أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء العدد الخامس من سلسلة تقارير معلوماتية بعنوان «الأمن الغذائي في مصر في ضوء الحرب الروسية الأوكرانية»، مؤكدًا أن الهدف من تلك التقارير هو إلقاء الضوء على الجوانب المختلفة المحيطة بهذا الموضوع، على نحو يهدف إلى ترسيخ مجتمع المعرفة، وعرض صورة متكاملة عن القضية محلّ الدراسة أمام صانع القرار والمجتمع، ما يساعد في إثراء صياغة السياسات العامة، وإضافة قدر أكبر من الموضوعية عند مناقشة القضايا العامة في إطار من المصداقية والشفافية. الأمن الغذائي عالميًا ويستعرض التقرير الجديد الوضع العالمي للأمن الغذائي، ويشمل أربعة أقسام، يتناول الأول لمحة عن وضع الأمن الغذائي عالميًا من حيث أهم مؤشرات الأمن الغذائي، والوضع الراهن لسوق القمح والزيوت النباتية. ويتناول القسم الثاني تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على أسواق السلع الاستراتيجية العالمية والاستجابة السياسية الدولية لمواجهة تلك التداعيات، ثم يتناول الثالث مؤشرات الأمن الغذائي لمصر من القمح والزيوت النباتية، وأخيرًا، يعرض القسم الرابع أهم تدابير حماية الأمن الغذائي في مصر. وأشار التقرير إلى تقديرات برنامج الأغذية العالمي والذي أشار أنه في غضون عامين فقط تضاعف عدد الأشخاص حول العالم الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد من 135 مليون شخص قبل جائحة كورونا إلى 276 مليون في بداية عام 2022، ونتيجة الآثار المتتالية للحرب في أوكرانيا، من المتوقع أن يصل هذا العدد إلى 323 مليون نسمة بنهاية عام 2022. 779 مليون طن.. إجمالي انتاج العالم من القمح كما سلط الضوء على الوضع الراهن لسوق القمح العالمي مشيراً إلى أنه وفقًا لبيانات تقرير وزارة الزراعة الأمريكية الصادر لشهر يونيو 2022، بلغت الكمية المنتجة من القمح عالميا نحو 779 مليون طن عام 2021 /2022، وفيما يتعلق بأكثر الدول المنتجة للقمح خلال عام 2021 /2022، فقد جاءت دول الاتحاد الأوروبي في المرتبة الأولى بنسبة 17.8% تليها الصين بنسبة 17.6% ثم الهند بنسبة 14.1% ثم روسيا بنسبة 9.6%. وبلغ إجمالي الاستهلاك العالمي من القمح نحو 791 مليون طن عام 2021 /2022، وفيما يتعلق بأكثر الدول استهلاكًا للقمح عام 2021 /2022 فقد جاءت الصين في المرتبة الأولى بنسبة 18.7% ثم الاتحاد الأوروبي بنسبة 13.9% والهند 13.6% وروسيا 5.3%. انخفاض الإنتاج العالمي من القمح وتتوقع وزارة الزراعة الأمريكية انخفاض الإنتاج العالمي من القمح لعام 2022 /2023 بنسبة 0.2% على أساس سنوي، لتصل إلى773.43 مليون طن متري، ويرجع ذلك إلى انخفاض إنتاج الهند بمقدر 2.5 مليون طن متري ليصل إلى 106 ملايين طن متري، حيث أدت درجات الحرارة القصوى في شهري مارس وأبريل إلى انخفاض المحاصيل أثناء تعبئة الحبوب، بينما ارتفع إنتاج روسيا بمقدار مليون طن متري ليصل إلى 81 مليون طن متري، وذلك لتحسن الأحوال الجوية المواتية لمحصول القمح، ومن المتوقع ارتفاع الإمدادات الروسية في عام 2022/ 2023 وأن تصبح أسعار صادراتها أكثر تنافسية مقارنة بمُصدري القمح