عودي يا ضحكتها عودي هكذا اعتاد مريد البرغوثى أن يناجى زوجته ورفيقة دربه "رضوى عاشور" الأديبة والروائية المصرية، حينما كان يخطف المرض ضحكتها فى أيامها الأخيرة، وكأن الشاعر الكبير كان يرثى حبيبته متمنيًا أن تظل ضحكتها لا تغيب. رضوى عاشور التى اختتمت روايتها الأكثر رواجًا "ثلاثية غرناطة" بجملة أعاد قراؤها تدوينها مؤخراً "لا وحشة في قبر مريمة"، ناعين بها كاتبتهم الملهمة والتى غيبها الموت بعد قرابة الثلاثين عامًا هي عمرها الأدبي خلدت خلالها اسمها عبر كتب عدة كان على رأسها ثلاثية غرناطة والطنطورية لتثبت أن الأحلام لا تقاس بالأعمار حين قررت أن تخوض تجربتها فى عالم الأدب فى عمر يناهز الأربعين، حيث نشرت باكورة أعمالها النقدية عام 77 "الطريق إلى الخيمة الأخرى، حول التجربة الأدبية لغسان كنفاني. تلاها إصدار كتاب جبران وبليك، وهي الدراسة نقدية، التي شكلت أطروحتها لنيل شهادة الماجستير سنة 1972. لم تكن حياة عاشور سهلة وممهدة فكونها زوجة الشاعر الفلسطينى مريد البرغوثى تعرضت للمنع من الإقامة بمصر في نوفمبر 1979، فى حكم الرئيس الراحل أنور السادات الأمر الذى جعلها تعيش بعزلة عن الوطن، لتتحدى بالكتابة صعوبات الحياة فنشرت مجموعة روايات فى العام 83 على رأسها أيام طالبة مصرية في أمريكا لتصدر روايتها الأهم "ثلاثية غرناطة" التى حصدت من خلالها، على جائزة أفضل كتاب لسنة 1994 على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب. لتتوالى أعمالها الأدبية ومن بينها رواية الطنطورية (2011) ومجموعة تقارير السيدة راء القصصية. ولم تختلف رضوى عاشور الأكاديمية عن تلك الأديبة حيث تدرجت فى المناصب القيادية بالجامعة، وتولت رئاسة قسم اللغة الإنجليزية وآدابها بكلية الآداب بجامعة عين شمس، كما برعت عاشور فى حياتها الأسرية التى وصفها المقربون منها بأنها زوجة لشاعر كبير مريد البرغوثى وأم مثالية لشاعر شاب تميم البرغوثى الذى رثاها فى قصيدة قال فيها": قالولي بتحب مصر فقلت مش عارف لكني عارف بأنني ابن رضوى عاشور أمي اللي حَمْلَها ما ينحسب بشهور الحب في قلبها والحرب خيط مضفور تصبر على الشمس تبرد والنجوم تدفى ولو تسابق زمنها تسبقه ويحفى تكتب في كار الأمومة م الكتب ألفين طفلة تحمّي الغزالة وتطعم العصفور وتذنِّب الدهر لو يغلط بنظرة عين وبنظرة أو طبطبة ترضى عليه فيدور وأمي حافظة شوارع مصر بالسنتي تقول لمصر يا حاجّة ترّد يا بنتي تقولها احكي لي فتقول ابدأي إنتي وأمي حافظة السِيَر أصل السِيَر كارها تكتب بحبر الليالي تقوم تنوَّرْها وتقول يا حاجة إذا ما فرحتي وحزنتي وفين ما كنتي أسجل ما أرى للناس تفضل رسايل غرام للي يقدّرها"