في أكبر إعلان كارثي عن مستقبل الاقتصاد المصري وتدهوره المتوقع خلال العام المالي الجديد، قال وزير المالية الانقلابي محمد معيط، الثلاثاء، إن "الحكومة بدأت التحرك لدى المؤسسات العالمية لإسقاط بعض الديون الخارجية، أو الفوائد المستحقة عليها، وتأجيل البعض الآخر". مشيرا إلى أن مصر تقدمت بطلبات عدة من خلال مجموعات، وتحركات جماعية، بينها الاتحاد الإفريقي، وانتهت إلى توقيع مذكرة بذلك مع 13 وزير مالية من الدول الإفريقية لدى صندوق النقد والبنك الدوليين. وأضاف معيط، أمام لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب الانقلابي، أمس، أن "بلاده ملتزمة بسداد أقساط وفوائد القروض، ولم تتخلف عن سداد أي منها حتى الآن، على الرغم من تأثر الاحتياطي النقدي سلبا جراء تداعيات فيروس كورونا". ولفت إلى أن "البنوك والشركات أمامها مسئولية مجتمعية، وملتزمة بأن تسدد نسبة محددة من أرباحها للصرف على المسئولية المجتمعية، وذلك طبقا لقواعد الحوكمة". وأفاد معيط بأن "وزارة المالية تسعى إلى مزيد من دمج الهيئات الاقتصادية لتعظيم النفقات العامة، مع بحث مستقبل الوزارات الحالية في مرحلة متقدمة"، مستطردًا بقوله: "لن نسمح بإنشاء هيئات اقتصادية جديدة، والاتجاه يسير نحو دمج المتشابهة منها في الاختصاصات، وستكون هناك حوارات موسعة داخل الحكومة لبحث ترشيد الإنفاق إلى أقصى قدر ممكن، وهيكلة الوضع القائم". وأضاف: "ننظر إلى كل جنيه ننفقه في هذا الوضع الصعب، والحكومة سترسل بيانا خلال شهر من الآن إلى البرلمان، حول تأثير أزمة فيروس كورونا على عدد من القطاعات، في ضوء تراجع بعض الموارد الخاصة بالحصيلة الضريبية"، لافتا إلى أن هناك تنسيقا وتعاونا مع صندوق النقد الدولي في ملف خطة الإيرادات المتوسطة، والدعم الفني". طلب قروض وتابع معيط أننا "مستمرون في التنسيق مع خبراء صندوق النقد، وطلبنا منهم تمويلا جديدا، أخيرا، ونحن نحتاج إلى نظرة الصندوق في مجال إصلاحات المالية العامة، وإدارة الدين من خلال إنشاء وحدات بالتعاون معهم، مثل وحدة المراجعة، ووحدة رفع كفاءة إدارة الدين العام". وأكد أن "الوزارة تدرس حاليا إدخال بعض التعديلات على قوانين الصكوك، والمالية العامة، والقيمة المضافة، بدعوى حل مشكلة بعض الصناعات مثل الورق". كورونا تفاقم أزمات الانقلاب وعن تداعيات أزمة فيروس كورونا على مشروع الموازنة العامة للدولة، قال: "من المتوقع أن تتأثر الإيرادات بالانخفاض، وترتفع المصروفات في المقابل، ما ينعكس بطبيعة الحال على العديد من المؤشرات مثل الفائض الأولي، والعجز الكلي، ونسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي". وزاد قائلا: "كان متوقعا أن يحقق مشروع الموازنة فائضًا أوليًا بنسبة 2%، إلا أنه بعد أزمة فيروس كورونا، من المتوقع انخفاض هذا الفائض إلى 0.6% فقط، كما كان متوقعًا أن يحقق مشروع الموازنة عجزا كليا بنسبة 6.2%، إلا أنه من المتوقع أن ترتفع نسبة العجز إلى نحو 7.8%، في حال ما استمرت الأزمة حتى 31 ديسمبر 2020". زيادة الديون 88% من الناتج المحلي وأضاف معيط أنه "كان من المستهدف انخفاض نسبة الدين العام بمشروع الموازنة الجديدة إلى 83% من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أنه من المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 88% بسبب التداعيات الاقتصادية لأزمة فيروس كورونا"، مستكملا "يجب الخروج سريعا من الأزمة الراهنة، والعودة مرة أخرى إلى معدلات الإنتاج المستهدفة". وتابع: "نحن بين نارين، بسبب ما يتعلق بمتطلبات الأجور والدعم التمويني في الموازنة، ومواجهتنا في الوقت نفسه أزمة حقيقية في التمويل، لذا فالموازنة الجديدة للدولة تستهدف تحقيق التوازن من خلال خفض النفقات، من دون التأثير على المواطن"، لافتاً إلى أن وزارة المالية تستخدم كل الأدوات الممكنة لترشيد الإنفاق، وزيادة الإيرادات، لذلك تقدمت بتعديلات على قانون رسم تنمية الموارد المالية للدولة، والذي وافق عليه مجلس النواب مؤخراً لزيادة الإيرادات. وأضاف أننا "نسعى لزيادة موازنة الدولة من حصيلة ضرائب القيمة المضافة، والتي تأثرت بانخفاض سعر الدولار من 18 جنيها إلى 15.75 جنيها حاليا، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك اتفاقيات أبرمتها الدولة المصرية تُعفي من الضريبة". نواب يقترحون وقف الإسكان الاجتماعي فيما اقترحت النائبة سهير الحادي إلغاء الموازنة المخصصة للإسكان الاجتماعي في العام المالي الجديد، قائلة إن "هذا العام هو عام استثنائي، ونحتاج فيه إلى تدبير كافة النفقات الممكنة، في ضوء المبالغ المالية المتاحة في الموازنة، لذا أرى أنه لا يوجد داعٍ لتخصيص موازنة للإسكان الاجتماعي لهذا العام، والاستفادة من هذه المخصصات في سداد أوجه العجز الذي تواجهه الموازنة العامة". وهو اقتراح يكشف حقيقة هندسة برلمان المخابرات، للعمل ضد الشعب ومصالحه، من أجل عيون السلطة. والغريب أن جهود تأجيل سداد الديون تأتي في الوقت الذي تطالب فيه مصر صندوق النقد الدولي بشأن الحصول على قرض جديد، فيما تتصاعد مخاوف مواطنين من إجراءات تمتد هذه المرة إلى عمليات تسريح واسعة للموظفين في الجهاز الإداري للدولة، بعد أن عانوا من إجراءات مؤلمة بعد حصول الدولة على القرض السابق. وقال مدبولي: إن المناقشات مع الصندوق ستبدأ خلال الأيام القليلة المقبلة، لكنه لم يوضح حجم الدعم المالي المحتمل، وإنْ لمّحت مصادر إلى أنه يتراوح ما بين 3 و4 مليارات دولار ولمدة عام. ويعاني الاقتصاد المصري من توقف السياحة تماما، ويتوقع خبراء تراجع عائدات قناة السويس وصادرات الغاز وكذلك تحويلات المصريين العاملين في الخارج، ما ينذر بفقدان الدولة مليارات الدولارات خلال الأشهر المقبلة. ولعل الأخطر فيما أعلنه مدبولي هو سياسات التوحش المالي التي ستطال المواطن وخاصة الغلابة، الذين ستخفض الحكومة مخصصاتهم المالية في موازنات الصحة والتعليم وفرض ضرائب ورسوم أكثر عليهم، رغم حالة الانهيار الاقتصادي التي تعانيها أغلبية الشعب المصري.