على إثر فشل حكومة المنقلب السفيه السيسي في وقف الديون ومراكمتها، وعدم الشفافية في الإنفاق الحكومي، وعدم تسديد الديون المستحقة لشركات البترول والموردين للحكومة المصرية، وتصاعد أزمات الاقتصاد المصري وإهدار أموال الضرائب في مشاريع فنكوشية، جاء قرر تأجيل جلسة مناقشة الشريحة الثالثة من قرض الصندوق وقرض استثنائي يبلغ قيمتهم 1 مليار دولار، من 9 يوليو الجاري إلى29 يوليو، ليفاقم الأزمات المالية لمصر، ويرجئ أية تدفقات مالية واستثمارية لمصر. ووفق خبراء اقتصاديين، فإن تأجيل صندوق النقد لقرار الإفراج عن الشريحة الثالثة يعكس تآكل الثقة المتبادلة بين خبراء صندوق النقد والحكومة، في ضوء عدم التزام الأخيرة بقواعد الإفراج عن أقساط القروض، وسداد مستحقات الشركاء الأجانب، وشمولية برنامج الإصلاح الاقتصادي. كما أن الفترة الزمنية الطويلة التي صاحبت التغيير الوزاري الأخير، جعلت المؤسسات الحكومية توقف مناقشة أية أنشطة مرتبطة باتفاقات الدولة مع صندوق النقد الذي يرى وجوب تنفيذها وفقا لجدول زمني مجدول مسبقا، مرهون بدفع أقساط القروض وفقا للجدول الزمني المتفق عليه في مارس الماضي. ويثير قرار التأجيل من قبل الصندوق، مخاوف من أزمة مالية خانقة جديدة، تؤثر على قدرة البلاد على الوفاء بالتزاماتها تجاه الدائنين، وقيمة العملة. كما تخشى الدوائر الاقتصادية من إقدام الحكومة على قرار رفع أسعار الكهرباء والمحروقات، المقرر تنفيذها نهاية الشهر الجاري، وهو ما يزيد الأسعار بصورة كبيرة تهدد بفوضى مجتمعية، لذا يطالب خبراء وسياسيون الحكومة بإعادة التفاوض مع صندوق النقد الدولي، حول ذلك القرار الكارثي، الذي يدمر الممجتمع المصري، في ظل موجات غلاء لم تهدأ بالأسواق منذ ثلاثة أعوام. شروط صندوق النقد وأرجعت خبيرة التمويل والاستثمار حنان رمسيس في تصريحات صحفية، مؤخرا، تأجيل مناقشة صرف الشريحة الثالثة، إلى ارتباطها بعدة شروط تلزم مصر بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون إدارة المالية العامة، ونشر تقارير التدقيق السنوية التي يصدرها الجهاز المركزي للمحاسبات عن الحسابات المالية للحكومة، منوهة إلى مطالبة الصندوق بنشر تقرير سنوي شامل عن النفقات الضريبية بنهاية إبريل 2024، وتنفيذ خطة إعادة رسملة البنك المركزي، وتقييم احتياجاته من إعادة الرسملة، بناء على التشاور مع خبراء صندوق النقد، والنظر في استكمال البنك المركزي لامتثاله لمعايير المحاسبة المصرية. أضافت خبيرة التمويل والاستثمار أن صندوق النقد وجه الحكومة إلى ضرورة وضع استراتيجية السداد وتسوية المدفوعات المتراكمة لمتأخرات الهيئة العامة للبترول، عن عقود توريد الغاز والمحروقات للشركات الدولية، والتي ساهم في إنهائها عبر قروض سابقة، خلال 2016 و2020، مع ضرورة التزام مصر بسداد المستحقات الجديدة التي تراكمت في العامين الأخيرين. إذ إن عدم التزام الحكومة بسداد مستحقات الشركات الدولية يدفع المستثمرين الأجانب إلى التشكك في قدرة الدولة على سداد المستحقات، ويظهر وجود مشكلة لدى الحكومة في مدى توافر النقد الأجنبي. مستحقات