اجتمع مع أعضاء الحكومة الجديدة والمحافظين و«نواب الوزراء والمحافظين» عقب أداء اليمين الدستورية.. الرئيس السيسي يؤكد أهمية التطوير الشامل للسياسات والأداء الحكومى    المشيخة العامة للطرق الصوفية تحتفل اليوم بذكرى الهجرة النبوية الشريفة    الصحة: إصدار 271 ألف قرار علاج على نفقة الدولة بتكلفة 1.6 مليار جنيه    خلال يونيو.. إصدار 271 ألف قرار علاج على نفقة الدولة بتكلفة 1.6 مليار جنيه    أسعار الذهب فى مصر اليوم الأحد 7 يوليو 2024    وزير الري: متابعة مناسيب المياه بترع أسوان لاستيفاء احتياجات المحافظة    محافظ أسيوط للقيادات التنفيذية: "كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته"    أسعار الخضروات والفاكهة اليوم الأحد 7 يوليو 2024.. البصل 8 جنيهات    وزير الإسكان يتابع مع الشركات العاملة بمشروعات مدينة العلمين الجديدة الموقف التنفيذى ودفع معدلات الإنجاز    تقرير مفصل عن المناقشات والتوصيات أمام رئيس مجلس الوزراء الحوار الوطنى يتصدى لمحاولة اختلاق أزمة بترند «الأشجار»!    التاريخ يوثق جرائم من يدعون الإنسانية!    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 550 ألفا و990 منذ بداية الحرب    هل سيدعم الديمقراطيون كامالا هاريس إذا تراجع بايدن عن الترشح؟    متعة كوبا VS يورو أوروبا.. ميسى يحلم بتحقيق المستحيل قبل الوداع الأخير    صباحك أوروبي.. اعتذار كروس.. موقف مبابي.. وبطل إنجليزي في يورو 2024    كهربا ينتظم اليوم فى التدريبات الجماعية للأهلي    نجم الأهلي يتغزل في أحمد رفعت    إجراء تحليل مخدرات لسائق دهس ربة منزل بالعجوزة    إصابة 7 أشخاص إثر حادث تصادم سيارتين فى الجيزة    إخلاء سبيل حسام حبيب من قسم التجمع بضمان مالي 5 آلاف جنيه    إصابة 5 أشخاص بحالة تسمم غذائى داخل منزلهم فى طما بسوهاج    السيطرة على حريق نشب بمنزل دون إصابات بدار السلام سوهاج    تركي آل الشيخ مشيدا بالشراكة بين هيئة الترفيه والمتحدة: مهمة لصناعة السينما    «آخرة المخدرات».. مي العيدان تدخل على خط أزمة شيرين عبد الوهاب وحسام حبيب (صور)    المئات يتظاهرون أمام مقار وزراء وأعضاء بالكنيست للمطالبة بإبرام صفقة تبادل    "اللعب مع العيال" يحافظ على ترتيبه بالبوكس أوفيس المصري، هذه إيرادات أمس    دعاء استقبال العام الهجري الجديد 1446.. خذ الأجر والثواب    النسوية الإسلامية (الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ): خاتم الأنبياء.. والهجرة للرجال والنساء! "101"    اليوم العالمي للشوكولاتة.. هل جربتها بالفجل الحار؟    شيخ الأزهر يلتقي مسلمي تايلاند في بانكوك "صور"    ضياء السيد: رفعت صاحب شخصية قوية منذ صغره وكنا نستعد لعودته للملاعب    حزب الله يستهدف موقع السماقة الإسرائيلي في تلال كفرشوبا اللبنانية    "بسبب خلافات مع أبوه".. ضبط 4 متهمين خطفوا طالب في قنا    مظاهرات في إسرائيل تطالب بصفقة تبادل مع حماس وإقالة نتنياهو    غرفة الصناعات الكيماوية: قطاع الصناعة سيشهد طفرة الفترة المقبلة    أوروجواي يتأهل لنصف نهائي كوبا أمريكا بعد الفوز على البرازيل بركلات الترجيح    حدث ليلا.. كارثة كروية في المغرب وأزمة منتظرة بفرنسا وإضراب شامل داخل إسرائيل |عاجل    أول تعليق من التعليم على قيام سيدة بترديد اجابات الكيمياء أسفل نوافذ أحد اللجان    تفاصيل إنقاذ لاعبي اتحاد طنجة من الغرق.. توقف البحث عن المفقودين بسبب الطقس    كاريكاتير اليوم السابع يحتفى بالعام الهجرى 1446ه    توقعات بارتفاع كبير لصادرات كوريا الجنوبية من السيارات في النصف الأول    نقابة الصيادلة: صناعة الدواء المصري الأفضل على مستوى الشرق الأوسط    وزير الخارجية البريطاني الجديد يزور ألمانيا في أول رحلة خارجية له    "أطلع هُنا" رابط نتائج البكالوريا سوريا حسب رقم الاكتتاب عبر موقع وزارة التربية السورية moed gov sy    حادث مروع.. غرق 5 لاعبين من فريق مغربي شهير    خالد الجندي: هجرة الرسول تمثل القدرة على اتخاذ قرار.. ونتج عنها ميلاد أمة    كوبا أمريكا 2024| تشكيل منتخب البرازيل لمواجهة أوروجواي    نشوى مصطفى تتعرض لحادث بسيارتها.. وتعلق: "ربنا نجانى برحمته ولطفه"    جمال شعبان يكشف مفاجأة عن سبب وفاة أحمد رفعت    أحمد دياب يكشف تفاصيل ما حدث لأحمد رفعت لاعب مودرن سبورت    الكلية العسكرية التكنولوجية تستقبل وفدًا من جامعة العلوم للدفاع الوطنية الصينية    آخر فرصة للتقديم.. وظائف خالية بجامعة الفيوم (المستندات والشروط)    حظك اليوم برج القوس الأحد 7-7-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    استدعاء شيرين عبدالوهاب للتحقيق في بلاغها ضد حسام حبيب بضربها    الأكاديمية العسكرية المصرية تحتفل بتخرج الدفعة الأولى (ب) من المعينين بالجهات القضائية بعد إتمام دورتهم التدريبية بالكلية الحربية    عاجل.. رئيس مودرن سبورت يكشف تفاصيل عقد أحمد رفعت وقيمة راتبه المستحق لأسرته    احذروا.. تناول هذه الإضافات في الآيس كريم قد يشكل خطراً على الصحة    دعاء النبي وأفضل الأدعية المستجابة.. أدعية العام الهجري الجديد 1446    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد خير موسى يكتب: الهجوم على الشيخ الشعراوي.. لماذا الآن؟

