كانت رائعة فرانك فالي "أنت أفضل من أن تكون حقيقيا" أو You are just too good to be true هي ما تغنى به المشجعون الإسبان وهم يتابعون حارس المنتخب وقائده إيكر كاسياس أثناء رفع كأس الأمم الأوروبية. وبينما كان الحارس الأول في إسبانيا يرفع الكأس الأوروبية في فيينا، تأرجحت صيحات الجماهير في إسبانيا بين التغنى باسم كاسياس أو الصراخ لديفيد بيا مهاجم الفريق وهداف البطولة أو حتى ترديد"إسبانيا ... إسبانيا". ويقول سيد لو مراسل صحيفة جارديان البريطانية في مدريد إن كثيرين من المشجعين الإسبان أكدوا قبل المباراة أنهم لا يهتمون بالنتيجة، مفضلين احتساء الخمور والاستمتاع بوقت طيب. وتابع لو في مدونته في الصحيفة واسعة الانتشار "كانو يكذبون بالطبع، فلم يكتسب الفوز أهمية كبرى مل ذلك اليوم، لاسيما مع عدم فوز إسبانيا باللقب منذ أكثر من خمسين عاما وعدم قدرتها على إثبات التفوق على الألمان". ولكن مع صافرة النهاية التي أعلنته فوزاً إسبانياً اختلفت الأمور كثيراً "قمصان المنتخب كانت في كل مكان، والبعض رفع قمصان ليفربول (حيث يلعب فرناندو توريس صاحب هدف الفوز في النهائي) أو قمصان ريال مدريد (حيث يلعب كاسياس)". إلا أن الجزء الأفضل في احتفالات المشجعين على حد وصف لو كان حينما التف بعضهم وكتبوا على أحد الحوائط "عاشت الأم التي أنجبت لنا كاسياس". ويبدو الاحتفاء الكبير الذي حظى به كاسياس أمراً منطقياً، فهو طالما مثل نموذجاً للعناصر القليلة التي تجمع بين مختلف فئات الشعب الإسباني الذي فرقته المقاطعات واللهجات أو حتى اللغات المختلفة فأصبح قائدا لبلاده في سن ال27. فرص ذهبية وقد يقضي أي لاعب كرة قدم عمره كاملاً يحلم بفرصة الاحتراف في النادي الملكي الإسباني، إلا أن هذه الفرصة اتيحت بكل سهولة لكاسياس مدريدي المولد والمنشأ. انطلق كاسياس للعب الكرة بين ناشئي النادي الإسباني، ضمن برنامج لتطوير قاعدة من الناشئين يستعان بها في تدعيم الفريق الأول على المدى الطويل، وأتيحت له الفرصة الأولى لإثبات جدارته وهو لم يكد يتم عامه ال19.
ومنذ اضطرار الفريق الأول للاستعانة بخدمات كاسياس بعد إصابة حارسه الألماني الأول بودو إليجنر قبل نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2000 أصبح الشاب ذو الأعوام ال18 وجهاً مألوفاً في الفريق الأول، بعدما تمكن من الحفاظ على نظافة شباكه مساهماً في فوز ريال مدريد باللقب، على الرغم من كونه أصغر حارس شارك في نهائي عبر تاريخ البطولة الأوروبية. ولأنه لم يبلغ السن القانونية للحصول على رخصة قيادة، استخدم كاسياس المواصلات العامة يومياً في الوصول إلى ناديه ليشارك لويس فيجو وزين الدين زيدان ورونالدو وديفيد بيكام وراؤول جونزاليس وفرناندو موريانتس مرانهم اليومي. وازدادت خبرة كاسياس مع المباريات التي أظهرت مهاراته، وظهر في 15 مباراة للفريق في دوري أبطال أوروبا و38 مباراة في الدوري الإسباني خلال موسم 2002-2003. الأداء الثابت والقوي لكاسياس طوال هذه المباريات جعله اختياراً أول للمنتخب الإسباني في كأس العالم التي استضافتها كوريا واليابان عام 2002 بعد إصابة الحارس الأساسي حينها سانتياجو كانيزاريس. وعاد كاسياس من البطولة إلى بلاده محمولاً على الأعناق بعد مساهمته في عبور المتادور لدور الثمانية من البطولة بتألق غير عادي في ركلات الترجيح أمام إيرلندا. ولاء أبيض لكن كاسياس عاد لناديه فوجد نفسه على موعد مع المعاناة، وواجه رغم أداءه الرائع فشل ريال مدريد في الحصول على لقب الدوري موسمين متتاليين 2003-2004 و2004-2005 وبدأ نجوم النادي في الرحيل. وعلى الرغم من التكهنات برحيله إلى مانشستر يونايتد الإنجليزي، فان كاسياس أعلن تمسكه بناديه قائلاً: "أشكر مانشستر على اهتمامه، لكني سعيد وسأبقى في ريال مدريد". وبعد صبر، جاء المدير الفني الإيطالي فابيو كابيللو ليعيد ريال مدريد إلى منصات التتويج، وذلك بفضل الحارس الذي حمى مرمى فريقه رغم اهتزاز مستوى الدفاع. وكان المقابل، أن أصبح كاسياس القائد الثاني في الفريق بعد رمز المدينة راؤول، وربطه ريال مدريد بعقد سمي "ملكي مدى الحياة".