أثار استخدام شامخ الانقلاب ما يسمى تقنية تجديد "الحبس عن بُعد" للمعتقلين احتياطيا على ذمة قضايا سياسية، انتقادات حقوقية وسياسية. واعتبر حقوقيون تجديد الحبس أون لاين مخالفة قانونية ودستورية وتغولا من السلطة التنفيذية على نظيرتها القضائية دون تعديل تشريعي، محذرين من أن هذا الإجراء ينتقص من ضمانات المحاكمة العادلة للمعتقلين، ويهدد حقوقهم التي كفلتها الإجراءات القضائية. وقالوا إن تجديد الحبس عبر "الفيديو كونفرانس" يعزز الإجراءات الاستثنائية فيما يتعلق بالمعتقلين السياسيين، مثل انعقاد المحاكمات في مراكز الشرطة بدلا من قاعات المحاكم، وتخصيص دوائر بعينها يرأسها قضاة معينون لنظر قضايا معينة. كانت وزارة العدل بحكومة الانقلاب قد دشنت في 18 أكتوبر الماضي المرحلة الأولى من مشروع تجديد الحبس الاحتياطي عن بعد بين محكمة القاهرة الجديدة وكلٍ من سجن طرة العمومي وسجني 15 مايو والنهضة المركزيين. وتتضمن الآلية الجديدة، نظر جلسات تجديد حبس المعتقلين، باتصال القاضي بهم داخل محبسهم بواسطة دوائر تليفزيونية مغلقة (فيديو كونفرانس)، عبر قاعات مخصصة لذلك بكل سجن، ويتم ربطها بين عدد من المحاكم وبعض السجون. كما بدأت محاكم الإسكندرية، العمل بالتقنية الجديدة قبل ايام، عقب افتتاح وزير العدل الانقلابى عمر مروان أعمال تطوير مبنى محكمة الإسكندرية الابتدائية، أسوة بنظيراتها في القاهرة الجديدة، وشمال القاهرة، بعد تطبيق النظام الجديد فيهما. وزعم وزير العدل الانقلابي أن الآلية الجديدة تسهم في سرعة الإنجاز والناحية الأمنية، وأيضًا تقليل فرص انتشار فيروس كورونا بين المحبوسين والمواطنين، وفق تعبيره. سقطة جديدة من جانبه اعتبر المستشار محمد عوض المنسق العام لحركة قضاة من أجل مصر، أن آلية الفيديو كونفرانس تعد انتهاكا واضحا لحقوق المحبوسين، مشددا على ضرورة أن يكون هناك اتصال مباشر بين القاضي والمتهم، وسماع مرافعته، ويمكنه تقديم شكوى له بما يتعرض له من انتهاكات داخل السجن. وتساءل عوض فى تصريحات صحفية: في ظل الآلية الجديدة كيف يمكن للمعتقل الكشف عما يتعرض له أمام القاضى دون أن يتعرض للتنكيل مجددا؟. وأكد أن هذه الإجراءات الجديدة باطلة دستوريا بطلانا مطلقا، ولا تمت للعدالة بصلة وتمارسها السلطة الانقلابية، وكل مبرراتها واهية ولا يعتد بها دستوريا، موضحا أنه لا يصح التشريع بهذا الأمر من الناحية الدستورية؛ لأنه يخالف إجراءات المحاكمة العادلة. وأشار عوض إلى أن المتهم أو المعتقل لا يستطيع أن يكشف عما يتعرض له من تعذيب أو انتهاك أو اعتراف بالإكراه، ومن أكرهه وقام بتعذيبه يقف أمامه يرهبه ويخوفه، ولا يراه القاضي.. مؤكدا أن هذه الالية سقطة جديدة للسلطة القضائية التي وقعت رهينة للسلطة التنفيذية ولا علاقة لها بأصول وقواعد التقاضي. وطالب المتضررين بالطعن بعدم دستورية المشروع الجديد الذي ينتقص من حقوق المتهمين والمعتقلين ومن سلطة القضاء على حد سواء. جريمة إضافية وأكد الحقوقي هيثم أبو خليل أن التجديد عن بعد جريمة كبيرة وإضافية تفضح نوايا القائمين على الأمر بتعمد استمرار سجن السياسيين احتياطيًا بالالتفاف على القوانين والإجراءات المنصوص عليها. وقال أبو خليل فى تصريحات صحفية إن نوايا سلطات الانقلاب السيئة تُظهر بوضوح في صيغة الإعلان الرسمي من أن الهدف هو تجديد الحبس إلكترونيًا وليس الإفراج إلكترونيًا، ما يعني أن خيار إخلاء سبيل المعتقلين ليس واردًا أو هو مستبعدا على الأقل. وأشار إلى أن عدد المعتقلين 30 ألف محبوس احتياطيًا، وغالبيتهم سياسيون، وتقدر منظمات حقوقية أعداد السجناء السياسيين بنحو 60 ألف سجين معظمهم قيد الحبس الاحتياطي وينتمي غالبيتهم لجماعة الإخوان مؤكدًا أن جائحة كورونا مثّلت فرصة لإخلاء سبيلهم، غير أن سلطات الانقلاب فضّلت إخراج السجناء الجنائيين والعفو كل حين عن مئات منهم. المحاكمة العلنية وأكدت الناشطة السياسية نانسي كمال أن المشروع الجديد حلقة جديدة من حلقات سلب المتهمين والمعتقلين حقوقهم، موضحة أن الآلية الجديدة تضاف إلى مسلسل الانتهاكات بحقوق المعارضين بيد شامخ الانقلاب الذي يفترض فيه العدل للجميع. وقالت نانسي كمال فى تصريحات صحفية": تعودنا دائما على قمع نظام الانقلاب للمعارضين السياسيين، ولكن هذه المرة فاق القمع كل الحدود، وخرج القضاء عن القانون مشيرة إلى أن المشروع الجديد انتهاك جديد يضاف إلى انتهاك حبس المعارضين احتياطيا أكثر من سنتين، وهو مخالف تماما للدستور والقانون. وأضافت: لم يكتف نظام الانقلاب بكل هذا الانتهاك الصارخ، بل أراد حرمان المعتقل من حقه في المحاكمة العلنية وحضوره جلسات تجديده ما يكفل له الحق في الدفاع عن نفسه أمام القاضي، مؤكدة أن هذا النظام الفاسد يريد أن يسلب المعتقل السياسي كل حقوقه. الحبس الاحتياطي وقال المحامي والحقوقي أسامة بيومي ان المواد المنظمة للحبس الاحتياطي أجمعت على أن يصدر القرار بعد سماع القاضي للادّعاء الممثل في النيابة العامة إضافة إلى المعتقل ودفاعه. وأوضح بيومي في منشور على موقع فيسبوك أن نظر تجديد أمر الحبس بهذه الكيفية ربما يتماشى مع وجود فيروس كورونا، غير أنه يخالف صحيح المادة 125 التي تستوجب عدم الفصل بين المتهم ودفاعه. واضاف: إن نظر تجديد أمر الحبس بهذه الكيفية مخالف لنصوص باقي مواد القانون من وجوب سماع المتهم، وليس مجرد سؤاله فقط عن ارتكاب التهم من عدمه، بل يتعداه إلى المناقشة في أدلة الاتهام إن وجدت.