحفيين، لعل صوته يصل لأولي الانقلاب فلا يسخطون عليه، ولا يحاسبونه على موقف محترم ومشرف للصحفيين لا دخل له به، وقال "سلامة" إن الاحتجاج ضد أوامر الحكومة أمر غير مقبول، متابعا: "من يريد أن يعبر عن رأيه حول اتفاقية تعيين الحدود فهى حرية رأى، ولكن من غير المقبول إطلاقاً جرّ النقابة لنفق مظلم وإدخالها فى صراع ليست هي طرفًا فيه".
واحتج "سلامة" بأن مجلس النقابة لم يتم إخطاره بأى شىء عن الاعتصام الذى تم أمس، ومن ثم فهو أمر غير مقبول على الإطلاق، وكأن مواقف الوطنية ووقفات الاحتجاج التي اعتادها الصحفيين طوال سنواتهم الماضية، تحتاج إلى تأشيرة وموافقة الجلاد الذي باع الأرض وعين سلامة نقيبا للصحفيين!.
ويرى مراقبون أن الأمر لن يختلف اذا كان قلاش نقيبا أو سلامة فكلاهما لم يكونا عدواً للانقلاب العسكري، ففي مقابل تهديد "سلامة" بالتحقيق بالوقفة التي تمت في النقابة ضد بيع تيران وصنافير، فإن تعامُلَ النقيب السابق، يحيى قلاش ومجلس النقابة مع أزمة اقتحام النقابة، لم يكن على المستوى المناسب بالنسبة للبعض.
ف "قلاش" ورفاقه ضيّعوا فرصة التفاف الصحفيين حولهم، وخالفوا قرارات الجمعية العمومية في 4 مايو وقاموا بدفع الكفالة في قضية اقتحام النقابة؛ رغبةً منهم في التصالح مع سلطة الانقلاب وعدم القطيعة الكاملة معها، على حساب قضايا الصحفيين.
كما أنهم تراجعوا عن مطلب اعتذار قائد الانقلاب السفيه عبد الفتح السيسي للنقابة، بعدما كانوا قد أصرُّوا عليه في بادئ الأمر، الأمر الذي أظهر "صاحبة الجلالة" ضعيفة في وجه سلطة الانقلاب.
معركة السلالم
يقول الكاتب الصحفي، أحمد عبد العزيز، على فوز سلامة بمقعد النقيب، عبر حسابه، بموقع التواصل الاجتماعي، فيس بوك، بالقول: "ربحتم معركة النقيب، ولكن لن تربحوا معركة السلالم...لن تمروا عليها سوى على أجسادنا. ..ستبقى صوتا للمظلومين".
بينما يقول الكاتب الصحفي، عامر شماخ : "كان سيان نجاح قلاش أو سلامة، والنتائج لم تحمل مفاجأة لي أو لغيري، ولذلك قررت عدم المشاركة فيها"، مرجحا فوز سلامة "لرغبة الصحفيين في التغيير".
وأضاف: "يحيى صديق لي، وسلامة دفعتي، لكنهما وجهان لعملة واحدة إزاء قضية الحريات؛ يحيى ناصري، وهو ابن النظام العسكري الفاشي، وإن كان يتميز بدماثة الخلق، وسلامة ابن الحزب الوطني الذى عاد بقوة هذه الأيام".
وأعرب عن اعتقاده بأنه "لا يفي سلامة بوعوده الصحفية إلا بالبدل فقط"، واستدرك قائلا: "ولكن أؤكد لك أن ما سيقدمه باليمين للصحفيين من بدل أو خلافه، سيؤخذ منهم بالشمال".
وعدً أحد أهم أسباب فشل قلاش في استثمار حشود الصحفيين له، في أعقاب اقتحام قوات الأمن للنقابة في مايو، للقبض على صحفيين اثنين اعتصما في النقابة، على خلفية مظاهرات يوم الأرض، احتجاجا على التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر للسعودية، لكنه صدق النظام، وكانت النتيجة تلفيق تهمة له ولزملائه.