- جنون التدمير الذاتى، هو الوصف الدقيق لما يحدث فى منطقتنا العربية الآن، فنحن نعيش زمن هوبز فى القرن السادس عشر عندما كان الكل يقتل الكل، والحروب الأهلية سائدة، فالإنسان العربى وخاصة المسلم تحول إلى ذئب على أخيه، وانتقل العرب من الصراع ضد الخارج لاسترداد الحقوق المسلوبة، إلى مرحلة الصراع ضد الداخل بعد أن تُرك العالم العربى ليتحكم فيه وفى شعوبه جماعات ظلامية استغلت غفلة وفساد الأنظمة الحاكمة، ونشرت أيديولوجيات تدميرية على مدى ستة عقود، فدمّرت جميع القيم الإنسانية، وأدت إلى وجود أسباب للتدمير الذاتى وكل ذلك بمساعدة ودعم جميع الدول المعادية للعرب، وفى مقدمتها أمريكا وإسرائيل، فالأزمة لم تعد أيديولوجية سياسية، كما يعتقد البعض، بل هى أكبر من ذلك وأعمق، إنها أزمة عقدية فكرية فلسفية بعيدة المدى فالفكر الطائفى والتعصب الدينى الأعمى هو السائد الآن فى المنطقة، مدعوماً بمنطق ألّا دولة، الذى اعتقد البعض أنه سبيل الحرية ولكنه كما قال «هوبز» هو الممهد للحروب الأهلية، ونشأ عن ذلك جرائم تذكرنا بمحاكم التفتيش والمجازر الطائفية التى دمرت الغرب وأنهكتهم فى القرن الثامن عشر الميلادى، فالمنطقة تتعرض إلى براكين عاتية وأمواج متلاطمة وصراعات متناقضة أدت فى النهاية إلى تدمير معظم بلادها والتنكيل بشعوبها سواء بالقتل، أو التشريد، أو التهجير، ولم يسلم أحد المسلم والمسيحى والسنى والشيعى، الكل يدفع الثمن، ومع الأسف يدفعه بلا أى ذنب وعلى يد طائفة من أبناء الأمة الذين تحولوا إلى ما يشبه مرضى الزومبى، كما تصورهم أفلام الخيال المرعب، وهو مصطلح مجازى لوصف الجثة المتحركة بما يشبه شخصاً منوماً مجرداً من الوعى الذاتى، وهم يهيمون فى الأرض فى جميع البلاد العربية يدمرون الأخضر واليابس كآلات للتدمير الذاتى. - وهذه العناصر الزومبى المدمرة لم تنحصر فقط فى مجرمى داعش الذين قتلوا وشردوا الآلاف فى العراق وسوريا، كما أنها لم تنحصر فى زومبى الإخوان الذين يتحركون فى شوارع مصر بما يشبه رقصة الموت يعتدون على الجميع، لا إن المرض تفشى وتعدى هؤلاء، فظهر الزومبى الثورى، أو مدعو الثورية الذين ظهر بعضهم فى شمال سيناء عند كمين بلوظة، وفى الوقت الذى كان جنود حرس الحدود فى واحة الفرافرة يتعرضون لهجوم إرهابى سقط ضحيته أكثر من عشرين شهيداً من أبناء الجيش، كان هؤلاء الزومبى الثورى يهتفون ضد الجيش الذى يدفع ثمناً بالدم لحمايته، لمجرد أنه منعه من المرور خوفاً على حياته من زومبى الجماعات المتطرفة التى تستهدف الجميع فى شمال سيناء. - أزمتنا الآن ليست فى العدو الخارجى، وإنما فى هؤلاء الزومبى من أبناء أمتنا، فالمعركة ضد الذات، ولذلك هى أصعب وأخطر بكثير من أى معركة خارجية، فتغير الذات يشبه تشكيل الحجر، خاصة أن عناصر الزومبى المنتشرة بيننا، تمتلك أدوات إعلامية ضخمة تنشر هذه العدوى الفكرية ليل نهار، وتحارب وتشوه كل من يحاول الإصلاح، وهى تمتلك أيضاً أموالاً كثيرة تسمح لها بالبقاء، بالإضافة إلى أنها محمية ومدعومة من الزومبى الحاكم الأكبر أمريكا وعملائها فى المنطقة، أمثال قطر وتركيا، ولا توجد رفاهية الهدنة للعلاج، فالحرب دائرة الآن ومصر فى قلب المعركة بين عناصر الزومبى فى الداخل، وآخرين فى دول الحدود بالإضافة إلى العدو الأساسى إسرائيل من خطط لما نحن فيه ويسعى الآن للحصاد فيحرك عناصر الزومبى من أبنائنا لإنجاز أهدافه، والتى فى مقدمتها سرقة 40% من سيناء لحل مشكلة الدولة الفلسطينية وتقسيم مصر وتكفيك جيشها لا قدر الله. - وعلى الرغم من صعوبة المعركة فإنه لا بد من وضع حد للممارسات الزومبية التى سوف تجعلنا نستمر فى التدمير الذاتى، وتخرجنا من مسرح التاريخ إذا لم نتمكن من العودة إلى العقل وإصلاح العطب الأيديولوجى الذى أصاب أمتنا، ويستحيل أن يتحقق ذلك إلا فى إطار تعاون إقليمى ودولى فالخطر يهدد الحضارة الإنسانية كلها وليس فقط الحضارة العربية، وإن عناصر الزومبى العربى لن تتوقف بعد تدمير المنطقة وإنما سوف تخرج خارج الحدود وتهدد الجميع، وقد سمعنا بلعم بن باعوراء العصر الحديث الملقب بالقرضاوى، وهو يشرح لعناصر الإخوان، كيف يسيطرون على أوروبا كلها سنة 2030 عن طريق نشر عدوى الزومبى الإخوانى بين الأوروبيين، نعم، المعركة على أرضنا الآن ولكنها حتماً إذا لم تقف، فسوف تنتقل إلى كل مكان. - وبالنسبة لنا فى مصر وعلى الرغم مما ذكرناه من تحديات فما زالت الفرصة قائمة لقهر الزومبى الموجود على أرضنا ويحاصر جميع حدودنا، كما فعلنا قديماً مع التتار، ولكن لن يتحقق ذلك، كما قال هوبز إلا بآليات متعددة يأتى فى مقدمتها عودة الدولة بكل قوتها وحسمها، إن البطء والتراخى لا يصلح أبداً للتعامل مع الحرب التى يخوضها بلدنا الآن، وأظن أن تأخر معاقبة قادة الزومبى المقبوض عليهم، أمثال: حبارة، وخيرت الشاطر، والبلتاجى، وأسامه ياسين، ومرسى، وغيرهم قد شجع الزومبى الآخرين على ارتكاب المزيد من الجرائم وكلما تأخرنا ازدادوا عنفاً وجراءة علينا، كذلك التأخر فى تنفيذ خطة للتطهير تشمل جميع مؤسسات الدولة وكلها مخترقة من عناصر الزومبى الإخوانى المنتشرين كالسوس فى هيكل الدولة أدى إلى تسريب جميع خططنا وتعطيل معظم المؤسسات عن القيام بدورها كما ينبغى، اعلموا أيها السادة أن عدونا سريع جداً ويستغل أى فرصة للانقضاض، وما زالت الدولة بطيئة، وما زال الأداء ضعيفاً لا يكافئ المخاطر المحيطة والمعركة معركة بقاء، نكون أو لا نكون.