لا شك أنها أخطأت حين قارنت ميدان التحرير فى ذروة نضاله ضد الدولة العسكرية قبل خمس سنوات بما لا يجوز المقارنة به، من أجل أن تضفي قدسية على تلك البقعة التى تشربت بدماء أطهر الشباب وتفتح فى جنباته ورد الجناين، ولكن الأكيد أن فرط الحماس هو ما يتلبس كل من شارك فى ملحمة ثورة 25 يناير كلما أطلت الذكري برأسها أو مر أحد الثوار فى موقع ربما تموضع فيه معتصما طوال 18 يوما من أجل أن يمنح بلاده حرية يستحقها ويحررها من قبضة الفاشية وعصابة الدولة العميقة وزبانية الحزب المنحل. نضال نقي وحناجر اخترقت خاصرة دولة الفساد بهتافات مدوية لا تقبل التأويل أو التلاعب «الشعب يريد إسقاط النظام» وأمواج بشرية متلاطمة تتحرك فى تناغم دون مايسترو، وتسحق تحت اندفاعها الهادر مليشيات الأمن المركزي وتسحق هراوات العسكر وتعتلي ظهر مجنزرات المخلوع لتطوف الميدان ملوحة بعلم مصر، مخاطبة عصابة الجنرالات "لمن الحكم اليوم.. للشعب الثائر والأحرار".
ومع اقتراب الذكري الخامسة لثورة 25 يناير، حاول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي استعادة ذكريات ملحمة الشعب ضد العسكر، وترتيب الأحداث على نحو يفضح محاولات العسكر الحثيثة وأد الحراك الثوري العاتي منذ ثلاثاء التحرك ثم جمعة الغضب مرورا بموقعة الجمل وحتى فرحة التنحي والنصر، وشحن بطاريات الحماس من جديد من أجل اقتراب موعد القصاص واستعادة مكتسبات الثورة.
وعلى وقع هاشتاج #أنا_شاركت_في_ثورة_يناير بدأ كل مصري حر يتحسس موضعه فى الميدان فى انتظار عودة قريبة إلى المكان نفسه من أجل تجديد الدماء فى العروق وإلقاء حجر فى مستنقع العسكر الراكد وعودة الحكم إلى "ميدان التحرير" والمشاركة فى ثورة عارمة تلوح فى الأفق المنظور لن تدع فى السلطة من قواد الانقلاب ديارا.
ساعات قليلة انتشر معها #أنا_شاركت_في_ثورة_يناير على نطاق واسع بين نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، ليصعد إلى صدارة التريندات بين "الوسوم" الأكثر تداولا فى مصر بل ربما تخطى حدود الوطن إلى رحابة عالمية، بعد أن أعاد اللحمة إلى شركاء الميدان الذين فرقتهم طويلا دسائس العسكر وبدا عبق "التحرير" يتسرب بين الثوار من جديد وروحانيات الثورة البيضاء تنساب ضمن شريط الذكريات.
الصحفي عبدالرحمن فتحي قص شريط الذكريات، قائلا: " #أنا_شاركت_في_ثورة_يناير تقريبا رغما عني.. في يوم 25 يناير كنت في طريقي إلى فندق سميراميس للقاء الشيخين يوسف القرضاوي وسلمان العودة مع أحد الأساتذة من مخضرمي موقع "أون إسلام" لإجراء حوارات لصالح الموقع وكانت بالنسبة لي فرصة ثمينة ظللت أهيء نفسي لها أياما، لكن حين خرجت من المترو إلى ميدان التحرير ظُهر هذا اليوم ورأيت جموع الشباب، بدأت في الاحتشاد لم يكن أمامي سوى إغلاق هاتفي المحمول والاندماج معهم ونسيان أي أمر آخر مهما كان".
وسخر الناشط محمد كُريم من استيلاء دولة المخلوع مبارك على ثورة الشباب والاستثمار فى ذاكرة السمك التى تسيطر على الشعب المصري من أجل التلاعب فى أكثر لحظات التاريخ صدق ونقاء، مطالبا الشعب بالنزول إلى الميدان: " ثوره تاني من جديد".
وكتب المخرج اليساري عمرو سلامة: " #أنا_شاركت_في_ثورة_يناير عشان الثورة بتعنيلي المطالَب ديه، (عيش) الناس تلاقي تاكل، (حرية) الناس تعرف تعبر وتختار، (عدالة إجتماعية) تودي ان الناس تحب بعض وتتعلم تتعايش، #أنا_شاركت_في_ثورة_يناير ومؤمن إن كل تبعاتها السيئة سببها عقاب الدولة للي عمل الثورة وأيدها و تحذير منها، هاتعملوا ثورة مش هاتلاقوا أمن ولا أكل ولا شغل وهانطلق كلابنا عليكم، في شارع أو بيت أو إعلام، مش الثورة اللي خلت الميكروباصات تمشي عكسي على الدائري، ظابط المرور اللي اتقمص واختفى هو السبب، لأنه يا يكمل زي ما كان يا مش لاعب، وهكذا كل موظف في الدولة من ساسها لرأسها".
