في ذكريات الليلة الألف للمذبحة الغادرة للجيش والشرطة التي ارتكبوها في "رابعة"، وصبغوا بها الأرض بلون الدماء الطاهرة التي أريقت عليها، لا ينسى آلاف المعتصمين الذين فضلوا الخروج مبكرا من رابعة عبر الممرات "الآمنة"، كما أوهمهم بعض الجنود أو "الملتحين" أو "الشباب"، كما دلت أغلب روايات من خرجوا من تلك الممرات أنها لم تكن كما ادعى الانقلاب وإعلامه. ورصدت كاميرات شخصية أعلى البنايات المحيطة برابعة العدوية أن الشباب أراد النجاة، فدخلوا الممر الآمن كما أوهموهم، فلقوا حتفهم برصاص الغدر والنذالة، إما بشكل أفقي من الضابط، أو المجند الذي استهدف عين أحد الشباب فأرداه قتيلا، أو رأسيا من القناصة أعلى البنايات. شهود المذبحة في سبتمبر 2013، أنتجب "الجزيرة مباشر مصر" فيلما وثائقي تحدث عن أهوال فض اعتصام رابعة العدوية، وروى الشاهد الخامس محمد حمدي ما حدث له عند أحد الممرات، فقال: "لن أنسى ما حييت وقوفي في شارع الطيران مع عدد من المعتصمين، وسط حديث ضباط الداخلية عبر مكبرات الصوت عن ممر آمن، وفي لحظة سقط شهيد تلو الآخر أمام عيني، بعدما استهدفهم قناص، فانطلق الباقون إلى داخل ميدان رابعة العدوية؛ لنجد إطلاق الرصاص الحي والمطاطي والخرطوش على أشده، فأصبت بخرطوش في قدمي، ولكنها إصابة لا تذكر بجوار الحالات التي شاهدتها في هذا اليوم". وأضاف "شاهدنا القناصة فوق أسطح المباني يستهدفونا، فقررنا أن نخلي وسط ميدان رابعة تماما، وعدتُ إلى شارع الطيران لأرى بعيني عن بعد الجرافات وهي تزيل خيام المعتصمين، فانطلق الشباب لحماية المعتصمين داخل الخيام "بسقالة" أسفل عمارة تحت الإنشاء تدعى عمارة "المنايفة"، واختبأنا بداخلها حتى الثالثة عصرا، حيث كانت محاولات الاقتحام من هذه الناحية مستمرة، ونجحت بالفعل. وتابع "اقتحمت القوات الخاصة المكان، وأخذ الضابط يتحدثون بصوت جهوري: لماذا تختبئون منا نحن منكم ولن نمسكم بأذى؟، وكان يخاطب كبار السن قائلا: "يا والدي"، فخرجنا جميعا– يقصد عبر الممر- لينهالوا علينا ضربا وسبا، وكانت العساكر تردد "يا كفرة.. يا أعداء الوطن، وكأننا في فيلم البريء". شهادة "الوطن" حتى إن تغطية صحيفة "الوطن"، الموالية للانقلاب، لأحداث الفض والتي قامت بها الصحفيتان روان مسعد وأروى الشوربجي، عنونت- ربما دون قصد- "ممرات «رابعة» لم تكن آمنة.. امتلأت بالجثث والدماء"، غير أنه من غير المفهوم حتى الآن لماذا غيرت الصحيفة تاريخ الأربعاء، يوم الفض، فكتبت "الأربعاء 13/8/2013"، رغم أنه كان "الأربعاء 14". ومن بين كثير من الروايات نقلا عن "شهود عيان" بأسمائهم الأولى فقط أو بكنيتهم فقط، نقلت الصحفيتان رواية "أم أمينة"، حيث قالت :"الجثث افترشت مداخل العمارات كلها بشكل عشوائى.. كان زوجى برفقتى حينما صعدت إلى أدوار العمارة العليا لأجد جثة على السلالم لشخص حاول الهرب من قوات الأمن صعودا إلى السطح، فحملت الجثة بمساعدته وسلمتها للإسعاف". وأضافت "الدم كان مالى كل العمارات"، وكان عليها أن تزيله قبل عودة السكان، فأمسكت بأدوات التنظيف وبدأت فى جر الدم، وتنظيف المكان بالماء والصابون: «إحساسى كان صعب وأنا باعمل كدا". شهادة رضوى سلاوي وأضافت رضوى سلاوى، صحفية، شهادتها حول يوم الفض والممرات الآمنة، فقالت إنها فقدت الوعي خلال تواجدها بمصلى السيدات بالدور الثانى بمسجد رابعة العدوية، عقب إطلاق الغاز الكثيف على المسجد، وحينما أفاقت وجدت عشرات السيدات يحاولن الخروج من المسجد، فى حين كانت الأجواء ملبدة بالغاز المسيل للدموع. وتضيف "قام الجنود بالتعدى باللفظ علينا، وكان بيننا سيدات فى عمر أمهاتهم، وبعد هذا الموقف لم أعد آمنة على نفسى من الجيش الذى من الفترض أن يحميني"، مشيرة إلى أن هذا الأمر قد تسبب لها فى جرح نفسى أشد إيلاما من رؤيتها للشهداء. وكشفت عن تفاصيل اعتقالها مع عشرات السيدات بعد لجوئهن إلى أحد المبانى السكنية المطلة على شارع الطيران والمجاورة لبنك القاهرة؛ للهروب من سحابة الغاز التى ملأت المكان، قائلة: "قامت ميليشيات السيسى بمحاصرة 20 سيدة وعدد من الرجال داخل المبنى، ثم قامت باحتجازنا فى أحد أماكن الاحتجاز التابعة لها، وتعرضنا لمعاملة سيئة للغاية، بما فى ذلك السب بأقذع الألفاظ وسب الدين، ومحاولة التحرش ببعض السيدات والاحتكاك بهن". وتتابع سلاوى قائلة: "تم دفع الرجال وعزلهم فى مكان آخر، وقامت القوات بتقييد أيديهم من الخلف وأجبرتهم على الجثو على ركبهم، فى محاولة لإذلالهم، ثم قاموا بترحيلنا إلى إستاد القاهرة"، مشيرة إلى أن قوات السيسى أطلقت سراح المحتجزات من النساء بعد إخلاء الميدان بالكامل، وتأكدهم بأن جميع من بالميدان قد خرج، حيث اقتادتهن القوات إلى أحد المخارج المخصصة لما يطلقون عليها ممرات الخروج الآمن. من جانبهن، أكدت شاهدات عيان لبوابة الحرية من معتصمات رابعة العدوية، أن ميليشيات الانقلاب العسكري قامت بالتحرش بهن لفظيا وجسديا، مشيرات إلى أن ما أطلقت عليه قوات الجيش "الممرات الآمنة" لم تكن آمنة على الإطلاق، حيث قام الجنود بالاعتداء على بعض السيدات خلال خروجهن من تلك الممرات، وتطور الأمر إلى إطلاق النار عليهن أحيانا. - أول فيديو للممرات الآمنه اللى كانوا عاملينها فى رابعة - ممرات «رابعة» لم تكن آمنة.. امتلأت بالجثث والدماء - شاهدات من معتصمات رابعة العدوية: ميليشيات السيسي تحرشت بالمعتصمات وبالجثت - قنص أحد المتظاهرين وهو يسير فى طابور المعتقلين من قوات الأمن - الخروج الآمن عند العسكر