سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الفوج الثانى من العائدين فى مطار القاهرة: عشنا «رحلة موت» تحت وابل الرصاص للوصول إلى تونس أحد العائدين: الليبيون نهبوا أموالنا.. والقنصلية المصرية أجبرتنا على توقيع إيصالات لتحمل نفقات العودة
ناشد المصريون العائدون من ليبيا الرئيس عبدالفتاح السيسى التدخل لإنقاذ حياة نحو 10 آلاف مصرى عالقين على الحدود الليبية - التونسية وتسيير جسر جوى لإعادتهم إلى مصر. وروى العائدون تفاصيل «رحلة الموت» التى عاشوها خلال الأيام الماضية منذ فرارهم من العاصمة طرابلس إلى مدينة «رأس جدير» على الحدود الليبية - التونسية، والاعتداءات التى تعرضوا لها من قِبل قوات الجيش الليبى والمسلحين قبل نقلهم إلى مطار جربا التونسى، فضلاً عن مشاهد قتل زملائهم أمام أعينهم، وسط تقاعس من القنصلية المصرية فى ليبيا وعدم اكتراث القائمين عليها بحياة المواطنين المصريين، وإجبارهم على توقيع إقرارات تفيد بتحملهم تكاليف نقلهم جواً من تونس إلى مصر بعد عودتهم. «الوطن» التقت عدداً من العائدين من ليبيا أمس أمام صالة الوصول بمطار القاهرة الدولى عبر الرحلة الثانية ل«مصر للطيران» التى أقلت 320 راكباً. وقال أبوالحمد عبدالحليم، من أهالى محافظة سوهاج أحد العائدين، إن «مأساتهم بدأت حينما استمعوا لأحد المسئولين المصريين وهو يتحدث لوسائل الإعلام مناشداً العاملين المصريين فى ليبيا التوجه إلى الحدود الليبية - التونسية لتأمينهم وسرعة نقلهم إلى مصر، فيما أجبرتهم بعض قوات الجيش الليبى والمسلحين على دفع مبالغ مادية نظير المغادرة، فضلاً عن مبالغ أخرى نظير ختم جواز السفر من النقاط الحدودية». وأضاف «أبوالحمد» أنهم «سافروا من طرابلس حتى مدينة رأس جدير الحدودية تحت وابل كثيف من طلقات الرصاص التى كانت تأتيهم من جميع الجهات دون أن يعلموا مصدرها، مما كان يضطرهم للانبطاح أرضاً ورفع أيديهم فوق رؤوسهم طوال مدة التنقل»، مشيراً إلى أن «بعض المسلحين كانوا يعاتبونهم ويضربونهم بدعوى رفض مصر القتال إلى جانب أى من الفرق المتصارعة فى ليبيا، فضلاً عن إجبارهم على ترك كل متعلقاتهم الشخصية فى مساكنهم فراراً بحياتهم من الموت الذى كان يحاصرهم من جميع الجهات، ما يعنى ضياع تحويشة العمر هناك». وكشف المواطن «السوهاجى» الذى أمضى فى ليبيا نحو 5 أعوام عن أن «الحياة المعيشية داخل ليبيا باتت صعبة للغاية بسبب الصراعات المسلحة المشتعلة هناك، ووجود السلاح فى أيدى الجميع دون أى بادرة أمل على انتهاء هذه المعارك خلال الفترة المقبلة». من جهته، قال محمد سعد رضوان، عامل بناء، إن «فترة وجودهم على الحدود الليبية - التونسية كانت صعبة للغاية حيث لا طعام ولا شراب ولا غطاء والجميع يترقب الموت كل لحظة، فى حين كانت السلطات التونسية ترفض دخولهم إلى أراضيها إلا بعد وصول الطائرات المصرية لنقلهم، وبالأعداد التى تناسب سعة الطائرة فقط»، موضحاً أن «أعداد المصريين العالقين على الحدود يتراوح بين 10 و12 ألفاً بينهم مرضى وجرحى نتيجة اعتداء المسلحين والقوات الليبية عليهم». وأوضح «رضوان» أن «مندوبى السفارة المصرية الموجودين فى الأراضى التونسية أجبروا العائدين على التوقيع أو (البصم) على إقرارات لرد تكاليف نقلهم، بينما وزارة الخارجية عاجزة تماماً عن التعامل مع الأزمة سواء بزيادة أعداد الطائرات أو بإدخال المصريين العالقين على الحدود إلى الأراضى التونسية»، لافتاً إلى أن «سيارات الإسعاف الليبية نقلت أمس الأول 5 مصريين تعرضوا للإصابة بطلقات نارية، وبعضهم إصابته خطيرة وترجح وفاتهم جراء الإصابات، كما أن السلطات المصرية ليس لديها إحصاء دقيق عن أعداد المصريين العاملين فى ليبيا، ولا عدد القتلى منهم». من جانبه، قال سعيد سيدهم (40 سنة) إن «12 من أفراد عائلته ما زالوا عالقين على الحدود انتظاراً لدورهم فى العودة، والعصابات