حذر خبراء من الآثار الاقتصادية الخطيرة لقرار زيادة رسوم عبور النقل بطريقي مصر الإسكندرية الصحراوي والزراعي ثمانية أضعاف بنسبة تزيد عن 800% واصفين القرار بجباية حكومية واختراع مداخل غير مبررة لجباية الأموال من جيوب البسطاء بالإجبار، والذي سيؤدي لارتفاعات في أسعار السلع خاصة الخضر والفاكهة بنسب مماثلة لنسب زيادة الرسوم خاصة في ظل غياب أي آليات للرقابة والتسعير الملزمة للسائقين والتجار. ويكشف القرار بحسب تصريحهم ل"الحرية والعدالة" عن أزمة حكومة الانقلاب وبسبب تصاعد الديون بنسب غير مسبوقة يتم سد عجزها من دخل الأسرة المصرية، وبالرغم من أن الطريق تديره شركة تابعة للقوات المسلحة إلا أن مستوى الأمن والخدمة على الطريق متدنٍ ومرتفع سعره ومكلف للسائقين ومع ذلك تضاعفت تكلفة المرور دون مقابل في أي ميزات أو خدمات، لافتين إلا أن إدارة الطرق ليست مهمة الجيش أصلا.
وكانت قد أقرت "الشركة الوطنية لإدارة الطرق والكباري" -وهي الشركة المسئولة عن تأمين وصيانة الطرق السريعة- زيادات في رسوم العبور لسيارات النقل والنقل الثقيل على طريقي "مصر - إسكندرية" الصحراوي والزراعي بنسبة تخطت ال 800% منذ أكثر من 3 أسابيع، مما أدى لحالة من الاحتقان والسخط العام لدى آلاف العاملين بقطاع النقل، بمدينة الإسكندرية، وهددت شعبة "مقاولي النقل" باتخاذ عدة خطوات تصعيديه للرد على تلك الزيادة، التي وصفتها بأنها بمثابة كارثة ستؤثر على أسعار السلع الأساسية بشكل كبير خلال الفترة المقبلة.
فرسوم العبور لسيارة النقل الواحدة ارتفعت من 35 جنيهًا إلى 230 جنيهًا، للسيارة التي تحمل من طن إلى 35 طنا، على كل من طريق "القاهرة - الإسكندرية الصحراوي والزراعي"، وتدفع عن كل طن زائد مبلغ 22 جنيهًا. مما يؤدي إلى زيادات كبيرة في أسعار السلع والمنتجات خاصة الغذائية، والتي تأتي الغالبية العظمى منها عن طريق النقل على الطرق السريعة سواء بين المحافظات المختلفة أو من داخل الميناء وإلى المحافظات. ويعد طريق "مصر-إسكندرية الصحراوي أو طريق القاهرة -الإسكندرية الصحراوي"، هو الطريق السريع الرئيسي الرابط بين العاصمة المصرية القاهرة ومدينة الإسكندرية في شمال البلاد والمدينتان تعدان أكبر وأهم مدن مصر.ويبلغ طول الطريق السريع 220 كيلومترا. الجدير بالذكر أنه في نهاية أكتوبر 2013 أنه تم منح القوات المسلحة حق استكمال وإدارة طريق القاهرة – الإسكندرية الصحراوي لمدة 50 عامًا حيث وافق مجلس الوزراء بحكومة الانقلاب على منح التزام باستكمال وإدارة وتشغيل وصيانة طريق القاهرةالإسكندرية الصحراوي للشركة الوطنية لإنشاء وتنمية الطرق التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية بوزارة الدفاع. ومع ذلك في 4 فبراير 2014 أصاب انفجار ماسورة مياه رئيسية، حركة المرور بطريق مصر إسكندرية الصحراوي بحالة من الشلل التام، وبالتحديد في منطقة العزيزية أمام فندق الواحة بالكيلو 18 طريق مصر إسكندرية. وتسبب الانفجار في تكدس السيارات في الاتجاهين حتى محطة الرسوم، وإلى ميدان الرماية. طريق مكلف وغير آمن
