على أحد المقاهى فى مركز فرشوط بمحافظة قنا، جلس لويز محفوظ صاحب ال79 عاماً، وتجاعيد وجهه تؤكد أنها شاهدة على الحرب وأحداثها، لكن من رؤيته الخاصة، فذاكرة الجندى الذى كان على الجبهة تحمل حكايات مختلفة تماماً عن ذاكرة المواطن الذى تفاجأ ببدء المعركة من خلال بيانات عاجلة تمت إذاعتها عبر المذياع. «لويز» كان شاهداً على العديد من القصص البطولية التى شهدتها سيناء فى 6 أكتوبر 1973، ورأى بأم عينيه التضحيات التى ذهبت فداءً للوطن، وذكرى الانتصار من كل عام، يكون ل«لويز» مشاهده الخاصة التى تمر أمام عينيه كأنها كانت بالأمس، وشكل الرمال وهى تنهار بعد أن تمكن الجنود من تحطيم خط بارليف الذى وصفه العدو ب«المنيع»، وشكل زملائه من الجرحى والشهداء، وغيرها من الذكريات العديدة، التى لا حصر لها جرت فى أرض المعركة، تمر كالشريط السينمائى أمام عينى الرجل السبعينى فى هذا اليوم من كل عام. حالة التجنيد فى الفترة بين 1967 و1973 كانت تختلف تماماً عن ما هى عليه الآن بسبب الظروف الاستثنائية التى كانت تمر بها البلاد فى هذه الفترة. وقال «لويز» ل«الوطن» إنه كان من الذين وصلت مدة تجنيدهم إلى 10 سنوات، مضيفاً: «الرئيس السادات وقتها قال إن ماحدش هيطلع من الجيش قبل ما تتم الحرب، فأنا فضلت فى الجيش 10 سنين دخلت عندى 20 سنة وخرجت عندى 30». شارك «لويز» فى حرب السادس من أكتوبر، وكانت لحظة بدء الحرب هى اللحظة المنتظرة التى طمح إليها لويز وزملاؤه من الجنود المشاركين معه فى الحرب، ليس هم فقط، بل كل الشعب المصرى كان يطلب شيئاً واحداً فقط من الرئيس السادات وهو الحرب. لم يشعر«لويز» بأى قلق أو خوف، وتقدم مع زملائه بقلب قوى وشجاع متعطش للقتال واسترجاع الأرض التى سُلبت من وطنه، وقال: «أنا وزملائى كنا هنموت ونحارب ونخلّص الأرض من اللى واخدينها دون حق، ووقت ما قالوا يلا حرب دخلنا كلنا بقلبنا كنا متحمسين وفرحانين جداً جداً، كان فيه طاقة غير عادية، الحماس اللى جوانا إننا هنحارب كان ولا فرحة الأطفال اللى طالعة رحلة». ذكرى أكتوبر بتفكرنى بأرض المعركة.. والنصر فتح نفس الجنود على الأكل «النصر فتح نفس الجنود على الأكل»، هكذا وصف «لويز» حالة الجنود بعد أن حققوا الانتصار فى حرب أكتوبر المجيدة، حيث قال إن الجميع كان لا يمتلك الرغبة فى تناول الطعام أبداً بسبب قلقهم المستمر على الوطن، وكان هو وزملاؤه يتناولون من الطعام ما يمنحهم الطاقة كى يقدروا على التدريبات، ولولا حاجتهم للطاقة من أجل التدريب، ما كان أقدم أحدهم على تناول الطعام. وأضاف: «اليوم دا كان عيد الغفران وإحنا ضربناهم فى عيدهم، والانتصار خلى الجنود المصريين ماشيين رافعين راسهم وكل الشعب المصرى حاسس بالفخر والعزة والكرامة».