قسم «30 جديد» في مستشفى العباسية، أحد أقسام وحدة السيدات المطورة، وكل نزيلاته من المرضى المتحسنات، وتجاوزت بعضهن ال20 عاماً داخل المستشفى، من بينهن «ع. م»، تبلغ 41 سنة، قضت منها 16 عاماً خلف أسوار المستشفى بإرادتها، فهى لا تريد الخروج، رغم أن مظهرها يختلف عن غيرها من النزيلات، فرغم بساطتها فإنها تبدو أنيقة، ترتدى ملابس عصرية، وتهتم بالاكسسوارات والزينة، وتغطى شعرها الحليق ب«كاب» أبيض.. استقبلتنا بابتسامة لا تخلو من كبرياء يمتزج بالحزن، وقالت: «دخلت المستشفى من 16 سنة للعلاج من الإدمان، والدى هو اللى جابنى علشان أتعالج من البرشام اللى كنت باخده، وكان السبب فى إدمانى مجموعة من أصدقاء السوء، وعايزة أقول إن وجع القلب والمصايب مابيجيش إلا من أقرب الناس ليكى». وبنظرة حزينة أكملت: «محدش من أهلى بيسأل عليا إلا (إيمان) بنت خالتى، هى اللى واقفة جانبى، وللأسف أخويا الوحيد، مابيجيش خالص، وأكتر من مرة خرجت مع إخصائية حقوق المرضى، ورُحت لأهلى، لكن رجعونى مرة تانية، حتى خالى رفض استلامى، وآخر مرة اتصل المستشفى بأخويا، فقال إنه بيعتبرنى متوفية». وعن أسباب عدم رغبة أهلها فى تسلمها، تقول: «بصراحة أنا تعبتهم قوى فى علاجى، وكنت كل ما أبطل المخدرات، أرجع تانى، ولما صممت إنى أبطل بقيت مريضة نفسية، بس أنا عملت شغل جامد فى المستشفى، ومثلت مسرحيتين، عملت مسرحية اسمها (جعلونى مريضاً)، وقمت فيها بدور فتاة جامعية، ومسرحية اسمها (جزيرة المحبة)، وآخر مسرحية عملتها (عفريت لكل مواطن)، وقدمت فيها 3 أدوار، وكمان اتعلمت شغل السجاد، ولو فكرت فى الخروج من المستشفى أبقى مجنونة بنت مجانين، لأن هنا أحسن من بره، هنا فيه رعاية ورحلات ومسرحيات وباكتب شعر وقصص وبارسم وممكن أكمل تعليمى، وخروج من المستشفى مش هخرج، عشان السمكة لما تخرج من الميه بتموت، وأنا اتعودت على هنا، هروح فين لو خرجت بره، أكيد هتبهدل عشان ماليش مكان بره، شوفى كام مريض نفسى مرميين على الرصيف، لأن أهلهم رفضوا تسلمهم، وبيقولوا عليهم مجانين».