وحول أسباب مضاعفة رسوم عبور سيارات النقل 800% أي ثمانية أضعاف وآثاره الاقتصادية على المواطن والأسرة المصرية أكد المحلل الاقتصادي د.سرحان سليمان أن مضاعفة رسوم العبور على الطرق السريعة سيدفع ثمنها المواطن البسيط في صورة ارتفاع مصاحب لأسعار السلع الغذائية خاصة الخضراوات والفاكهة، مما يضاف إلى صعوبات نقل السلع تلك الخاصة بالتأمين فهناك شكوى كبيرة من فقد الأمن بالطريق" مصر إسكندرية –الصحراوي" وبالتالي هناك عدم رغبة في نقل البضائع ليلًا من قبل السائقين، مما قلل من انسياب حركة النقل بين المزارع والتجار بين الإسكندريةوالقاهرة، مما أدى إلى فقد كثير من الكميات بالمزارع وهذا العناء والخسارة ستضاف لارتفاع الرسوم للنقل. جباية حكومية
د.سرحان سليمان: زيادة متوقعة في أسعار المنتجات خاصة "الخضراوات والفاكهة" تتناسب مع الزيادة المفروضة لرسوم العبور وشدد "سرحان" في تصريح خاص ل"الحرية والعدالة" على أنه بلا أدنى شك سيصاحب مضاعفة رسوم العبور ارتفاع في أسعار المنتجات، وسيظهر مباشرة في صورة ارتفاع في أسعارها لدى المستهلك، باختصار هي جباية حكومية دون تقديم ميزة أو خدمة مقابلها، من جيب المستهلك البسيط، مشيرا إلى أنه سيؤثر ذلك على المؤشر العام لأسعار المستهلكين ، وسيجد المستهلك نفسه أمام ما كان يدفعه للحصول على كمية ما، قد دفع نفس المبلغ وحصل على كمية أقل، أي ضعف القوة الشرائية للمستهلك وضعف قيمة الجنيه تجاه المشتريات، متوقعا زيادة في أسعار المنتجات تتناسب مع الزيادة المفروضة على رسوم عبور النقل. اختراع مداخل لجباية الأموال نبه أحمد خلف الباحث -بمركز الحضارة للدراسات السياسية- إلى أن هذا القرار الذي قضى بمضاعفة رسوم مرور سيارات النقل بنسبة بلغت 800%، له انعكاساته على أسعار السلع المنقولة بواسطة هذه السيارات، حيث سيرتفع سعرها وسيتضرر من هذا الارتفاع المواطن البسيط الذي يئن تحت وطأة انخفاض مستوى الدخل وزيادة التضخم وارتفاع الأسعار، ولا يمكن أن يتم رفع سعر أحد أركان العملية التجارية ثم ننتظر ألا ترتفع الأسعار، ولا يوجد ما يمكن أن يجبر التاجر على الإبقاء على أسعار حالية بعد رفع سعر أحد عناصر السلعة كالنقل أو البنزين أو الضرائب. أحمد خلف: أزمة اقتصادية للانقلاب تؤدي لاختراع مداخل لجباية الأموال بعد ارتفاع الديون وانخفاض الاحتياطي النقدي
وأكد "خلف" في تصريح خاص ل"الحرية والعدالة" أن هذا القرار وغيره من قرارات قد تصدر قريبا بزيادة رسوم أو برفع أسعار ليكشف عن عمق الأزمة الاقتصادية التي تمر بها سلطة الانقلاب، وترغب في التخفيف من حدتها عن طريق اختراع مداخل لجباية الأموال من المواطنين؛ حتى تتمكن من الوفاء بالحد الأدنى من التزاماتها الرسمية بعد ارتفاع مستوى الديون لمستويات غير مسبوقة، وانخفاض الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية. إدارة الجيش: أين الكفاءة وانخفاض التكلفة؟ د.