الآخرين. تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على الأمن الغذائي وأوضح مركز المعلومات في تقريره تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على الأمن الغذائي العالمي، مشيراً إلى أن أوكرانياوروسيا تمثلان معًا 12% من حجم الإمدادات الغذائية المتداولة التي يتم استهلاكها في العالم، حيث تُصنف كلتا الدولتين من بين أكبر خمسة مصدرين للعديد من البذور الزيتية والحبوب، مثل: «القمح، والشعير، والذرة، ودوار الشمس»، كما يوفر الاتحاد الروسي وأوكرانيا معًا نحو 30% من صادرات القمح العالمية في عام 2021، وتمثل روسياوأوكرانيا أيضًا 75% من إنتاج زيت بذور عباد الشمس العالمي، وذلك وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة. وتجدر الإشارة إلى أن نحو 40% من صادرات القمح والذرة الأوكرانية يتم توجيهها إلى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، كما تُعد روسيا وحدها أكبر مورد للمكونات الرئيسة في صناعة الأسمدة، والتي بدونها يتعثر إنتاج المحاصيل أو تنخفض جودتها وذلك وفقًا لما ذكرته مجموعة الإيكونومست، مشيراً إلى أن أسواق السلع العالمية واجهت بعد الحرب مخاطر ارتفاع الأسعار نظرًا لانخفاض إمدادات الحبوب، وارتفاع أسعار الطاقة، وارتفاع أسعار الأسمدة، وتعطيل التجارة بسبب إغلاق الموانئ الرئيسة. ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة ووفقًا لتقرير صادر عن «مجموعة الأممالمتحدة للاستجابة للأزمات العالمية المعنية بالأغذية والطاقة والتمويل»، في يونيو 2022، فإن ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة سيؤثر على أكثر الفئات ضعفًا في المجتمع، لا سيما في البلدان النامية، حيث يتم إنفاق أكثر من 50% من دخل الأسر المعيشية الأشد فقرًا على الغذاء، بالإضافة إلى أن زيادة بنسبة 10% في أسعار المواد الغذائية تؤدي إلى تآكل القوة الشرائية لهذه الأسر بأكثر من 5% أو ما يقارب ما تنفقه الأسر الفقيرة في البلدان النامية في المتوسط على الصحة، كما أفاد البنك الدولي بأن كل نسبة مئوية زيادة في أسعار المواد الغذائية، سيترتب عليه دفع 10 ملايين شخص إلى الفقر المدقع. وأشار المركز إلى ما ذكرته مجلة «الإيكونومست»، بأن هناك ثلاثة طرق تؤدي إلى تقويض الأمن الغذائي العالمي جرّاء الحرب الروسية الأوكرانية وهي: «تعطيل شحنات الحبوب، وانخفاض أو تعذر الوصول إلى المحاصيل المستقبلية في أوكرانياوروسيا، وتراجُع الإنتاج في أجزاء أخرى من العالم». مشكلة تأمين البدائل وبناء على هذه المعطيات فإنّ تدهور الوضع الأمني في أوكرانيا سيؤثر بشكل كبير على الأمن الغذائي، وخاصة لكبرى الدول المستوردة للحبوب، حيث ستواجه هذه الدول مشكلة تأمين البدائل وتتحمل تكلفة عالية نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية العالمية، خاصة من القمح. أما محلياً، فأشار التقرير إلى النشرة السنوية لحركة الإنتاج والتجارة الخارجية والمتاح للاستهلاك من السلع الغذائية لعام 2020 - الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في أبريل 2022- والتي أوضحت أن مصر سجلت نسبة اكتفاء