ربما لم يقرأوا ما أورده أمل دنقل فى «كلمات أسبارتاكوس الأخيرة»: «فقطعوا الصحراء.. بحثاً عن الظلال، وقطعوا الحجر، حتى شموا فى الفروع.. نكهة الثمر»، أمل دنقل بتصرف.. هؤلاء قطنوا أهداب المحافظات، أحبوا عيشة الأطراف فكانت لهم ملاذاً، يزرعون الصخر، ينحتون الجدران فى بطن الجبل، يعيشون على قطرات المياه، تروى زروعهم قبل أن تروى ظمأهم.. أخذوا من الصحراء قسوتها، وطوعوها.. فحولوا الأصفر إلى أخضر، وأنبتوا الزرع من قسوة الحجر، ورغم كل ذلك لم يشغلوا للدولة بالاً. «قرى على شمال السما»، هناك فى آخر مدى البصر، تجدهم.. حين يبدأ إخضرار الزرع فى الانحسار، ويسود صفار الصحراء فى الأفق.. يعيشون وسط أزمات طاحنة، يغيب الأمن، يحضر الثأر، يسكن الخوف، يرتع المرض والتلوث، وتشح المياه، وتسقط السيول، ويفوح العفن.. هناك كانت «الوطن»، عاشت مع زرّاع الصخر وصنّاع الحجر، بين جنبات القرى التى تعيش على أقصى أطراف محافظات الصعيد.. الذين رقصوا على السلم، فلا هم من سكان الحضر والريف، ولا هم من سكان الصحراء والهيش. ملف خاص: «جزيرة أبوصالح».. «العطش» على ضفاف النيل.. الحلقة الأولى