"حافظوا على تحويل انتباه الرّأي العام بعيدًا عن المشاكل الاجتماعيّة الحقيقيّة وألهُوهُ بمسائل تافهة لا أهميّة لها.
أبقُوا الجمهور مشغولًا، مشغولًا، مشغولًا دون أن يكون لديه أيّ وقتٍ للتّفكير، فقط عليه العودة إلى المزرعة مع غيره من الحيوانات الأخرى".
هذا النّص ذكره المفكّر الأمريكي نعوم تُشومِسكِي في دراسته "استراتيجيّات التحكّم في البشر والسّيطرة على الجمهور"، ونسَبَه إلى الوثيقة المسمّاة "الأسلحة الصّامتة للحروب الهادئة".

استراتيجيّة مصارعة الثّيران
يكونُ الثّور الغاضب محبوسًا خلف بوّابة حديديّة صارمة، وبعدَ أن يتصاعدَ غضبُه إلى حدّه الأقصى تُفتَحُ له البوّابة لينطلق مسرعًا باتّجاه ذلك الكائن الصّغير؛ المُصارِع الذي يوقنُ أنّه لا يمكن أن يقوى على الوقوف في وجه الثّور الغاضب والهائج، فيحملُ على الفور منديلًا أحمر يوجهه ذات اليمين وذات الشّمال، يتشتّت انتباه الثّور فيصبح همّه المنديل الأحمر الذي لم يكن في لحظةٍ من اللحظات قضيّته، وفجأة يظهر مصارع آخر يحملُ منديلًا آخر، والثّورُ الغاضبُ قد تشتّت انتباهه وغاب تركيز غضبه وانشغل بالمناديل الحمراء الجانبيّة عن المُصارع الذي يسارعُ إلى غرس السّيوف واحدًا تلو الآخر في ظهره، ورغم ذلك يظل غضبُ الثّور موجهًا إلى المنديل الأحمر الهامشيّ حتّى يتمكّن المُصارعُ من هدّه والإجهاز عليه.
في الغرف المُغلَقة يجتمعُ المُصارِعُ الصّغير مع مناديله الحمراء، يكلّفُ أحد هذه المناديل بالظّهور على الشّاشة وعلى وسائل التّواصل الاجتماعيّ وشتم الشّيخ الشّعراوي ووصفه بأبشع الأوصاف.
يُستَفَزّ الجمهور الغاضب الذي لا يتعامل معه أبناء الغرف المغلقة إلّا بوصفه ثورًا غاضبًا هائجًا يجب إلهاؤه بالقضايا الجانبيّة والتافهة وتشتيتُ انتباهه وإضعاف تركيزه وحرف أنظاره عن المُصارع وما يفعله من كوارث.
تبدأ المعركة بين من يهاجمُ الشّيخ الشّعراوي رحمه الله تعالى ومن يتصدّى للدّفاع عنه، يحتدمُ النّقاش وترتفع الأصوات وتحمرّ العيون وتنتفخُ الأوداج، ويزيدُ المُصارع من مناديله الحمراء التي تظهر على الشّاشة لشتم الشّيخ الشّعراوي وتسخين المعركة الإلهائيّة.
ينشغلُ النّاس بمعركة الشّيخ الشّعراوي فتتوالى السّيوف التي يغرسها المصارع في ظهورهم؛ سيف تهاوي العملة، وسيف غلاء المعيشة، وسيف رداءة البنية التّحتية، وسيف الحريّات الغائبة، وسيف حوادث الجسور، وسيف جنون الأسعار.
إنّها عمليّة "الإدارة بالأزمة" من خلال افتعال الأزمات الوهميّة والجانبيّة والهامشيّة لينشغل النّاس بها عن أزماتهم الحقيقيّة التي لا تفتأ تفتك بهم صباح مساء.
إنّ الهجوم على الشّيخ الشّعراوي هدفُه بالدّرجة الأولى ليس الشّيخ الشّعراوي، بل هدفه افتعالُ قضيّة جانبيّة يتلهّى بها النّاس عن الكوارث الحقيقيّة التي يعاينونها ويعانونها، وينشغل بها العبادُ عن الجراح الحقيقيّة التي تثغب دمًا وقهرًا ووجعًا من كلّ أنحاء أجسادهم المُنهكة.