سرحان سليمان: زيادة متوقعة في أسعار المنتجات خاصة "الخضراوات والفاكهة" تتناسب مع الزيادة المفروضة لرسوم العبور وبين "خلف" أن الأصل في الهيئات الحكومية أن تبذل غاية وسعها من أجل تحقيق أفضل خدمة لمواطني الدولة، ويجب أن تتميز خدماتها بأنها منخفضة السعر نسبيًّا على الأقل، إن لم تكن مجانية أو مدعمة بشكل كبير. فإذا كانت أجهزة القوات المسلحة هي التي تقدم خدمة للمواطنين فإنها يجب أن تكون على قدر عال من الكفاءة وانخفاض التكلفة؛ للكثير من الأسباب المتعلقة بالميزات التي تتصل بإعفائها من كثير من النفقات التي تتحملها الشركات الخاصة كالجمارك والضرائب، ولوفرة اليد العاملة من الجنود، وامتلاك الأراضي بالتخصيص دون شراء أو الدخول في منافسة مع أحد، بالإضافة إلى عدم وجود رقابة حقيقية على إدارة هذه الاستثمارات من البرلمان أو الأجهزة الرقابية. وأوضح "خلف" أن الأزمة في هذا السياق تتعلق باعتبار قادة الجيش أنفسهم مديرين لهيئات استثمارية تريد أن تستحوذ على السوق وتقهر المنافسين الذين لا يملكون مثل إمكاناتها، وأهم هذه الإمكانات القرار السياسي باعتبار الجيش أهم أركان الدولة، فقام الجيش بإنشاء مشروعات استثمارية في معظم المجالات، من الأغذية والمشروبات وحتى أعمال المقاولات والإنشاءات الضخمة، ومن بين هذه الاستثمارات ذلك الأمر المتعلق بإدارة الطرق. تشغيل لمدة 50 سنة بالأمر المباشر
وتابع "خلف" مشيرا إلى أنه مجال غريب عن اهتمامات القوات المسلحة ومجال عملها، فالطرق التي تديرها القوات المسلحة مثل الطريق "الصحراوي الشرقي" ومؤخرًا طريق "القاهرةالإسكندرية –الصحراوي"، الذي حصلت على حق إدارته وتشغيله لمدة 50 سنة بالأمر المباشر، لا يمران مثلا بمناطق حدودية تستوجب رقابة من الجيش الذي يمكن أن يراقب ما يشاء من مناطق دون حاجة لإدارة الطريق الذي يراقبه وتحصيل أموال مقابل هذه الإدارة، فضلا عن إمكان إدارتها بواسطة هيئات الدولة المدنية مثل وزارة النقل. مناخ طارد للاستثمار وقال "خلف" هذا التصور عن الطبيعة الاستثمارية للجيش تصور خاطئ؛ لأنه يؤدي ليس فقط لانشغال الجيش عن مهامه الأساسية المتمثلة في رفع الكفاءة القتالية ومستوى تدريب القوات بالإضافة إلى بعض الأنشطة المدنية التي تمثل ضرورة للاكتفاء الذاتي للجيش وتأمين الحاجات الضرورية للمجتمع حال حدوث الأزمات، لا المتاجرة والدخول في منافسة اقتصادية مع المستثمرين؛ بل يجعل من القوات المسلحة وهيئاتها الاستثمارية طرفا في المعادلة الاقتصادية، تسعى للفوز وتتجنب الخسارة، وتستخدم كل الأوراق المتاحة تحت يديها بما فيها النفوذ السياسي لتحقيق المزيد من الأرباح. وأضاف: هذا الأمر له انعكاسات خطيرة على الوضع الاقتصادي للدولة وللمواطنين، ويخلق مناخا طاردا للاستثمار لوجود طرف في المعادلة الاستثمارية تستحيل منافسته إلا بعد موافقته ولا تمكن الحركة إلا في المساحة التي يسمح بها، كما يضر بوضع العمالة التي تتأثر رواتبها ومداخيلها المادية بسبب نقص الأعمال المتاحة من خلال الشركات التي تعمل في ذات المجالات التي تنافسها فيها هيئات القوات المسلحة؛ متسائلا فأي بيئة اقتصادية واستثمارية تلك؟!! وطبيعة المكاسب والأرباح التي تتحقق لهذه الهيئات ومديريها، تُغري بمزيد من الاستمرار والتوسع، وهذا المدخل أعتقد أنه يفسر ما يحدث من توسع للجيش في زيادة استثماراته وبالأمر المباشر في مجالات مدنية وليس عن طريق مزايدات ومناقصات مفتوحة للجميع.