بعد انقسامهم فى الانتخابات الرئاسية، بين مؤيد للمرشح المنشق عن جماعة الإخوان وبين المرشح الرسمى لها، يعود السلفيون المؤيدون للأول لتأييد الثانى، ربما رغما عنهم هذه المرة، لمواجهة سيناريو فوز أحمد شفيق ممثل النظام السابق بمنصب الرئيس. عادل عفيفى رئيس حزب الأصالة السلفى يؤكد أن السلفيين لا يدعمون الدكتور محمد مرسى لاقتناعهم بأن لديه إمكانات شخصية تؤهله لأن يكون رئيسا لمصر، بل لأن وراءه حزب إسلامى قوى يضم كثيرا من القيادات ذات الخبرة والكفاءة، تمكنه حتما من تحقيق مشروع النهضة بمشاركة كل القوى الإسلامية والوطنية. مضيفا: «مرسى مرشح الثورة فى مواجهة مرشح النظام السابق، وسبق اعتقاله، فضلا عن أن حزبه دفع به للسباق رغما عنه، ومن الطبيعى لذلك أن ندعمه. وأشار «عفيفى» إلى أن مرشح «الإخوان» أكد أنه لن يقصى أحدا، ولن يهيمن على مفاصل الدولة، وأنه سيشرك كافة القوى، متسائلا: «إذن لم القلق من سيطرة الإخوان على مفاصل الدولة، فى حين يعلن منافسه «شفيق» علانية أن الرئيس السابق مثله الأعلى؟»، مشددا على دعمه ل«مرسى» دون تحفظات أو اشتراطات. وقال محمد محرم المتحدث باسم حزب النور إن مخاطر عودة الدولة البوليسية على يد «شفيق» لا تخيف السلفيين فقط، بل تخيف الشعب المصرى كله، مشددا على أن عودة تلك الدولة شبه مستحيلة بعد الثورة. وأضاف: «القلق من «شفيق» هو قلق من إعادة إنتاج النظام السابق، بكل مساوئه، التى لم تقتصر على مساوئ أجهزة الأمن فقط، بل الديكتاتورية التى عانى منها الشعب فى كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية». وتابع: «نحن الآن أمام خيارين: خوف من إنتاج نظام الحزب الوطنى مرة ثانية، ومخاوف من «الإخوان» ومن الحزب الوطنى نفسه، فماذا نختار؟ الكل مضطر لاختيار «مرسى» حتى ولو لم يكن مقتنعا به، لأن الكل يرفض شفيق، و«الإخوان» قالوا سنعطى ضمانات للشعب، عبر مبادرة مصالحة وطنية خلال أيام، وأعتقد أن الناس ستحظى بضمانات جيدة تكفيها». وتوقع «محرم» نزول ملايين السلفيين فى جولة الإعادة، ليس دعما ل«مرسى»، بل دعما للثورة وإسقاطا لقاتل الأبرياء، على حد وصفه. فى حين أرجع إخفاق السلفيين فى مساندة «أبوالفتوح» إلى تكاسل بعضهم، اعتقادا منهم أن النتيجة محسومة، إما لصالح «الإخوان» أو لصالح أحد مرشحى الثورة، وظنا منهم أن النظام القديم لن يستطيع أن يحصل على أصوات فى الشارع. ويرى محمد نور المتحدث باسم حزب النور، أن دعم الحزب ل«مرسى» الخيار الوحيد، مضيفا: «اشترطنا استكمال المشروع الوطنى الذى بدأناه مع «أبوالفتوح»، وألا يكون هناك إقصاء لأى تيار، مؤكدا أن «مرسى» يمكن أن يقدم الكثير إذا تعاون مع باقى القوى السياسية»، موضحا: «الأوضاع الحالية شديدة الصعوبة وليس سهلا أن ينجح تيار بمفرده فى تحقيق تقدم يذكر»، مستدركا: «يستحيل عليه (مرسى) أن يختار غير ذلك، لأن قطاعات كبيرة من جمهوره كانت تدعم «أبوالفتوح»، فما بالك والخيار الآخر فوز أحد أقطاب النظام القديم، فى مواجهة مرشح إسلامى دعمته قطاعات داخل الدعوة السلفية نفسها؟»، مشيرا إلى أن خوف الاستحواذ حجة لم تكن منطقية، لأن بعض التيار السلفى أعلن دعمه لخيرت الشاطر من قبل، والاستحواذ لا يفرق بين «الشاطر» و«مرسى». من جانبه يرى علاء النادى الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية أن دعم الدعوة السلفية ل«أبو الفتوح» كان ضمن حسابات خاصة، ونوع من الممارسة لإثبات الذات أمام «الإخوان»، والتأكيد على أنهم فصيل مستقل، ليس تابعا، وكسر ما يرونه سيطرة ل«الإخوان» على المشهد، وشعورهم أنهم الفصيل الأقوى والأقرب داخل الإسلاميين، إضافة إلى الحساسيات التاريخية بين مكونات التيار الإسلامى، وإن حاول البعض إنكارها أو التنصل منها. وأضاف: «ما يدفعهم للخروج الآن، ليس حبا فى «مرسى» ولكن خوفا من «شفيق»، وأن تطل الدولة الأمنية برأسها من جديد، وهذا شىء مفزع لهم، ف«الإخوان» اعتادوا معادلة الصراع مع النظام والكر والفر، لكن تجربة الدعوة السلفية ليست واضحة فى ذلك». وتابع: «ليس للسلفيين تراث فكرى للمواجهة، ولا يمكنهم أن يعودوا للمربع الأول، حيث لا صلة لهم بالسياسة، فليس لديهم خط رجعة، وبالتالى فإن صعود «شفيق» وعودة النظام القديم ولو بتعديلاته، له كلفة كبيرة عليهم، وأهمها العودة للسجون». واستبعد «النادى» محاولة السلفيين الحصول على اشتراطات على «مرسى». وأضاف: «فرصتهم ستكون ضعيفة فى ذلك لأنهم دعموا «أبوالفتوح» دون اشتراطات ومساومات، فما بالنا والبديل هو أحد أقطاب النظام السابق؟ إضافة إلى أن أنصارهم لن يسمحوا بخيار غير مرسى»، وقال: «لن يستطيع السلفيون التفاوض مع «الإخوان» منفردين، إلا إذا التحقوا بمجمل المكونات السياسية الموجودة على الساحة، حول شكل النظام السياسى، والحكومة، ونائب الرئيس، خاصة أن دعمهم ل«أبوالفتوح» أثبت أن حجمهم على الأرض ليس بحجم التأثير الهائل الذى روجوا له واعتقده غيرهم».