العوا يدرس قوانين 5 دول فى (العدالة الانتقالية).. وجنوب إفريقيا الأقرب مؤيدون: التصالح مقبول بشرط التوافق مع القانون.. معارضون: خطر على الجمهورية الثانية معتز ودنان تباينت آراء السياسيين حول فكرة العدالة الانتقالية، أو تصالح الدولة مع رجال أعمال النظام السابق، مقابل استرداد أموال الدولة التى استولوا عليها خلال عهد المخلوع بطرق غير شرعية؛ حيث اعتبر المؤيدون أن الفكرة فى حد ذاتها مقبولة ولكن ذلك له شروط أساسية؛ أهمها: أن تكون تلك المصالحات متوافقة مع القانون، ولا تكون مع الذين استغلوا وظيفتهم العامة ونفوذهم فى الاستيلاء على أموال الدولة أو التسهيل لآخرين فى نهب الأموال. أما المعارضون، فاعتبروا الفكرة تشكل خطرا على الجمهورية الثانية التى بدأت بتولى الرئيس محمد مرسى رئاسة الجمهورية، مؤكدين أن التصالح مع رجال الأعمال يُعد عامل تشجيع لأصحاب النفوس الضعيفة على الاستيلاء على أموال الدولة من جديد وإذا تم اكتشاف السرقة سيطالب بالتصالح أسوة بما حدث مع رجال النظام السابق. وكانت مصادر مقربة من الدكتور محمد سليم العوا -مستشار رئيس الجمهورية للعدالة الانتقالية- قد صرحت بأن العوا بدأ فى دراسة قوانين 5 دول، على رأسها جنوب إفريقيا؛ للوصول إلى تشريع مصرى يسمح بالمصالحة مع رموز النظام السابق المحبوسين حاليا على ذمة قضايا فساد، لرد ما استولوا عليه من أموال وأراضٍ منهوبة إلى الدولة، مشيرة إلى أن نموذج جنوب إفريقيا لسبل التصالح مع المسئولين السابقين سيكون الأقرب للتطبيق فى مصر. وقال المهندس عمرو زكى -أمين عام مساعد حزب الحرية والعدالة بمحافظة القاهرة-: إن فكرة التصالح مع الذين ارتبطوا بالنظام السابق مقبولة، لكن المعيار فيها هو مدى توافق أوضاعهم مع القانون والفيصل فى ذلك هو القضاء المصرى، أى أن الذين لم يتورطوا فى فساد أو تعدٍّ على أموال الشعب المصرى ستكون أمامهم الفرصة ومفتوح أمامهم الباب للتصالح والعمل من جديد مثلهم مثل كل المستثمرين الشرفاء فى مصر. وأكد زكى أن الشعب المصرى من الذكاء الكافى بأن يفرز ويفرق بين من يقبل التصالح معهم ومن لا يمكن أن يتصالح معهم؛ لأن الشعب يعرف جيدا رجال الأعمال الذين كانوا من أركان الفساد ويقودون النظام السابق ومتورطين بشكل أساسى فى معاناة جميع طبقات الشعب على مدار العقود السابقة، والذين ارتبطوا بهذا النظام فى أعمال وتعاملوا معه بحكم المسيطر على الدولة، وقال: "نحمد الله أن الثورة المصرية ثورة بيضاء لم تقم على روح الانتقام من الماضى، ولم يشهد العالم أى ثورة تعاملت مع النظام الذى يسقط مثلما تعاملت ثورة 25 يناير، فلم تكن هناك مصادرات أو محاكمات استثنائية، أو قتل واغتيالات لأحد، وهذا الأمر سيسرع من نهوض البلد فى وقت قياسى". أما عبد الغفار شكر -رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى- فيرى أن فكرة التصالح مع رجال أعمال النظام السابق لا يمكن الحديث عنها بشكل عام، ويجب الحديث عن هذا الأمر بما يتناسب مع كل حالة على حدة، فلا يمكن أن تكون هناك معايير تتناسب مع الحالات جميعا؛ فهناك أسماء لا يمكن التصالح معها مهما كانت الظروف، أو الأموال التى سيقوم بردها للدولة من هذا التصالح، وهؤلاء لا يجب أن يتم التعامل معهم مثل الباقين. وعن الشخصيات التى لا يجب أن يكون هناك تصالح معها، قال شكر إنه بالتأكيد لا يمكن أن نقبل بالتصالح مع أى شخص قام باستغلال وظيفته العامة فى تكوين الثروات، أو ساهم فى تكوين الثروات للغير بالتسهيل له للاستيلاء على أموال الدولة، وبيع أصول الدولة بأرخص الأثمان وتشريد آلاف العمال، فمثل هؤلاء لا قبول لتصالح معهم والشارع سوف يرفض هذا. من جانبه أكد عمرو على -عضو المكتب السياسى لحركة 6 إبريل- أن التقييم النهائى لتلك الفكرة لا يمكن أن يكون موضوعيا إلا بعد الاطلاع على المعايير التى سيتم تطبيقها على رجال أعمال النظام السابق، وعند الإعلان عنها نستطيع أن نبلور موقفنا من تلك القضية بشكل واضح. وقال عمرو: إنه فيما يخص الفكرة بشكل عام فإننى أعتقد أن فكرة التصالح مع رجال أعمال النظام السابق من حيث المبدأ غير مقبولة، مضيفا أن هؤلاء قاموا باستخدام أموالهم ونفوذهم -والتى جاء معظمها على حساب الشعب المصرى- فى تدعيم أركان هذا النظام الفاسد، وهم متورطون فى فساد هذا النظام. وأضاف أنه فى حال التصالح مع هؤلاء فإن ذلك قد يشكل خطورة على الجمهورية الثانية، ويمكن أن يكون بمثابة عامل مشجع للتعدى على أموال الدولة وسرقة مقدرات الوطن من أصحاب النفوس الضعيفة، الذين سيعتقدون أنه فى حال اكتشاف سرقتهم من الممكن أن يتصالحوا مع النظام الجديد الذى فعل ذلك مع رجال النظام السابق. وعن إمكانية أن تساهم تلك المصالحات فى استرجاع الأموال المهربة قال على: إنه بالفعل إذا ما سلكنا الطرق القانونية فقط فى استرجاع تلك الأموال فإنها ستستغرق وقتا كثيرا، ولكن مع استعادة الدولة المصرية لمكانتها الإقليمية والدولية، فإننا من الممكن أن نقوم بالضغط على الدول الخارجية المرتبطة بهذا الملف عن طريق الدبلوماسية المصرية لكى ندفع فى اتجاه تسريع خطوات استرداد أموال الشعب، وعموما الغرب لا يعرف إلا لغة المصالح، ولن يكون لأى دولة مصالح فى مصر طالما تتستر على أموال مصر والمجرمين الذين قاموا بسرقتها. واختتم على قائلا: "فيما يخص الأموال المنهوبة والتى لم يتم محاسبة سارقيها -سواء كانوا سجنوا فى قضايا أخرى أو لم يسجنوا- فإننى أعتقد أنه يجب التحرك بفعالية أكثر من النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، والذى نطالب منذ فترة بتغييره لأننا لمسنا تقصيرا شديدا من جانبه فى التعامل مع تلك القضايا، ومثال ذلك قضية المرشح السابق لرئاسة الجمهورية أحمد شفيق، وهروبه على الرغم من تورطه فى قضايا فساد -وهو ما دفع لوضعه على قوائم الانتظار- وفتح الملف بجدية بعد إفلاته من قبضة الدولة".