حصلت «الوطن» على تفاصيل ما دار فى لقاء الرئيس محمد مرسى بأعضاء مجلس القضاء الأعلى أمس الأول بمقر رئاسة الجمهورية فى مصر الجديدة والذى استمر لنحو 4 ساعات. وكشف مصدر مطلع أن الاجتماع بدأ فى الخامسة والنصف مساءً بعد وصول جميع أعضاء مجلس القضاء الأعلى - كل منهم فى سيارة منفردة - إلى قصر الاتحادية، واستقبلهم المستشار محمود مكى، نائب الرئيس، ود. أيمن الصياد، مستشار رئيس الجمهورية، والذى حضر جزءًا من اللقاء، إلى حين انتهاء اجتماع مرسى بوفد وزراء العدل العرب وبعد انتهاء لقاء وزراء العدل اصطحب المستشار محمود مكى أعضاء مجلس القضاء إلى مقر اجتماع الرئيس بهم فى حضور المستشار أحمد مكى، وزير العدل، وأدوا صلاة المغرب مع الرئيس قبل بدء الاجتماع وأَمّهم مرسى فى الصلاة. بدأ الاجتماع بترحيب الرئيس محمد مرسى، بجميع أعضاء مجلس القضاء، وأكد مرسى احترامه الشديد للسلطة القضائية واصفاً إياها بأنها الحصن الحصين الذى يلجأ إليه الشعب المصرى. وأشاد مرسى بالبيان الصادر عن مجلس القضاء الأعلى بجلسته المعقودة بتاريخ 25 نوفمبر 2012 الذين أكدوا فيه تمسكهم باستقلال القضاء وحصانته وأن يقتصر الحضور والمشاركة فى الجمعيات العمومية للقضاة عليهم وأعضاء النيابة العامة دون غيرهم فى إشارة إلى الجمعيات العمومية التى يعقدها المستشار أحمد الزند رئيس نادى القضاة. وأكد الرئيس أن المرحلة الانتقالية لم تنته بعد، لافتاً إلى أنها ستنتهى بانتخاب كل مؤسسات الدولة، وبالتالى فقد أصدر الإعلان الدستورى لسرعة الانتهاء من هذه المرحلة، وحول مد عمل اللجنة التأسيسية قال إن ما تبقى من عمر التأسيسية لا يكفى لحل النقاط الخلافية. وشدد مرسى خلال اللقاء على أنه لم يكن يرغب فى الاستحواذ على السلطة التشريعية، بدليل أنه اتخذ قراراً بعد توليه منصب الرئيس بعودة مجلس الشعب، لكن «الدستورية» أصدرت حكماً بالبطلان، وأعرب مرسى عن استيائه من تصرفات عدد من القضاة وبعضهم بالمحكمة الدستورية، خاصة من يدلون بتصريحات هجومية فى وسائل الإعلام كالمستشارة تهانى الجبالى، وانتقد تسريب أحكام «الدستورية» بشأن اعتزامها حل التأسيسية وحل مجلس الشورى وقال «لمصلحة من تتصرف المحكمة الدستورية، وقال «إصدار الإعلان الدستورى هو من صميم اختصاصاتى». وقالت مصادر قضائية إن اللهجة ظهرت فيها المساومة عندما تم إدراج مقترح بأن يتراجع الرئيس عن المادة الثانية الخاصة بتحصين قراراته مقابل عدم البت فى الطعون المقدمة ضد الإعلان الدستورى لحين انتهاء الجمعية التأسيسية من أعمالها وبالتالى يكون قد حقق الإعلان الهدف منه خاصة أنه ينص على العمل به حتى نفاذ الدستور، لكن تم التراجع عن هذا المقترح على أن يصدر بيان يوضح المقصود بالمادة الثانية، وهو ما حدث. إلا أن مصدراً آخر نفى التطرق لأى مساومات. وأضاف أن القضيتين تتعلقان بالقضاء الإدارى والدستورية العليا، ورئيساهما ليسا من الأعضاء بالمجلس، وأوضح أن حوار الرئيس معهم اقتصر على أنه لا يستطيع العدول عن قراره حتى لا يصبح فى نظر الشعب فاشلاً يتراجع فى غالبية قراراته. وطلب الرئيس من أعضاء المجلس توفير كل الدعم للنائب العام الجديد وأن يقوم المكتب الفنى بمعاونته خلال الفترة المقبلة، والعمل معه. وشدد الرئيس على أن الإعلان الدستورى الأخير كان ضرورة لمحاسبة المجرمين من فلول النظام السابق سواء الفاسدين أو الذين ارتكبوا جرائم قتل فى حق الثوار، لافتاً إلى أن «عمر الإعلان لن يتعدى شهوراً حتى نفاذ الدستور الجديد، وانتخاب مجلس شعب، وبالتالى انتهاء المرحلة الانتقالية بأسرع وقت ممكن، مؤكداً أن الإعلان الدستورى لا يمثل أى تغول على أى سلطة، بخاصة السلطة القضائية، التى تكن مؤسسة الرئاسة لها كل الاحترام والتقدير». واستمع الرئيس إلى تعقيب أعضاء مجلس القضاء الأعلى وملاحظاتهم على ما ورد بالإعلان الدستورى، خاصة مادة تحصين قرارات الرئيس من الطعن أمام أى جهة قضائية، فأوضح الرئيس أن هذه المادة تحمى الإعلان الدستورى نفسه، الذى نص على إعادة التحقيقات فى جرائم قتل الثوار وجرائم الفساد المالى لرموز النظام السابق، فطلب القضاة ضرورة قصر هذه المادة على القرارات السيادية فقط، وهو ما وافق عليه الرئيس، حيث أشار إلى أنه سيشير إلى ذلك فى البيان الختامى للقاء، فضلاً عن أن المادة مؤقتة بنفاذ الدستور وانتخابات مجلس الشعب حفاظاً على مؤسسات الدولة الرئيسية. كما طلب القضاة تفسيراً لقانون حماية الثورة الذى يقضى بإعادة المحاكمة لرموز النظام السابق ولفتوا إلى أن ذلك ربما يعتبره البعض عدم الاعتراف بالمحاكمات التى جرت، لكن الرئيس أكد أن المقصود بإعادة التحقيقات والمحاكمات الواردة فى المادة الأولى من الإعلان الدستورى مقصورة على ظهور أدلة جديدة فقط، وهو ما أشارت إليه المادة الثالثة من قانون حماية الثورة رقم (96 لسنة 2012). وشدد الرئيس خلال اللقاء على ضرورة انتظام العمل فى المحاكم والنيابات حتى لا تضار مصالح المواطنين وتحقيق العدالة الناجزة وهو ما وافق عليه القضاة، مؤكدين حرصهم على ألا يقع صدام أو خلاف بين السلطتين القضائية والتنفيذية. واستغرق اجتماع الرئيس بالقضاة ما يقرب من 3 ساعات ثم ذهب إلى مكتبه وفوض المستشار محمود مكى بكتابة بيان حول ما توصل إليه اللقاء فى حضور جميع أعضاء مجلس القضاء الأعلى، وبالفعل اجتمع مكى بالقضاة نحو ساعة وكتب البيان بخط يده، وترددت أنباء عن أنه بعد صياغة البيان تناول المستشار أحمد مكى وزير العدل «ساندويتشات جبنة» مع القضاة، ثم غادروا مقر الرئاسة، وتمت كتابة البيان على الكمبيوتر وألقاه د.ياسر على، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، فى مؤتمر صحفى بثه التليفزيون المصرى على الهواء.