القيم الجمالية وبناء المجتمع..الجامع الأزهر يعقد ملتقاه الأسبوعي السبت المقبل    ندوة توعوية للشباب حول "خطورة الإدمان" بمحكمة كفرالشيخ الابتدائية    ارتفاع أسعار الذهب اليوم الأربعاء.. والأسواق تترقب قرار الفيدرالي الأمريكي    تكثيف حملات النظافة بمحيط المدارس في بني مزار    وزير خارجية لبنان يحذر من خطورة الهجوم السيبراني الأخير: ينذر بنشوب نزاع أوسع    7 أهداف في 4 أيام| كين يكتب التاريخ في دوري أبطال أوروبا    قائمة برشلونة لمباراة موناكو في دوري أبطال أوروبا.. ظهور أنسو فاتي    منتخب مصر للكراسي المتحركة لكرة اليد في مواجهة الهند لحسم ترتيبه    عنصر إجرامي يتاجر في مخدر "الأستروكس" بالسلام.. وقرار جديد ضده    قرار جديد بشأن المتهم بالتعدي على فتاة من ذوي الهمم بالمطرية    محكمة تعاقب فتاة بالحبس سنة بتهمة ممارسة الأعمال المنافية للآداب    انطلاق فعاليات مبادرة «بداية» بثقافة البحيرة    نصائح للآباء والأمهات للتعامل مع الطفل الجاحد    بلاغ للنائب العام ضد صلاح الدين التيجاني بتهمة نشر أفكار مغلوطة    نجل ترامب وروبرت كينيدي يحذران من دخول أمريكا حرب مع روسيا بسبب بايدن وهاريس    «الأرصاد»: طقس شديد الحرارة على القاهرة الكبرى غدا والعظمى 36 درجة    "الأعلى للآثار": اتفاقية التعاون مع السفارة الأمريكية تشمل توثيق القطع الأثرية في المتاحف    مهرجان الغردقة لسينما الشباب يكرم المنتج هشام عبدالخالق    قبل ساعات من طرحه بالسينمات.. التفاصيل الكاملة لفيلم «عنب»    منحة 750 جنيها للعاملين بالسكة الحديد والمترو بمناسبة العام الدراسي الجديد    8 عمليات تجميلية نادرة لأطفال سوهاج بالتعاون مع جامعة مانشستر البريطانية    جامعة النيل تكشف عن أسباب اختيار الطلاب كلية «التكنولوجيا الحيوية»    محافظ البحيرة تشهد انطلاق برنامج «ستارز» بمجمع دمنهور الثقافي لتعزيز مهارات الشباب    بلينكن: ندعم جهود مصر لإصلاح اقتصادها ليكون أكثر تنافسية وديناميكية    جامعة المنصورة تعلن انضمام 60 عالمًا لقائمة «ستانفورد» للأكثر تأثيرًا بالعالم    «بلاش عياط وذاكر تنجح».. شوبير ينتقد المعترضين على حكم مباراة الأهلي والزمالك    السجن 10 سنوات ل5 متهمين بخطف فني خدمات طبية منتحلين صفة رجال شرطة    تأييد معاقبة عامل بالسجن المشدد 7 سنوات بتهمة القتل الخطأ بالمنيا    العاهل الأردني يوافق على تشكيلة الحكومة الجديدة برئاسة جعفر حسان    البحوث الإسلامية: ندعم مبادرة "بداية" ونشارك فيها ب 7 محاور رئيسية    «العمل» تُعلن عن 950 وظيفة للشباب بالقاهرة    شقق سكن لكل المصريين.. طرح جديد خلال أيام في 6 أكتوبر- صور    مستخدمو آيفون ينتقدون تحديث iOS 18: تصميم جديد يُثير الاستياء| فيديو    صلاح الدين التيجاني بعد اتهامه بفعل فاضح: حملة مدفوعة الأجر.. وسأقاضي كل من نشر عني    مفاجأة سارة في قائمة باريس لمواجهة جيرونا    "طلب زيارة أسرة المتوفي ولم يتعمد الإيذاء بالتواجد في التدريبات".. الرسالة الأولى لفتوح بعد أزمته    فان دايك يكشف سر فوز ليفربول على ميلان    محافظ القليوبية ورئيس جامعة بنها يطلقان المرحلة الرابعة من مبادرة "صنايعية مصر"    الجدي حكيم بطبعه والدلو عبقري.. تعرف على الأبراج الأكثر ذكاءً    ماسك يتوقع مستقبلا قاتما للولايات المتحدة إن خسر ترامب الانتخابات    ما حكم بيع المشغولات الذهبية والفضية بالتقسيط بزيادة على السعر الأصلى؟    سلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.. موضوع خطبة الجمعة القادمة    استشهاد 10 فلسطينيين بينهم أطفال ونساء فى قصف إسرائيلى على مدينتى غزة ورفح    قوافل طبية وبيطرية لجامعة الوادي الجديد ضمن المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان»    ينتشر بسرعة.. هل تتشابه أعراض متحور كورونا XEC مع السلالات القديمة؟    الصحة والتعليم والتأمين الصحى بالدقهلية تبحث استعدادات العام الدراسى الجديد.. صور    أطعمة ومشروبات تعزز حرق الدهون وتسرع من إنقاص الوزن    إطلاق مبادرة لتخفيض أسعار البيض وطرحه ب150 جنيهًا في منافذ التموين والزراعة    عبد الباسط حمودة ضيف منى الشاذلي في هذا الموعد    هل يجوز إخراج زكاة المال للأهل؟.. أيمن الفتوى يجيب    سول: سنردع استفزازات كوريا الشمالية بناء على قدراتنا والتحالف مع الولايات المتحدة    جهز حاسبك.. أنت مدعو إلى جولة افتراضية في متاحف مكتبة الإسكندرية    «النقل»: توريد 977 عربة سكة حديد مكيفة وتهوية ديناميكية من المجر    تفاصيل مقتل وإصابة 9 جنود إسرائيليين فى انفجار ضخم جنوبى قطاع غزة    خبير: الدولة تستهدف الوصول إلى 65% من الطاقة المتجددة بحلول 2040    نادي الأسير الفلسطيني: حملة اعتقالات وعمليات تحقيق ميداني واسعة تطال 40 مواطنا من الضفة    دعاء خسوف القمر اليوم.. أدعية مستحبة رددها كثيرًا    انتظار باقي الغرامة.. محامي عبدالله السعيد يكشف آخر المستجدات في قضية الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المماطلات الإثيوبية والخيارات المصرية
نشر في الوطن يوم 13 - 12 - 2014

كان قد تم الاتفاق بين وزراء المياه فى مصر والسودان وإثيوبيا على استكمال دراسات الآثار السلبية لسد النهضة على دولتى المصب، والانتهاء منها والتوافق حول نتائجها، فى غضون فترة لا تتعدى ستة أشهر تنتهى فى أول مارس 2015، ومصر كانت تأمل بعد الانتهاء من هذه الدراسات، أن يبدأ تفاوض حقيقى مع إثيوبيا حول سعة السد التخزينية، وسنوات التخزين، وسياسات التشغيل. ولكن للأسف مر الآن ما يقرب من أربعة أشهر من اجتماعات هنا وهناك ومؤتمرات وتصريحات دون تحقيق أى إنجاز يُذكر. بل حتى لم يتم التعاقد مع مكتب استشارى للقيام بالدراسات المطلوبة، بينما إثيوبيا مستمرة فى بناء السد على قدم وساق. وتم تأخير الاجتماع الشهرى للجنة الثلاثية فى مدينة الخرطوم، التى كانت تهدف إلى اختيار المكتب الاستشارى. وذكرت وسائل الإعلام أن سبب التأجيل يعود إلى محاولات إثيوبية وأخرى سودانية لمد فترة الدراسات إلى سنة أو سنتين، وأن مصر لا توافق على هذه المطالبات. ونتيجة لعدم الشفافية عن حقيقة الأحداث، صارت هناك علامات استفهام كبيرة حول جدوى استمرار المباحثات الثلاثية، وعن إمكانية التوصل إلى تسوية سلمية عادلة لأزمة سد النهضة. وهل قبول مصر للمطلب الإثيوبى بمد فترة الدراسة، بينما إثيوبيا مستمرة فى بناء السد، يعتبر قبولاً ضمنياً بسعة سد النهضة الضخمة، وأن التفاوض سيكون فقط حول سنوات التخزين وسياسات التشغيل؟ وهناك غموض حول أهداف المطالبات الإثيوبية، وأصبحت ليست واضحة للشارع المصرى، فهل هى لاكتساب الوقت بهدف استغلاله فى الانتهاء من الجزء الأكبر من إنشاءات السد وفرضه كأمر واقع على مصر، أم أنّها تعكس المتطلبات الزمنية الفعلية للدراسات المطلوبة؟ وإذا كان الطلب الإثيوبى لمد فترة الدراسات ضرورياً للمكاتب الاستشارية لإنجاز الدراسات المطلوبة، فلماذا إذن تم الاتفاق بين الدول الثلاث منذ أشهر قليلة مضت على الانتهاء من الدراسات فى غضون ستة أشهر؟ هل اكتشفت إثيوبيا هذه الحقائق فجأة خلال الأسابيع القليلة الماضية؟ ولماذا لا توافق إثيوبيا على وقف إنشاءات السد حتى يتم استكمال الدراسات، ولتأخذ الدراسات ما تأخذه من الوقت؟ كل هذه التساؤلات تحتاج إلى إجابات مقنعة لإيضاح الحقائق للشعب المصرى.
ودراسات الآثار السلبية للسد من الممكن أن تأخذ سنوات، ومن الممكن إنهاؤها فى شهور، وذلك يتوقف على درجة التفاصيل الفنية المطلوبة والمتفق عليها بين الدول الثلاث. ولكن المشكلة ليست فقط فى زمن أو فترة الدراسات التى يحتاجها الاستشارى، بل تعود أيضاً إلى الفترة التى قد تستغرقها الخلافات المتوقّعة بين الدول الثلاث حول البيانات ودقتها، وحول منهاج الاستشارى، وحول النتائج وتفسيرها. والمشكلة الأخرى أنه بعد استكمال هذه الدراسات، وحتى إذا انتهت بأن السد سيؤدى إلى ضرر جسيم على مصر، فإن رد إثيوبيا المتوقع هو أن من حقها الاستخدام العادل والمنصف لمياه النهر، وفى هذا التوقيت لن يتوافر لمصر الوقت الكافى للجوء إلى التحكيم الدولى أو لاتخاذ أى إجراء آخر. وأنا أتصور أن المسئولين فى مصر فى حيرة من المماطلات الإثيوبية، ويعانون من صعوبة الخيارات المتاحة، وكلها لها تبعات على المستويين القومى والإقليمى، بل والدولى أيضاً. وقد يرى البعض أنه من الأفضل أن توافق مصر على مد فترة الدراسة، لأن ذلك هو السبيل المتاح للانتهاء من الدراسات، التى سوف توضح آثار السد الوخيمة على مصر. ولكن ما فائدة مثل هذه الدراسات بعد إهدار الوقت وفوات فرصة تغيير سعة وارتفاع السد. وكيف نحقق توافقاً مع إثيوبيا حول الأضرار التى ستقع على مصر وإثيوبيا لا تعترف بحصتنا المائية، بل تنادى بإعادة توزيع الحصص المائية على ضوء مبدأ الاستخدام العادل والمنصف للمياه، ضاربة بكل الاتفاقيات التاريخية عرض الحائط. إن الرضوخ والقبول بالأمر الواقع هو تنازل للأبد عن حقوق الشعب المصرى، ولكن رفض سياسة الإملاء الإثيوبى قد ينتهى بحل وسط يقلل من أضرار السد على مصر، أو على الأقل يحافظ للأجيال المقبلة على الأمل فى استرداد ما يتم سلبه من حقوق على أيادى الجيل الحالى.
