اذا كانت مبارتا مصر امام هولندا عام 90 في نهائيات كأس العالم ، والبرازيل في بطولة كاس العالم للقارات عام 2009 ستبقيان في ذاكرة الجماهير المصرية ، فإن فوز مصر علي ايطاليا في بطولة القارات المقامة حاليا في جنوب افريقيا ، اصبح اعظم انجاز في تاريخ الكرة المصرية ، بعد ان نجح كأول فريق افريقي يحقق الفوز علي بطل العالم ، وهو بحق انجاز " تاريخي " بكل ما تعنيه الكلمة من معان . افضل ما في فوز مصر علي ايطاليا انه لم يكن وليد الصدفة كما يحلو للبعض ان يصفو أي فوز كبير لفريق مصري علي منافس كبير ، فقد جاء بعد اداء تكتيكي عال سواء في مباراة البرازيل ، حيث لم يستحق منتخب مصر الخسارة التي مني بها ، أو امام ايطاليا بطل العالم ، وافضل فريق في العالم يطبق التكتيك الدفاعي والهجمات المرتدة ، وكانت طريق " المعلم "حسن شحاتة - الذي اعترف لاول مرة انني منحاز له ، لانني اعرفه عن قرب منذ ان تولي تدريب منتخب مصر للشباب عام 2002- هي السبب الاول وراء هذا الفوز الكبير الذي سهرت له الجماهير المصرية في شوارع القاهرة للساعات الاولي من صباح اليوم التالي ، حيث لعب شحاتة مع ايطاليا بنفس طريقتها ، لان أي فريق يلعب امام بطل العالم بغير طريقته يكون من الصعب عليه التفوق عليه ، كما اثبت "المعلم" انه مدرب قدير عندما عدل من طريقته وتشكيله في لقاء ايطاليا ، ولم يلعب بنفس الطريقة والتشكيل الذي واجه به منتخب البرازيل كما توقع البعض، ليؤكد ان لكل مباراة طريقتها وافرادها ، ليقول للحاقدين انه مدير فني بحق اظن ان حسن شحاتة اثبت للجميع انه اسطورة مصرية حقيقية ، بعد ان ظل البعض منذ شهر ديسمبر 2005 يشكك فيه كمدرب كبير مثلما كان لاعبا فذا ، وعلي جميع منتقديه ان يتوقفوا عن نغمتهم بعد ان " مسح بهم الارض" بأدائه ونتائجه ، وبعد ان حقق الفوز ببطولة الامم الافريقية لمرتين متتاليتين ، ثم واصل انجازاته في بطولة كأس العالم للقارات بالفوز علي بطل العالم امام العالم اجمع ، لدرجة ان المنتخب المصري مع " المعلم " اصبح حكاية يتحاكي بها العالم ، واقول لحسن شحاتة ان دموعك التي انهمرت مة عينيك عقب الفوز علي ايطاليا نزلت بردا وسلاما علي قلوب المصريين ، وهي دموع تعبر عن درجة كبيرة من الضغط والشعور بالظلم قبل ان تعبر عن الفرح . بعيدا عن اصحاب القلوب السوداء تجاه حسن شحاتة ، فأنه اصبح لدي المصريين مصدر الفرح والسعادة لهم ، ومعه رفعت الجماهير شعار " لا تقلق " الذي قلته عليه منذ شهور طويلة ، واصبح مصدر ثقة لهذه الجماهير الغفيرة ، التي تطوف الشوراع فرحا بإنجازات المنتخب معه ، بصرف النظر عن مستقبله مع الفريق الوطني لانه ترك بصمة واضحة لا يخطئها حتي الحاقدين عليه . في لقاء مصر مع ايطاليا استعاد عصام الحضري عرشه الذي تاه منه منذ اكثر من عام ونصف ، وعاد الحضري الذي تعودت عليه الجماهير ، وكان صمام امان للفريق ، ولابد ان تعود الجماهير الوفية غير المتعصبة الي الالتفاف من حوله مرة اخري بعد فترة جفاء طويلة اثرت بالسلب عليه معنويا وفنيا ، ودفع الفريق المصري ثمن ذلك غاليا في تصفيات كأس العالم . المثير في امر منتخب مصر انه يؤدي بشكل رائع امام الفرق الكبيرة ، ولا يظهر بنفس الشكل امام الفرق الصغيرة ، وهو امر لابد من دراسته ، فلايمكن ان يكون هذا الفريق هو نفسه الذي انهزم امام الجزائر قبل اقل من اسبوعين في تصفيات كأس العالم ، ويبدو ان منتخب مصر في حاجة دائمة لفترة تجمع طويلة قبل المباريات حتي يظهر امكانياته الحقيقية ، وهو ما يجب ان يلتفت اليه اتحاد كرة القدم ، وينفذه ولا ينساق وراء ضغوط الاندية اثناء الموسم ، لان منتخب مصر هو مصدرالسعادة والانجازات الحقيقية للكرة المصرية . اهم ما اثبته المنتخب المصري في الفترة الاخيرة ، انه انهي حكاية الارهاق التي يخرج بها كل مدرب يتعرض للخسارة في مباريات الدوري العام ، فالفريق لعب امام الجزائر يوم 7 ، ثم عاد الي القاهرة ، ليسافر الي جنوب افريقيا ، ويلعب امام البرازيل يوم 15 ، ثم ايطاليا يوم 18 ، يعني ثلاثة مباريات قوية في اقل حوالي 10 ايام ، بخلاف رحلتي سفر منها رحلة الي في اقصبي جنوب القارة السمراء ، ليضع حسن شحاتة مدربي الاندية في مأزق كبير ، ولم يعد مقبولا ما يردده المدربين عن "فيلم الارهاق" . لم يلفت نظر احد من المتابعين ان منتخب مصر منذ ان تولي الجهاز الفني الحالي قبل ثلاثة سنوات ونصف ، انه لم يتعرض لأزمة بدنية واحدة ، واصبح مستوي اللياقة البدنية للفريق عاليا في كل مبارياته ، خاصة وانه تعرض لإختبارت قوية علي مدار ال 42 الماضية ، بما يعني ان الجهاز الفني اجاد في هذه الناحية كما اجاد في الناحية الفنية والخططية . الامنية الوحيدة الباقية لدي الجماهير المصرية لدي حسن شحاتة ، هي الوصول لنهائيات كأس العالم ، لانه من الظلم للمعلم وابناء هذا الجيل ان يحرموا من اللعب في مونديال جنوب افريقيا ، وإذا حققها حسن شحاتة – وهو قادر علي ذلك رغم الظروف الصعبة التي تواجه المنتاخب في تصفيات كأس العالم - فسيكون قد حقق كا ما يطمح له أي مدرب كرة قدم ، وهو يستحق ذلك بعد كل الظلم الذي تعرض له سواء عندما كان لاعبا أو بعد ان اصبح مدربا . ملحوظة اخيرة : منذ شهور طويلة اواظب علي كتابة مقال واحد يوم الاربعاء من كل اسبوع في FILGOAL.COM، الا ان دموع حسن شحاتة عقب لقاء ايطاليا ، والانجاز الكبير الذي حققه دفعني لتغير عادتي .