ليس بالغريب مطلقاً أن يضع الفرنسى آرسين فينجر المدير الفنى للأرسنال ذلك الشاب الاندلسى فى صدر قائمة طلباته خلال فترة الانتقالات الشتوية، فليس من السهل أن تكون أحد نجوم الدورى الاسبانى دون أن تبلغ العشرين من عمرك ، ولكن يبدو أن هذا ما تمكن خوسيه انطونيو رييس من تحقيقه خلال فترة وجيزة من تواجده بأجواء الليجا، امضاها بالكامل بين جنبات فريق من فرق وسط الجدول: سيفيليا. رييس هو جوهرة مدينة سيفيليا بلا منازع، و معشوق جماهير ناديها الشهير بالجنوب الاسبانى، ممثلاً لجيل جديد من نجوم الكرة الاسبانية برفقة زميله و صديقه مع فيرناندو توريس مهاجم اتليتكو مدريد، حيث يمثل خوسيه انطونيو رييس امتداداً طبيعياً لسلاسة تفردت بها الكرة الاسبانية من المهاجمين ، ربما عرفناها من قبل مع أسماء بحجم ايميليو بوتراجينيو و ميشيل و خوليو ساليناس، حيث يصبح المهاجم أشبه بالعقرب داخل منطقة الجزاء ،فى إنتظار القيام بلدغته التالية فى شباك الخصوم. و لكن رييس يتميز عن سابقيه بقدرته على صنع الاهداف تماماً مثل قدرته على إحرازها أيضاً، إضافة إلى خطورته المتناهية خارج منطقة الجزاء ايضاً. يعتبر رييس إنتاجاً خالصاً من مصاتع مدينة سيفيليا الكروية، حيث انضم إلى اشبال نادى سيفيليا عام 1994 قبل أن يكمل عامه الحادى عشر، واستمر تدرجه الطبيعى ضمن صفوف فرق الناشئين حتى وقع أول عقد له كلاعب مع النادى عام 1998 فى سن الخامسة عشرة. لم يظهر رييس نبوغاً مبكراً ضمن فريق الشباب بنادى سيفيليا ، مكتفياً بالانضمام لصفوف منتخب الناشئين الاسبانى عام 2000، و الاشتراك مع الفريق الثانى لنادى سيفيليا بدورى القسم الثانى و الذى أظهر خلاله بعضاً من قدراته التهديفية الرفيعة، دفعت إدارة نادى سيفيليا فى اغسطس من عام 2001 لإبرام عقد إحتراف طويل الأجل معه حتى عام 2008،، فى صفقة لفتت انتباه مسئولى الاندية الكبرى نحو هذه الموهبة الاشبيلية الجديدة.
كانت إنطلاقة الموسم الكروى 2001- 2002 اكثر من رائعة بالنسبة لرييس الذى سجل أول مشاركة له مع الفريق الأول لنادى سيفيليا فى اغسطس من نفس العام أمام نادى برشلونة ، فى مبادرة شجاعة من خواكين كاباروس المدير الفنى لسفيليا. و لم تكد تمر اسابيع قليلة حتى كان رييس يسجل هدفه الأول فى الدورى بمرمى اسبانيول، ليصبح هذا الهدف فاتحة خير له فى موسم مثمر أحرز خلاله النجم الصغير ثمانية اهداف خلال 29 مباراة شارك بها. افتتح رييس موسم 2002- 2003 بإنجاز تاريخى برفقة منتخب الشباب عندما قاد بلاده للفوز ببطولة كأس الأمم الاوروبية 2003 التى أقيمت فى النرويج، وكون رييس ثنائياً خطيراً مع رفيقه فيرناندو توريس، كان حديث متابعى البطولة طويلاً. و لعل هذا الافتتاح المبهر للعام كان فاتحة خير أيضاً لنجم سيفيليا الذى قدم واحد من أفضل مواسمه الكروية على الاطلاق، حيث شارك فى 34 مباراة فى الدورى المحلى مع فريقه سيفيليا أحرز خلالها تسعة اهداف. و أمام هذا التألق اللافت لم يجد اينياكى سايث المدير الفنى لمنتخب الكبار حرجاً فى دعوة فتى سيفيليا المدلل للانضمام إلى معسكر المنتخب فى اغسطس من عام 2003 استعدادً لمباراة البرتغال الودية فى 8 من سبتمبر، و التى شهدت أول مشاركة لرييس بقميص المنتخب الاسبانى و لمدة 45 دقيقة كاملة، كانت كافية لأقناع الجميع بقدراته الهجومية ، مما مهد لمشاركته الرسمية الاولى مع المنتخب أمام اوكرانيا يوم 11 سبتمبر، و التى انتهت بفوز الأسبان 2-1. و لن ينسى رييس يوم 11 اكتوبر الماضى طالما بقى فى الملاعب، و هو اليوم الذى شهد إحراز أول هدفين له برفقة المنتخب فى مباراة رسمية أو ودية ، و ذلك أمام ارمينيا فى المباراة التى أنتهت بفوز الاسبان 4-0 فى أخر جولة من تصفيات (البرتغال 2004) ليصبح فى نظر الكثير من خبراء الكرة الاسبانية مرشحاً لمصاحبة راؤول جونزاليس فى قيادة هجوم المنتخب الوطنى فى مهمته القارية بالبرتغال 2004 فى الصيف القادم. لم يكن النصف الأول من موسم 2003-2004 بالليجا سعيداً بالنسبة لرييس كما كان بالموسم السابق، حيث يعانى الفريق من حالة تخبط شديدة بوسط الجدول، و تذبذب شديد فى المستوى لم يدعم من رصيد رييس الشخصى كثيراً خلال تلك الفترة، مكتفياً بإحراز خمسة اهداف فقط خلال 22 مباراة خاضها قبل تعاقده الأخير مع الارسنال، مما حدا بالبعض من متتبعى هذه الموهبة الشابة أن وقت رحيله عن أجواء مدينته المفضلة قد حان، و يبدو أن آرسين فينجر لبى النداء فى أسرع وقت، على أمل تزيين ملعب هايبيرى بجوهرة اسبانية جديدة تنضم إلى السلسة الفرنسية التى لازمت مشوار المدفعجية خلال السنوات الخمس الماضية.