إن إصرار إثيوبيا على مد فترة الدراسات يعتبر إخلالاً رئيسياً باتفاق الستة أشهر بين الدول الثلاث، وعلى مصر مطالبة إثيوبيا بالتوقف عن أعمال بناء السد حتى يتم الانتهاء من الدراسات والتوافق حول نتائجها. وإذا رفضت إثيوبيا وقف إنشاءات السد، فعلى مصر الانسحاب من المباحثات وإعلان رفضها للسد لآثاره السلبية الوخيمة على مصر. والتحرّك المصرى فى هذه الحالة هو البحث عن تسوية سلمية لهذا النزاع على ضوء ميثاق الأمم المتحدة، وذلك من خلال الاتفاق مع إثيوبيا على اللجوء إلى التحكيم الدولى. والتحكيم الدولى يتطلب موافقة كل من طرفى النزاع على اللجوء إلى التحكيم، وفى الأغلب لن توافق إثيوبيا على هذا التوجه. وفى هذه الحالة لن يتبقى لمصر إلا الشكوى إلى مجلس الأمن الدولى والمطالبة بالوقف الفورى لإنشاءات السد واللجوء إلى التحكيم الدولى. ويرتكز الموقف القانونى المصرى على ما جاء فى التقرير النهائى للجنة الثلاثية الدولية الصادر فى نهاية مايو 2013، الذى يُظهر بوضوح أن هناك تقصيراً إثيوبياً كبيراً فى دراسات السد الإنشائية والهيدرولوجية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى عدة ركائز قانونية أساسية. أولى هذه الركائز هى الحقوق التاريخية فى مياه النيل، التى تستند إلى العديد من الاتفاقيات التاريخية أهمها اتفاقية 1902 الحدودية مع إثيوبيا، التى تعهدت فيها الأخيرة بعدم إقامة أى مشروعات مائية على بحيرة تانا والنيل الأزرق ونهر السوباط تؤثر على تدفقات نهر النيل، واتفاقية 1929 الحدودية، التى تقر بحقوق مصر التاريخية فى مياه النيل، واتفاقية 1959 مع السودان، التى تقر بحصة مصر المائية. والركيزة القانونية الثانية هى عدم التزام إثيوبيا بمبدأ الإخطار المسبق فى بناء سد النهضة، ومبدأ الإخطار المسبق من أحكام القانون الدولى، وذلك من خلال عدة اتفاقيات وإعلانات دولية، منها قواعد «هلسنكى» لعام 1966، والمادة 8 من اتفاقية الأمم المتحدة للاستخدامات غير الملاحية فى الأنهار الدولية لعام 1997، وقواعد برلين لعام 2004. والركيزة القانونية الثالثة هى عدم التزام إثيوبيا بمبدأ عدم الإضرار، الذى نصّت عليه المادة 21 من إعلان استكهولم لعام 1972 بشأن البيئة والتنمية، وكذلك المادة 7 من اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997. هذا هو الخيار القانونى، ولكن السؤال: هل مجلس الأمن سوف يدعم التحرك المصرى القانونى، أم ستحاول بعض الدول الكبرى إعاقته؟ والإجابة ترجع إلى تقديرات القيادة السياسية المصرية لعلاقاتنا الدولية، خاصة مع الغرب، التى تشهد فى الفترة الأخيرة تذبذبات سريعة ما بين الصعود والهبوط لأسباب نعلم بعضها، وأخرى لا نعلمها، وللحديث بقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.