وتابع سلامة: أنا شاركت في ثورة يناير ولو ديه جريمة، فاللي جرمها هو اللي مجرم، أنا شاركت في ثورة يناير ولحد ما اموت مش هافخر بشيء قد فخري بالمشاركة فيها، أنا شاركت في ثورة يناير الثورة الوحيدة في تاريخ مصر الحديث، أنا شاركت في ثورة يناير حتى لو تعريفها القاموسي في العلوم السياسية تقنيا انتفاضة، لانها ماغيرتش نظام حكم، بس برضه فخور بيها حتى لو كان اسمها عزة".
وأضاف سلامة: "أنا شاركت في ثورة يناير ومش بكره اللي بيكرهوها، لان من أهدافها التعايش حتى مع اللي بيكرهوها، لكني بلعن اللي قتل شبابها وأذلهم وباعها او ركب سفينتها وقعد يخرم فيها، أنا شاركت في ثورة يناير ومؤمن انها ماكنتش ثورة شباب ضد عواجيز، بل كانت ثورة شرفاء ضد فاسدين، أنا شاركت في ثورة يناير الإنجاز المصري الوحيد في العصر الحديث اللي مش عسكري، وفعلا شعبي، الذكرى الوحيدة اللي مش عسكرية أو دينية، وحصلت في حياتنا".
وأردف: " أنا شاركت في ثورة يناير وأنا عارف إن مش كل اللي شارك فيها ملاك ولا كل من عارضها شيطان، أنا شاركت في ثورة يناير وانهرت واكتأبت لسنين وخسرت شخصيا كثير بسبب فشلها ومع كل ده برضه مش ندمان عليها، أنا شاركت في ثورة يناير وأكثر من ألومه على فشلها المشاركين فيها، بما فيهم نفسي، أنا شاركت في ثورة يناير وفاكرها زي امبارح، الضرب والغاز والميدان والنقاشات، الخوف والتضامن والحماس، لحظات العياط من فقدان الأمل ومن فرحة وهم الإنجاز".
واختتم المخرج الشاب تغريدته: " أنا شاركت في ثورة يناير كنت نقطة في محيط من ناس ضحت اكثر مني، بس المحيط ايه غير شوية نقط متجمعين، خليك حتى نقطة، المهم تكون في المحيط الصح، محيط عذب يروي عطش الناس، ولا تكون المحيط كله، وتكون مالح مسمم تسونامي ظالم، ومهما زاد العطش وضربنا اعاصير وتسونامي مستنينا يوم نرتوي فيه، وينصرنا على مين يعاديه". وعلق الفنان الشاب عمرو عمروسي: "أنا شاركت في ثورة يناير وفخور جدا إني نمت علي الأرض وأنا واقف خدمة بوابة عشان كنت جندي مدني بيحمي الناس اللي جايه تطالب بحقوق، وتقدم إلي الأفضل، ولحد دلوقتي بتمرد علي كل حاجة غلط، خليك طاقة إيجابية، احلم إنك تكون آلة تغير، خلي الناس تقلدك بعملك الصح والخير حتي لو مش معروف، ربنا شايفك وعالم بيك ومش هيضيع عملك لأنك اتقنت وتعبت، اتعب تاني وتالت وغير في بيتك وصحابك وشارعك وانتقد حكومتك زي ناس كتير جميلة في مجتماعنا خليك دايما متمسك بصفات النبي بأخلاقك وردك علي اي حد عقله صغير". وكتب وائل الصاوي: " أي خير هيحصل للبلد دي في ال100 سنة الجاية، هيكون سببه الأساسي الناس اللي نزلت 25 يناير 2011"، فيما علق شريف سلاح عفيفي: " #انا_شاركت_في_ثورة_يناير ( احسن حاجه حصلت في تاريخ مصر الحديث ) و كل اللي بيتعمل ضدها مش حيقلل من فخر الناس اللي شاركوا فيها". ولخص إسلام أغا المشهد عبر كلمات الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم: " لما تهل البشاير من يناير كل عام .. يدخل النور الزنازن يطرد الخوف و الظلام.. كل صاحب من صحابنا ... كل عيل من ولادنا.. حد فيهم شاف علامة من علامات يوم القيامة.. قبل ما تهل البشاير يوم 25 يناير.. لما قامت مصر قومه بعد ما كانت في نومه.. تلعن الجوع و المذلة والمظالم و الحكومة #انا_شاركت_في_ثورة_يناير"، فيما كتب الإعلامي أسامة جاويش: " من أعظم الأعمال اللي عملتها في حياتي إني #انا_شاركت_في_ثورة_يناير ولو رجع الزمن هشارك وهحرض على النزول بس ههتف من اول يوم يسقط حكم العسكر".