سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بالصور| "محمد محمود".. الجرافيتي يروي أحزانه و"ناس ولا على بالها" محمد جمال: "هشارك النهارده".. وعبدالله مصطفى أمام الشارع: "مش محمد محمود ده اللي في جامعة الدول!"
في ليلة التاسع عشر من نوفمبر، تحل الذكرى الثالثة لأحداث محمد محمود، حيث الميدان هادئ إلا من ضجيج رسوم الجرافيتي على مدخله، التي رفضت أن تصمت على أحداث تلك الذكرى الدامية، فكل الأمور في مسارها الطبيعي في محيط شارع محمد محمود، الشاهد على انتفاضة شباب لم يخن الميدان. في مثل هذا اليوم، كان الميدان يضيء بقلوب متظاهرين، تركوا انتماءاتهم الدينية والحزبية جانبًا، وعانقوا الموت بحرارة، وكانوا للثورة شمسًا أضاءت ظلام اليأس والاستعباد، ليصبح متظاهرو الذكرى الأليمة أبطالًا في رحاب الموت، ففي الذكرى الثالثة ل"جدع يا باشا.. جت في عينه"، لا يزال القصاص من قتلة الشهداء في عهد "المخلوع والمجلس العسكري والمعزول" مطلبًا للثوار. يسير محمد جمال، الشاب العشريني، في شارع محمد محمود، خلال عودته من محل عمله، يقف قليلًا أمام رسم "الجرافيتي"، ليذهب بذاكرته إلى 2011، حينما أصيب في وجهه بعاهة مستديمة، ليسرد حكايته، قائلًا: "كنت واقفًا هنا"، ويشير بيده إلى مكان وقوفه، متابعًا: "جت مدرعة وخبطتني طيرتني من على الأرض، وعملت الإصابة اللي أنت شايفها دي"، يسكت قليلًا ليتنهد قائلًا: "هشارك النهارده، مش عشان حقي اللي لسه ما رجعش بس، عشان حق ناس تاني ماتت، أه أنا ماعرفهمش، بس في الآخر هما أخواتي في الميدان". وبالمصادفة، كان محمد محمود، البالغ من العمر 18 عامًا، وصديقه سعد يسيران في شارع جمعة المطلب الواحد، والذي يعتز محمد به كثيرًا، لأنه مشابه لاسمه، ويقول عن ذكريات تلك الأيام: "كنت صغير ساعة أحداث محمد محمود الأولى، وماما ساعتها كانت خايفة عليا، ومارضيتش تنزلني أبدًا، وساعتها كمان ماكنتش فاهم، وكانت كل قناة في التلفزيون بتذيع رأي مختلف، بس أنا دلوقتي كبرت وفهمت، ومش هفوت فرصة زي دي عشان أعوض بيها عن تقصيري مع الناس دي". أما صديقه سعد، كان له رأيًا مختلفًا من المشاركة في فاعليات محمد محمود، قائلًا: "الإخوان هينزلوا ويتخفوا في الثوار، ويعملوا نفسهم مننا، بس أنا مش هسمحلهم بكده، ومش هساهم في أنهم يلزقوا في الثورة تاني، زي ما ركبوها قبل كده واستولوا على الحكم باسم الدين، ومش هسيب فرصة أنهم يعملوا نفسهم ثوار في إحياء ذكرى هربوا من أحداثها". شاب آخر يسير في شارع طلعت حرب، يظهر على وجهه الغضب، حين سمع السؤال المعهود: "هتشارك في ذكرى محمد محمود!"، وبشدة، ينكر الشاب الذي رفض ذكر اسمه، مشاركته، موضحًا قراره الذي حسمه منذ فترة: "الناس مضحوك عليها، وفاكرين الدنيا حلوة، وأن الاشية بقت معدن، والناس دي عمرهم ما هيصدقونا، ولو نزلنا وحصل حاجة زي اللي حصلت في الأحداث الأولى أو الثانية، هيقولوا علينا بلطجية، وهيكدبونا، فخليهم نايمين في العسل، وإحنا كمان ننام في العسل، كده كده البلد خلاص مابقاش في منها فايدة، ولا فيها أمل". وفي ميدان طلعت حرب القريب من شارع محمد محمود، قهقهة ضحك تخرج من فم أربعة أصدقاء يتسامرون أثناء سيرهم، متذكرين أيام ذكرى الأحداث، وقال أحدهم: "يااااه.. دي فرصة نرجع حقنا، وطبعًا هشارك، بس هطلع من نقابة الصحفيين، لأن الإخوان أكيد نازلين عشان يلزقوا فينا، ويعملوا نفسهم ثوار، وغالبًا هيعلموا شغب مع الشرطة، عشان يشوهوا صورتنا، وربنا يستر"، أما أصدقاءه الثلاث، قرروا رفض نزول الشارع أو المشاركة في الفاعليات، رافضين الإفصاح عن السبب. وفي حديقة ميدان التحرير، يجلس عبدالله مصطفى، متفقدًا "التابلت" الخاص به، ويستنكر معرفته بأحداث محمد محمود أو أي أحداث أخرى غير ثورتي 25 يناير و30 يونيو، متسائلًا عن مكان الشارع، رغم أنه يجلس مواليًا وجه شطره، بقوله: "مش ده اللي في جامعة الدول العربية!"، وتوقف قليلًا عن الكلام وعلى وجهه ملامح عدم الإدراك، يتابع: "لو عاوزني أشارك هشارك حاضر، من بكره أنا معاكوا والله، ماتقلقوش، وهنقف ضد اللي أنت بتقول عليهم دول". وعلى مقربة من عبدالله، يراقب صلاح جابر، حركات الشارع الرتيبة، متحدثًا عن ذكرى محمد محمود وكأنها ثورة ثالثة، بقوله: "أنا هنزل بكره عشان مش عاجبني اللي بيحصل، ومش عاجبني أي حاجة في البلد، وعمالين نقول إخوان إخوان إخوان، أهم مشيوا الإخوان، ومافيش جديد"، ولم يذكر الشاب الثلاثيني أي تلميح عن شهداء أو مصابي أحداث محمد محمود.