الموت «أثقل من رضوى» والحزن على فراقها أثقل من «مريديها». شتات أخير لثالوث الأسرة، أمر سماوى لا رجعة فيه وعفو ولا نقد، بخلاف شتاتهم فى 1979 حينما مُنع زوجها الكاتب الفلسطينى مريد البرغوثى من الإقامة فى مصر. ليغيب الموت الروائية الكبيرة والأستاذة الجامعية رضوى عاشور. «يا موت تعالى أعوض غربتى ومنفاى.. يا موت تعالى أحاسبك ع القديم والجاى.. يا موت تعالى ونتقاسمك أنا وعداى.. ولا تطال عزوتى وأنا بعيد عنهم.. من قال لك الموت طبيعى يبقى مش شايف.. الموت ده شىء مش طبيعى.. الموت ده أصله خلل.. الأصل فينا الخلود.. وهييجى يوم نلقاه».. تميم البرغوثى عندما صدرت روايتها الملحمية «ثلاثية غرناطة» التى تعرض مآسى المسلمين فى «الأندلس» عندما هجم عليها ملوك «قشتالة» لاستردادها، ظن نقاد أن كاتبة الرواية ترمى بالأندلس إلى «فلسطين»، علقت أن الكتابة عن فلسطين لا ينبغى لها أن تدخل من باب خلفى ولا أن تتبع أسلوب الإسقاطات، فأصدرت روايتها «الطنطورية» عن حياة فتاة فلسطينية شهدت مذبحة وقعت فى قريتها قبل أن تغادر الأرض المحتلة فتلطمها الأيام وتشردها من دولة لأخرى. تعلقت «رضوى» بالقضية الفلسطينية، وازداد انغماسها فيها بزواجها من الأديب الفلسطينى مريد البرغوثى، الزواج الذى تسبب فى تحديد مسار أسرة «رضوى» بالكامل، بدءاً من ترحيل زوجها بعد ميلاد ابنها الشاعر والأستاذ المساعد فى العلوم السياسية «تميم البرغوثى» الذى يعرف أمه: «لكنى عارف بإنى ابن رضوى عاشور.. أمى اللى حَمْلَها ما ينحسب بشهور.. تكتب فى كار الأمومة م الكتب ألفين.. طفلة تحمّى الغزالة وتطعم العصفور.. وأمى حافظة شوارع مصر بالسنتى.. تقول لمصر يا حاجّة ترد يا بنتى.. تقولها احكى لى فتقول ابدأى انتى.. أمى وأبويا التقوا والحر للحرة.. شاعر من الضفة برغوثى واسمه مريد.. قالوا لها ده أجنبى، ما يجوزش بالمرة.. قالت لهم ياالعبيد اللى ملوكها عبيد.. من إمتى كانت رام الله من بلاد برة.. دلوقت جه دورى لاجل بلادى تنفينى.. وتشيِّب أمى فى عشرينها وعشرينى.. يا أهل مصر قولوا لى بس كام مرة.. هتعاقبوها على حُب الفلسطينى». امتاز أسلوب رضوى عاشور بالخصوصية الشديدة، والتركيز على ما لا يُرى، المعانى والمشاعر قبل الكلمات والأحاسيس، الأرواح والخيالات مقدمة فى روايات «رضوى» عن الأجسام مما يبعد رواياتها عن الحشو والملء، فضلاً عن تصدر النساء فى رواياتها.