عندما كان وزيراً للإسكان وعد المهندس «إبراهيم محلب» أهالى «عمروس» بإدخال الصرف الصحى إلى قريتهم، جاء ذلك فى برنامج تليفزيونى موثق. وعندما اعتلى «المهندس» صهوة مجلس الوزراء نسى وعده فى الوقت الذى تحمس فيه أهل القرية فبادروا إلى تذليل واحدة من العقبات التى تتحجج بها الحكومة كى لا تُتم المشروع، وتتمثل فى عدم وجود قطعة أرض لتشييد محطة الرفع الخاصة بالمشروع. وابتكروا فى هذا الاتجاه حلاً ذكياً، حين دعوا كل من لديه «عداد نور» بالقرية إلى دفع «300 جنيه»، وتمكنوا من جمع مبلغ مليون جنيه اشتروا به قطعة أرض تزيد مساحتها على «700 متر»، وقدموها للحكومة وقالوا لها: «مدى إيدك بقى» كما بسطنا أيدينا، لكن يد الحكومة كانت قصيرة كالعادة، فنسى وزير الإسكان، الذى أصبح رئيساً لها، وعده لأهالى «عمروس»، ولم تبادر حكومته بأى خطوة ترتقى بأدائها إلى مستوى أداء أبناء «عمروس» الذين جمعوا من جيوبهم ثمن الأرض اللازمة للمشروع بآلية تعاونية فريدة. نحن أمام مواطنين أكثر نشاطاً من الوزراء المسئولين، وأنا واثق بأنه لو كان الأمر بيدهم لأنجزوا هذا المشروع كاملاً وحلوا مشكلتهم بأيديهم، ولكن ماذا يفعلون و«المجارى» مجارى الحكومة؟! ولا بد أن تسير «مواسيرها» فى قنواتها الرسمية حتى تصل إلى المواطن! وتتأسس الثقة على إنجازات سابقة استطاع أهالى هذه الاستثنائية القيام بها دون اعتماد على الحكومة، اعتماداً على قاعدة «من اعتمد على الحكومة بات كبده ينقح عليه»، فقد سبق وأنشأ أهل القرية مدارس إعدادى وثانوى، وأقاموا محطة تحلية مياه الشرب بالجهود الذاتية. إنهم فعلوا ذلك فيما لهم به حيلة، لكن موضوع المجارى لا بد أن يتم من خلال الحكومة، وليس فى يد الأهالى وسيلة للمساعدة سوى ما فعلوه حين اشتروا بمالهم قطعة الأرض اللازمة للمشروع وتنازلوا عنها للحكومة كى تشد حيلها، لكن يبدو أن حيل الحكومة «مقطوع»! أهالى «عمروس» يعيشون مأساة متكاملة الأركان بسبب غياب الصرف الصحى، بما يترتب على هذا الغياب من تلوث لمياه الشرب، فأغلب من يسكن القرية يعانى من المرض ب«فيروس سى». ولو أن الحكومة حسبت كم يكلفها علاج من ابتلاه الله بهذا المرض فسوف تخلص إلى أن التعامل مع الأسباب التى تؤدى إليه أقل تكلفة بكثير من أعباء علاجه. ذلك هو المنطق الذى أيّد على أساسه أهالى «عمروس» المشير «السيسى»، وانتخبوه رئيساً لهم بناء عليه، لأنهم توقعوا أن تؤدى الحكومة فى عهده بمنطق أكثر رشداً وأشد عقلانية وأعلى إنسانية عما سبق، لكن ثقتهم الآن أصبحت محل تساؤل، والسر فى ذلك وزير الإسكان الذى وعد وحنث بوعده عندما اختاره «السيسى» رئيساً للوزراء، وبدا وعده للأهالى أشبه بالوعود الانتخابية التى يطلع عليها نهار الجلوس على الكرسى فتتبخر وتتلاشى وتصبح رذاذاً يثير التأفف، بنفس الدرجة التى يشعر بها أهالى «عمروس» بالتأفف من حرمان الحكومة لهم من «ماسورة مجارى»!