أصدرت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، برئاسة المستشار محمد قشطة، النائب الأول لرئيس المجلس، اليوم، فتوى قانونية بعدم خضوع أعضاء السلطة القضائية والنيابة العامة لتطبيق القانون 63 لسنة 2014 بشأن الحد الأقصى لأجور العاملين بالدولة. استندت الجمعية العمومية في حيثيات فتواها بعدم خضوع القضاة لقانون الحد الأقصى للأجور، إلى أن أعضاء السلطة القضائية ليسوا تابعين للجهاز الإدارى للدولة، وبالتالي فهم ليسوا موظفين عمومين ولا يخضعون لقانون العاملين المدنيين بالدولة. وأكدت الحيثيات أن القضاة وأعضاء النيابة العامة لهم كادر مالي خاص بهم، وبالتالي لا يخضعون لقانون الحد الأقصى للأجور، موضحة أن الفتوى تسري على جميع أعضاء الهيئات القضائية (النيابة الإدارية، وهيئة قضايا الدولة)، باعتبار أن الدستور نص على مساواة جميع الهيئات والجهات القضائية ماليًا. ومن جانبه قال مصدر قضائي بمجلس الدولة، إن قانون الحد الأقصى للأجور واضح في شأن إخضاع جميع العاملين بالدولة إليه. وأضاف في تصريح ل"الوطن"، أنه يجب على الحكومة تدارك الأمر لعمل مشروع قانون يتلافى أي ثغرة قانونية في قانون الأقصى للأجور، وبما يضمن عدم خروج أي فئة خارج مظلة "الأقصى للأجور". وأوضح المصدر، أن هذه الفتوى صدرت بناء على طلب من رئيس محكمة استئناف المنصورة مقدم إلى رئيس مجلس الدولة، وتمت إحالته إلى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع لأخذ رأيها القانوني، حيث تضمن الطلب تفسير واضح للقانون في شأن مدى جواز خضوع بدل الدواء والعلاج المخصص للقضاة لمظلة الحد الأقصى المقدر بمبلغ 42 ألف جنيه شهريًا، وبالتبعية عن مدى جواز خضوع رواتب القضاة بكامل مفرداتها لهذا الحد. وقال المستشار محمد الدهري الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة، إن عموم أعضاء النيابة العامة والقضاء العالي لا يتحصلون على قيمة الحد الأقصى للأجور، وبالتالي لن تكون هناك فائدة مالية بالنسبة لهم، معتبرًا في الوقت ذاته، أن هذا الإجراء ربما يكون له فائدة مالية مستقبلًا بالنسبة للقضاة إذا وصلت رواتبهم في وقت من الأوقات إلى قيمة الحد الأقصى للأجور والمقدر ب42 الف جنيه. واعتبر الدهري، أن مصلحة البلاد تقتضي في الوقت الحالي التكاتف من أجل نهضة البلاد في ظل الظروف المالية الطاحنة التي تمر بها الدولة، وإرجاء المصالح الفئوية حتى تمر الدولة من أزمتها المالية، موضحًا أن فتوى مجلس الدولة لن يتم الاعتداد بها إلا في حالة عدم التزام الحكومة بها وعليه تقوم الجهة المتضررة بإقامة دعوى أمام مجلس الدولة تلحق بها الفتوى التي تعتبر غير ملزمة لدى المحكمة، ولكنها في الأغلب تأخذ بها في عين الاعتبار. وأيد المستشار محمد عبدالرازق رئيس اللجنة القانونية للدفاع عن القضاة، الرأي السابق، مشددًا أن رئيس محكمة النقض الذي يعتبر أعلى الجهات القضائية في مصر لا يصل إلى الحد الأقصى، وبالتالي لن يكون للفتوى تأثير حقيقي على أرض الواقع ولكهنا في مجملها تؤيد حق القضاة في الوصول إلى الحد ما فوق الحد الأقصى. وأضاف عبدالرازق، أنه لا يتمنى أن يحصل القضاة على الحد الأقصى للأجور أو ما يفوقه في ظل الظروف التي تواجهها البلاد من حرب ضروس على الإرهاب من جهة، وأزمات اقتصادية متلاحقة تجعل القضاة ينأون بأنفسهم عن المطالبة بحقوقهم المالية في ظل تردي أوضاعهم المالية. وأكد رئيس قانونية القضاة، أن القاضي المصري يحصل على أقل راتبٍ بالنسبة للدول العربية المجاورة والتي تستعين بقضاة مصريين، فضلًا عن أن العديد من الدول الأوروبية مثل إنجلترا وألمانيا ليس هناك راتب محدد يحصل عليه القاضي بل يحدد راتبه بنفسه، حتى لا ينشغل القاضي بأي أزمات مالية تعيقه عن أداء رسالته في الفصل في قضايا المواطنين وجلب حقوقهم. جدير بالذكر أن السلطة القضائية ثالث فئة لن يطبق عليها قانون الأقصى للأجور، حيث أصدرت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع من قبل فتوى بعدم خضوع الشركة المصرية للاتصالات للقانون. كما أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمًا قضائيًا بعدم تطبيق الحد الأقصى للأجور على البنوك المنشأة من خلال شركات مساهمة والتي لها نظام قانوني خاص، وخصوصًا بنكي "الإسكان والتعمير" و"المصري لتنمية الصادرات"، وهو الحكم الذي تضمن في حيثياته إعفاء جميع الشركات المساهمة سواء أسستها الحكومة أو شاركت في رأسمالها من قانون الحد الأقصى للأجور. وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي أصدر العام الماضي قرارًا بقانون بشأن الحد الأقصى للعاملين بأجر لدى أجهزة الدولة، وبحسب القرار، يكون الحد الأقصى لما يتقاضاه أي عامل من العاملين في الحكومة، ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والقومية الخدمية والاقتصادية، وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، والعاملين بقوانين وكادرات خاصة، هو مبلغ 42 ألف جنيه شهريًا، وهو ما يمثل 35 ضعفًا من الحد الأدنى 1200 جنيه.