الأجانب وتبلغ مستحقات شركات النفط والغاز نحو 6.7 مليارات دولار، تعهد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أثناء إدلائه ببيان الحكومة الجديدة، مطلع الأسبوع الجاري العمل على سدادها بالكامل، مؤكدا أن نسبة السداد خلال الأسابيع الماضية تراوحت ما بين 20%-25% من مستحقات الشركاء الأجانب. ومنحت الحكومة شركة إيني الإيطالية المتحكمة في آبار الغاز الرئيسية، أولوية لسداد مديونية، قيمتها 1.6 مليار دولار، حيث دفعت نحو 25% من قيمة المتأخرات نهاية يونيو الماضي، لمنع إيني من اللجوء للتحكيم الدولي. ويطالب صندوق النقد من الحكومة عودة مصر لبرنامج الطروحات الحكومية، في البورصة لاستكمال برنامج "وثيقة ملكية الدولة"، وإطلاق مؤشر لتتبع تنفيذ سياسة ملكية الدولة، والذي كان مقرر صدوره في يونيو 2024، ليبدأ العمل به مع بداية السنة المالية 2024/ 2025 في يوليو الجاري، وهو ما يعني المزيد من بيع أصول الدولة المصرية وخصخصة الشركات الرابحة وبيعها وفقدان قدرة الدولة على الإنتاج ومن ثم التحكم في أسعار السلع داخل السوق المصري. يشار إلى أن اتفاق رسملة البنك المركزي، يتضمن تحديد الحد الأدنى لرأسمال البنك، وأن تكون الزيادة برأس المال بقرار من مجلس الإدارة، وتجنيب نسبة من الأرباح السنوية لزيادة رأس مال البنك أو التمويل من الاحتياطات، أو من الخزانة العامة بموافقة وزير المالية، مع عدم جواز أن تظهر حقوق الملكية بالسالب، وفي حالة حدوث ذلك تغطى من الخزانة العامة أو بإصدار أذون خزانة لا تتجاوز مدتها 90 يوما. نهاية السيادة المصرية ومع عدم التزام مصر باتفاقها مع الصندوق، فان المخاطر تتعاظم، إذ باتت السيادة المصرية مرهونة بيد الصندوق في القرارات الاقتصادية والاجتماعية. إذ من المرجح أن تفقد الدولة مصداقيتها لدى الدائنين، الذين يعتبرون الاتفاق مع الصندوق شهادة على قدرة الاقتصاد المصري الخروج من أزمته الطاحنة، ومدى قابليته لاستقبال الاستثمار الأجنبي المباشر، وضمان حصول المستثمرين على عوائد رأس المال واسترداد أرباحهم بالعملة الصعبة، عندما يريدون الخروج من البلاد أو إرسال فوائضهم للإدارات التابعة لهم بالخارج. وعلى الرغم من المراوغات المصرية مع المؤسسات المانحة، وعدم الالتزام بسداد الديون وأقساطها للمانحين والشركات الأجنبية، تطالب الحكومة المصرية في مراجعة صندوق النقد الدولي سياسة الرسوم الإضافية التي تدفعها على القروض، باعتبارها ثالث أكبر دافعي تلك الرسوم، بعد الأرجنتين وأوكرانيا، خلال اجتماعات مجلس إدارة الصندوق بواشنطن الشهر الجاري، المكون من 24 عضوا يمثلون 190 دولة، والتي تسبب ارتفاعا هائلا في أسعار الفائدة على القروض الممنوحة للبلاد وأضافت مليارات الدولارات من تكاليف الإقراض، متأثرة بارتفاع أسعار الفائدة على الدولار واليورو. إلا أن طلب الحكومة، غالبا ما سيواجه بالرفض، نظرا للمخاطر الكبيرة المحيطة بالاقتصاد المصري، والتي يُخشى معها عدم الالتزام بالسداد، وهو ما يضع نظام السيسي في مأزق كارثي، يصطلي بآثاره السلبية كل المصريين، من غلاء وضرائب ورسوم إضافية .