النفي الذي أعلنه جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، يوم الاثنين الماضي، حول موافقته على عملية استحواذ مجموعة مستشفيات «كليوباترا» على مجموعة «ألاميدا» للرعاية الصحية، ربما يسهم في عرقلة استحواذ الإمارات على أكبر المؤسسات الطبية الخاصة بمصر؛ وبالتالي فإن رفض الجهاز حتى اليوم القبول بهذه الصفقة ربما يعكس رفض بعض أجنحة النظام لاحتكار الإمارات للقطاع الطبي الخاص بمصر. وكان الجهاز قد نفى موافقته على الصفقة، مؤكدًا أن الأخبار المتداولة بشأن «عدم ممانعته في الصفقة» عارية من الصحّة «جملة وتفصيلا». ومع تزايد معدلات الإصابة بعدوى فيروس كورونا، وعدم قدرة المستشفيات الحكومية على استيعاب أعداد المصابين الذين باتوا يموتون كل يوم أمام بوابات المستشفيات؛ استغلت المستشفيات الخاصة هذه الأزمة وراحت تبالغ في أسعار تقديم الخدمات الصحية، ورفضت هذه المستشفيات التسعيرة التي وضعتها وزارة الصحة بحكومة الانقلاب بشأن علاج مصابي فيروس كورونا، والتي قدرت الخدمة في الرعاية المركزة مع جهاز تنفس صناعي ب10 آلاف جنيه يوميا، وهو ما رفضته هذه الشركات التي تغالي بشدة في أسعار تقديم الخدمات وتصل إلى 90 ألف جنيه لليوم الواحد. وكشفت بعض الفواتير عن أسعار فلكية تصل إلى نصف مليون جنيه لمصابي كورونا. واكتفت الحكومة بهذه الخطوة غير الملزمة، وتركت المستشفيات الخاصة والاستثمارية تنهش في المواطنين نهشًا دون أي حماية من جانب الحكومة حتى اليوم. وقال جهاز حماية المستهلك، في بيان له، إنه تأكد من أن إتمام اتفاقية الاستحواذ المزمعة «يترتب عليها وقوع ضرر جسيم على المنافسة وعلى الفرص الاستثمارية في هذا القطاع الحيوي والمهم للمواطنين، والتي ينبغي أن تقدم بصورة تنافسية لضمان جودة تقديم الخدمة بأسعار ملائمة، وضمان عدم تأثر خدمات التأمين الطبي وغيرها من الخدمات والأطراف المعنية». وشدد الجهاز على أن أطراف صفقة الاستحواذ المزمعة قد تمت مخاطبتهم بالقرار، وأنهم أكدوا حرصهم على التوافق مع الجهاز لإتمام الصفقة، مؤكدًا أنه سيعلن عن نتائج الفحص النهائي لها. وكان الجهاز قد خاطب وزارة الصحّة في فبراير الماضي، طبقًا لتقارير صحفية، مطالبًا بالتدخل لوقف إتمام صفقة اندماج الشركتين لأنها ستؤدي إلى آثار سلبية على الاقتصاد وحقوق المواطنين، بحسب التقارير. وتضم مستشفيات «كليوباترا» نحو 780 سريرًا في حين تمتلك «ألاميدا» نحو 670 سريرًا. وفي فبراير الماضي، أعلن مجلس إدارة مؤسسة «كليوباترا» الصحية أنه بصدد بحث ودراسة الاستحواذ على مجموعة «ألاميدا» الطبية التى تملك سلسلة مستشفيات «دار الفؤاد» و«السلام الدولية». وتم الكشف عن قيام مؤسسة «كليوباترا» حال الاستحواذ على كامل أسهم «ألاميدا» المالكة لمستشفيات دار الفؤاد والسلام الدولى، بتسديد الأولى 50% نقدا والباقى فى صورة أسهم يتملكها مساهمو الثانية، ويصل تقييم المجموعتين ل10 مليارات جنيه ما يجعلها عملاق الخدمة الصحية الوحيد فى مصر. وتعتبر وزارة الصحة هى المسئول الأول عن الصفقة المحتملة، وذلك وفقا للقرار الوزارى للدكتور عادل العدوى، وزير الصحة الأسبق، رقم 497 لسنة 2014، والذى يمنع التصرف فى المستشفيات الخاصة ومصانع الأدوية إلا بعد الرجوع للإدارة المختصة بالوزارة، والحصول على موافقة كتابية لهذا الهدف بعد التأكد من عدم تأثر حقوق المرضى والأطباء والعاملين بالمنشأة. وبالتالي فإن رفض جهاز حماية المستهلك هو مجرد رأي استشاري غير ملزم، وتبقى وزارة الصحة هي المسئول بشكل مباشر عن إتمام الصفقة لحساب حيتان البيزنس الخليجي أو عرقلتها لحماية المصريين من احتكار شركات الإمارات للقطاع الطبي الخاص بمصر. وشركة مستشفى كليوباترا مدرجة بالبورصة المصرية، وتعد مجموعة «كير هيلث كير» هى المساهم الرئيسى فيها بحصة قدرها 37.73% من الأسهم وهى مملوكة بشكل غير مباشر لمجموعة أبراج كابيتال الإماراتية، فى حين يتمثل باقى هيكل ملكيتها فى أسهم تداول حر. وتمتلك الشركة 6 مستشفيات كبيرة فى القاهرة وتعتبر الأكبر بين مستشفيات القطاع الخاص فى مصر، وتحمل المستشفيات التابعة لها عدة أسماء وهى كليوباترا بمصر الجديدة والنيل بدراوى والشروق والقاهرة التخصصى والجولف والكاتب بالدقى، وتستأجر مستشفى كوينز للنساء والولادة بمصر الجديدة. وتنقسم ملكية شركة ألاميدا للرعاية الصحية مناصفة ما بين الرئيس التنفيذى فهد خاطر ومجموعة إماراتية، وتمتلك عددا من الكيانات منها مستشفيات كبرى وهى السلام الدولى ودار الفؤاد، ومعامل يونى لاب والكسير للمناظير وطبيبى. وتأتى الصفقة المرتقبة بعد إصدار قانون التأمين الصحى الشامل، الذى يسمح باختيار المريض لمكان تلقى الخدمة العلاجية والطبيب المعالج، بموجب تعاقد بين الحكومة ومقدمى الخدمات الصحية من القطاعين الخاص والحكومى. وأمام افتقاد المستشفيات الحكومية لشروط ومعايير القانون؛ فإن المستشفيات الخاصة سوف تستحوذ على نصيب الأسد من هذا البيزنس الضخم، ويبدو أن نظام السيسي وبرلمانه يساعدان حيتان الإمارات بالقوانين والتشريعات الشاذة من أجل حماية البيزنس الإماراتي وتحقيق أعلى المكاسب على حساب الشعب المصري.