ذاتي من الأرز تقدر ب 98.3% ولحوم الدواجن والطيور 98.1% والبيض 99% وبذرة القطن 99% والقمح 41.4% والذرة الشامية 44.8%، وبلغ إجمالي الكمية المنتجة من القمح في مصر نحو 9.8 ملايين طن عام 2021 بزيادة قدرها 8.1% عن عام 2020. ووفقًا لآخر بيان متاح للكمية المستهلكة من القمح، فقد بلغت نحو 20.5 مليون طن عام 2020 بنسبة انخفاض بلغت نحو 1.7% عن عام 2019. القمح والذرة.. السلع التي تستوردها مصر ويأتي القمح والذرة في مقدمة السلع التي تستوردها مصر من كل من روسياوأوكرانيا، حيث بلغت قيمة واردات مصر من القمح من كلا البلدين بنحو 2.1 مليار دولار عام 2021، كما بلغت قيمة واردات مصر من الذرة من كلا البلدين بنحو 557.9 مليون دولار عام 2021 وأشار التقرير إلى تدابير حماية الأمن الغذائي في مصر، موضحاً أن الحكومة المصرية تضع ملف الأمن الغذائي كأولوية قصوى، لذا فهي تعمل على مسارات متوازية لتحقيق تأمين احتياجات مصر من السلع الغذائية، والتي تتمثل في النهوض بالسياسات الزراعية، وإطلاق المشروعات القومية العملاقة لتوفير السلع الغذائية وزيادة الإنتاج، إلى جانب تنويع مصادر الواردات، وتطوير سلاسل التوريد. تنويع مصادر الواردات الغذائية وأشار التقرير إلى أن أبرز التدابير على المدى القصير تتمثل في تنويع مصادر الواردات الغذائية ومن ذلك الاتجاه نحو استيراد القمح من الأسواق البديلة خلال الفترة المقبلة، ومنها على سبيل المثال، القمح الفرنسي في منطقة الاتحاد الأوروبي، فوفقًا لأحدث تقرير صادر عن وزارة الزراعة الأمريكية بشأن الحبوب والأسواق العالمية والتجارة، في يوليو 2022، فإنه على الرغم من ارتفاع أسعار القمح بعد الحرب الروسية الأوكرانية، ما زال سعر القمح الفرنسي تنافسي مقارنة بالمناطق الأخرى المُصدرة للقمح. كما قد تكون هناك حاجة إلى برامج التغذية والتثقيف الغذائي، لتوجيه الأسر ومساعدتها على الاستفادة المُثلى من الموارد الغذائية المتاحة، ومكملات المغذيات الدقيقة للمساعدة في التعويض عن انخفاض التنوع الغذائي بسبب التغيرات في أنماط استهلاك الغذاء استجابة لتلك الأزمة. خيارات تقليص الفجوة بين العرض والطلب أما أبرز التدابير على المدى الطويل فتمثلت في البحث عن خيارات تقليص الفجوة بين العرض والطلب المحليين، وذلك من خلال قيام الحكومة بتكييف نظام الزراعة لمعالجة تهديدات التغير المناخي، بدلاً من التوسع غير المستدام في الإنتاج، بالإضافة إلى الحد من المعدلات المرتفعة لاستهلاك الخبز وإهداره، حيث يبلغ متوسط الاستهلاك نحو 145 كجم من القمح للفرد سنوياً وهو ما يمثل ضعف المتوسط العالمي، ويُمكن أن يساعد الحد من استهلاك القمح في تحقيق غرض مزدوج يتمثل في حماية الأمن الغذائي وتحسين الاكتفاء الذاتي لمصر، مع معالجة مشكلة سوء التغذية أيضًا، عن طريق تحويل الاستهلاك من القمح إلى مجموعات غذائية أكثر تنوعًا، كما اقترح التقرير التوسع في زيادة الإنتاج الزراعي على المدى الطويل، من خلال توسيع الأراضي الصالحة للزراعة، ومواصلة تحديث القطاع الزراعي، من خلال التكنولوجيا الزراعية المتقدمة، وإدارة المياه، وتقنيات الطاقة الخضراء.