تنتشر أسماك القرموط المعلبة على أنها علب تونة فى ريف مصر، ولدى الباعة بالمناطق الشعبية. يقول أحمد مندو، أحد الباعة أمام محطة مترو المرج الجديدة، إنه يبيع علبة التونة ب2.5 جنيه، لافتاً إلى أن هذا الصنف «يشهد إقبالاً شديداً لانخفاض سعره مقارنة بالأنواع الأخرى» (التونة المستوردة 9-12 جنيهاً). لكنه يؤكد: «لا أعلم شيئاً عن صناعتها ولا من أين تأتى، ويحضرها أحد مندوبى المبيعات بسعر 1.5 جنيه». تاجر أسماك، رفض الإفصاح عن اسمه، يقول إنه يبيع أسماك القراميط التى يتعدى وزنها كيلو ونصف بسعر 9 جنيهات للكيلو إلى مصانع تعليب التونة غير المرخصة فى المرج ومنطقة السلام بشمال القاهرة ومعظمها قائم داخل بيوت عشوائية. أما الدكتور محمد العراقى، أستاذ التغذية بمركز بحوث الثروة السمكية بالعباسة، فيؤكد أنها ليست مصنعة من أسماك التونة. «يظهر هذا بوضوح من وجود بقايا أشواك عظمية تشتهر بها أسماك القراميط»، علاوة على أن جميع العلب لأسماك مفتتة لأن مصانع بير السلم لا تستطيع تصنيع القراميط إلا بهذه الصورة. البيانات المدونة على العبوة تتضمن أرقام هواتف غير صحيحة، أو غير موجودة بالخدمة. يقول أحمد أبوغالى، بائع فى حلقة السمك بمدينة بلبيس: «أعمل فى هذه المهنة منذ 30 سنة، لكنى لا أبيع أسماك القراميط لقلّة الإقبال عليها». ويؤكد «أبوغالى» أن سيارة تأتى إلى منطقته «بتلم مخلفات تنظيف الدواجن وتعطيها لأصحاب المزارع السمكية التى يستخدمونها كعلف لأسماك القراميط». محمد جمال عطا الله، بائع أسماك قراميط منذ 25 عاماً بنفس المنطقة، يقول: «أبيع القراميط التى تتربى فى مياه نظيفة، ولا أبيع التى تتغذى على اللحوم النافقة ومخلفات المجازر ويكون لونها أحمر داكناً مائلاً للسواد». تقول أم الخير إبراهيم إسماعيل (56 سنة) من الزقازيق: «عندنا عقدة من أسماك القراميط لمعرفتنا بأنها تتغذى على جيفة الحيوانات». ويضيف الموظف على المعاش، سعيد وهبة: «نرى بعض الناس يقبلون على شراء هذه الأسماك لرخص سعرها لكنهم قد يضطرون إلى دفع عشرات أضعاف هذا السعر لعلاج الأمراض التى تصيب من يتناولها». يؤكد محمود عنانى، المحامى بالنقض، أن غياب العقوبات فى قانون 124 لسنة 1983 وراء انتشار مزارع الأسماك المخالفة. فالمادة 65 من القانون ذكرت الأضرار ولم تنص على أى عقوبة، علاوة على أن المادة 48 التى تحظر استخدام المياه العذبة فى تغذية المزارع تساعد على تربية أسماك فاسدة. ويشدد طرف آخر فى العملية الرقابية، العربى أبوطالب، رئيس اتحاد مفتشى التموين، على القصور التشريعى فى حماية المستهلك. ويؤكد أن القوانين التى يستند إليها مفتش التموين فى عمله «متقادمة ولا تتماشى مع حجم ونوعية الغش التجارى الموجود حالياً»، فى إشارة إلى قانون مراقبة المواد الغذائية رقم 4 ويرجع إلى سنة 1942 وشئون التموين رقم 95 لسنة 1945 وقمع الغش والتدليس رقم 158 لسنة 1960. يؤكد «أبوطالب» أن أعداد بائعى أسماك القرموط كبيرة جداً فى الأسواق اليومية والأسبوعية إلى جانب المحلات المرخصة. لكن مفتش التموين لا يستطيع أن يحرر محضراً ضد الباعة «لعدم وجود عنوان ثابت لهم». يتضح من هذا القصور التشريعى وضعف الرقابة أن المواطنين، خاصة أصحاب الدخول المنخفضة، سيواصلون تناول قراميط تتغذى على الجيف إلى أن تغلظ العقوبة على المخالفين وتتحمل الجهات التنظيمية والرقابية مسئولياتها.