خاطبهم كأنّهم أطفال
جاءت الاستراتيجية الخامسة من الاستراتيجيّات العشرة لإلهاء الشّعوب التي ذكرها نعوم تشومسكي في دراسته "استراتيجيّات التحكّم في البشر والسّيطرة على الجمهور" بعنوان "خاطِب العامّة كأنّهم أطفال".
جاء فيها: "إذا تمَّ التوجّه إلى شخصٍ مّا، كما لو أنّه لم يتجاوز بعد الثّانيةَ عشرةَ من عمره؛ فإنّه يتمّ الإيحاء له بأنه فعلًا كذلك؛ وبسبب قابليّته للّتأثر من المحتمل إذن أن تكونَ إجابته التّلقائية مفرغة من أيِّ حس نقدي، كما لو أنّه صادرٌ فعلًا عن طفلٍ ذي اثنتي عشرة سنة".
إنّ المعركة الإلهائيّة التي تمثّلت في مهاجمة الشّيخ الشّعراوي اعتمدت على إقصاء الحسّ النّقدي وتغييب القدرة الجماهيريّة على التّعامل مع هذه المعركة بمنطق نقد أسبابها وأهدافها والمُراد منها ومآلاتِها، وذلك من خلال استفزاز عاطفتها الدّينيّة الصّادقة عن طريق مهاجمة أحد أهمّ أعلام الدّعوة وأكثرهم تأثيرًا وحضورًا عند المواطن العاديّ في القرن الأخير وهو الشّيخ الشّعراوي رحمه الله تعالى.
وسرعان ما يدخلُ الجمهور الغاضب في الاشتباك لأنّه مُستَفز أصلًا ومتوثّبٌ للمعركة ومتحفّز لها، ولكن تفريغ غضبه يتمّ بطريقةٍ كما لو أنّه تفريغ غضب طفلٍ مندفع يتمّ إقناعه باشتباكٍ آمن لتفريغ طاقته الانفعاليّة وفرط حركته وغضبه المتصاعد.

أتاحَ لها لسان حسودِ
على أنّه لا يمكننا إغفالُ حقيقةٍ ناصعةٍ في المعركة ضدّ الشّيخ الشّعراوي، وهي أنّ المعركة وإن كانت إلهائيّةً بالدّرجة الأولى فقد كشفت عن مدى الغيظ والحنق الذي تخفيه صدور القوم اتجاه أيّ رمزٍ إسلاميّ يؤثّرُ في النّاسِ على الحقيقة إحياءً وتنويرًا وتربية وغرسًا للهويّة في أركان المجتمع، كما كشفت عن مدى فطريّة ونقاء الجمهور الذي لا يقبل أن تُمس عقيدته وهويّته ورموزه الأصيلة.
إنّ غباء الحاسد، وفقدان الحانق أعصابَه؛ أعاد الشّيخ الشّعراوي إلى الواجهةِ فعاد النّاس إلى تداول أقواله ومقاطعه ودروسِه بشكلٍ يزيد من غيظ القوم وغضبهم وحنقهم؛ ولله درّ أبي تمّام وهو يصوّر المشهد بأبلغ صورةٍ إذ يقول:
وإِذا أرادَ اللّهُ نشرَ فضيلةٍ
طُويتْ أتاحَ لها لسانَ حسودِ

لولا اشتعالُ النارِ فيما جاورَتْ
ما كان يعرفُ طِيبُ عَرفِ العُودِ

لولا التّخوفُ للعواقبِ لم تزلْ
للحاسدِ النُّعْمى على المحسودِ
………….


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.