المسلحة أجبرتهم على دفع نحو 200 دينار ليبى نظير السماح لهم بمغادرة طرابلس»، مشيراً إلى أن «المسئول المصرى الذى طالب العاملين بالتوجه إلى الحدود التونسية تقع عليه مسئولية وفاة وإصابة عشرات المصريين نتيجة طول المسافة وعدم قدرتهم على دخول تونس أصلاً، فى حين أن بقاءهم فى طرابلس كان أكثر أمناً لهم من وضعهم على الحدود الليبية». فيما أوضح سامى إسماعيل (32 سنة) أن «الأوضاع المزرية ولحظات الرعب التى عاشها آلاف المصريين العائدين من ليبيا خلال الأيام الماضية أصابت العديد منهم، خاصة كبار السن، بأمراض نفسية وعضوية، بسبب هذه المعاناة الرهيبة، خاصة أنهم كانوا يعاملون كأسرى الحروب دون أن يحصلوا على أى طعام أو شراب من قِبل السلطات الليبية»، مطالباً الرئيس «السيسى» ب«سرعة التدخل وتسيير جسر جوى لنقل آلاف العالقين على الحدود، خاصة أن السلطات التونسية تتعنت وتمنع دخولهم إلى أراضيها بحجة عدم وجود أماكن صالحة لاستقبالهم»، حسب قوله. وقال حسين متولى «عامل معمار» إن «العاملين المصريين لم يتوجهوا خلال شهر رمضان الماضى لأعمالهم نهائياً، نظراً لوقوع معارك ضارية بالقرب من أماكن سكنهم، وبعضهم تعرض للقتل من قِبل المسلحين أثناء تنقلهم من طرابلس حتى منطقة أجدابيا الليبية، كما أنهم باتوا فى العراء لمدة 3 ليالٍ انتظاراً لوصول الطائرات لنقلهم إلى مصر، بعد أن أُعلن عن تشغيلها منذ الاثنين الماضى إلا أنها تأخرت حتى الخميس». وأشار «متولى» إلى أن «جميع الجاليات الأجنبية فى طرابلس تم إجلاؤها بشكل طبيعى عدا العاملين المصريين الذين تعرضوا لمهانة كبيرة، كما تعرضوا للضرب من الميليشيات الليبية المسلحة التى كانت تهاجمهم فى مقار سكنهم وتسلبهم كل ما يملكون من أموال وهواتف محمولة وأجهزة كهربائية، فعادوا للقاهرة دون أموالهم أو حقائبهم». بينما لفت طه عبدالله إلى «ضرورة تخفيف التناول الإعلامى من قِبل القنوات الفضائية المصرية للصراعات المشتعلة فى ليبيا، وعدم التحيز لطرف على حساب آخر حتى تعود كامل الجالية المصرية إلى البلاد، خاصة أن التعاطى الإعلامى مع الملف الليبى يأتى بنتائج سلبية تعود بالضرر على العاملين هناك». وشدد «عبدالله» على «ضرورة تحرك وزارة الطيران بشكل عاجل لتنظيم خط جوى لنقل العاملين المصريين بأسرع وقت إلى أرض الوطن، خاصة أنهم يلقون معاملة سيئة وغير آدمية من الجميع هناك، وبعض الليبيين استولوا على متعلقاتهم مقابل توصيلهم إلى حدود تونس، والبعض منهم دفع 70 ديناراً للخروج من رأس جدير و30 ديناراً مقابل دخول جربا، وهو ما جعلهم يعودون إلى أرض الوطن بجيوب خاوية تماماً». فيما قال محمود درويش إنه «تعرض لإطلاق نار كثيف هو ونجله أثناء الفرار من طرابلس، ولولا أنه أخفى الابن ببطانية لكان الآن فى عداد الموتى»، لافتاً إلى أن «الليبيين أبلغوهم بأن السفارة المصرية فى طرابلس هى المنوط بها تولى عمليات التنسيق مع السلطات الليبية لعودتهم إلى مصر، ولكن السفارة لم تتحرك لنجدتهم، وجميع الذين تمكنوا من العودة سالمين يطلبون مقابلة أى من المسئولين المصريين لحثهم على التحرك لنجدة زملائهم وإخوتهم العالقين على الحدود، على الرغم من أنهم لا ذنب لهم فيما يحدث فى ليبيا سوى أنهم ذهبوا إلى هناك بحثاً عن لقمة العيش، لأن بلدهم الذى لم يستطِع أن يوفر لهم العيش الكريم تقاعس أيضاً حتى عن حمايتهم من القتل فى الغربة». أخبار متعلقة: حكايات «العائدين من الموت» فى ليبيا «الوطن» ترصد المعاناة بين «طرابلس» و«رأس جدير» التونسى شماتة الإخوان فى العالقين: «المعبر يوم لك ويوم عليك» «على»: شاهدت مقتل 23 عاملاً مصرياً بقذيفة على مسكنهم «بركات»: تجهيز سلاح «أنصار الشريعة» كان يصيبنى بالرعب «الحسينى»: «رفضت دفع رشوى عشان أرجع مصر» «تامر»: سيبت فلوسى وهربت ومفيش حد هيعوّضنى «الشحات»: «كنا بنطبخ فى طرابلس على الفحم والخشب»