مشاهد مختلطة، المأساة فى ذروتها، لا تُقابَل سوى بالملهاة، قتلى ودماء، يجلس على مقربة منهم شباب على أجهزة إلكترونية يتابعون حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعى، أطفال مشردون تلهث حناجرهم طلباً للقمة خبز أو شربة ماء، يتابعهم فى صمت رجال فى حلل ذات أبّهة يبدون فى مواقع المسئولية.. 70 شاباً وفتاة يجسدون 65 عاماً من تاريخ المعاناة فى أقل من 8 دقائق، بوجوه معبرة تنبض بالحزن وأداء صامت حاولوا أن يبعثوا برسالة لأمة ضحكت من «صمتها» الأمم، فكان فيلمهم «أفيقوا يا عرب» الذى صممه فريق «فريز» تجسيداً لمعاناة ثلاث دول يلاقى مواطنوها الأمرّين، فيما يبقى الحال كما هو عليه، حكام صامتون، وشعوب تتضامن بالشجب والتنديد، ومجتمع دولى يرقب بعين الشفقة تارة وبغضّ البصر مرات. «إلى متى.. فلسطين- الصومال- سوريا» ثلاث قضايا لأوجاع بلدان عربية شقيقة بدأت قبل أكثر من نصف قرن ولم تزل تئنّ شعوبها حتى الآن، بثلاث مجموعات تم تصميم العمل الذى يعتمد على الأداء الصامت، هكذا يشرح «إسلام توبة» صاحب فكرة الفيلم الذى وقع الاختيار عليها من ضمن مسابقة لطرح 10 أفكار، كل مجموعة جسدت معاناة دولة؛ الأولى هى الجرح الغائر «فلسطين» بدأوها بمشهد لجنود إسرائيليين تظهر فى خلفيتهم صورة للمسجد الأقصى فيما يمنعون رجالاً «عرب» من الوصول لساحة الحرم، على بعد خطوات تطل صورة أخرى لبنت جسورة ترتدى شالاً فلسطينياً وتلوّح بعلامة النصر فى وجه جندى صهيونى بينما تقبع خلفها عائلتها تحتمى بها، وبالقرب منهما تعود ذكرى ذلك الطفل الصغير الذى هزّ اغتياله العالم «محمد الدرّة».. «حاولنا نتضامن مع القضايا العربية بشكل عملى مش بس بالكلام» يوضح «توبة» الغرض من الفيلم «فلاش موب»، أثناء تصوير الفيديو داخل إحدى المولات التجارية والمقرر عرضه بعد أيام. المجموعة الثانية شكّلها مجموعة من الأطفال اصطفوا فى شكل مُزرٍ تدمع له الأعين يُمسك كل منهم بإناء فارغ ينتهى بشخص ممسك بلافتة مدون أعلاها عبارة «لا توجد مياه»، بجوارهم طابور آخر لنسوة يمسكن بأطباق صغيرة، ينتهى ذلك الطابور هو الآخر بشخص ممسك بلافتة كُتب عليها جملة «لا يوجد طعام»، وعلى بعد مترين قد يئست مجموعة من الأطفال أصحاب الأجساد النحيلة من قلة الغذاء يتكالبون على قطعة خبز صغيرة للغاية.. «كل كام يوم العرب بيهتموا بقضية بس للأسف بيتلهوا فى حياتهم وكأن مفيش حاجة» يقولها «إسلام» أثناء التصوير مختصاً أزمة الصومال ومجاعاتها. أطفال قتلى وجنود مدججون بالأسلحة ونساء يستغثن، كوّنوا المشهد المأساوى الأخير الممثل فى نضال الشعب السورى، فى آخر مجموعات الفيلم فيما يبقى على مقربة منهم رجال منتمون للجيش السورى الحر يحاولون فك الأسر، ثوان وينتهى التصوير.. بعض من شاهدوا العمل تنتابهم حالة حزن من عدم حركة الرجال المرتدين الملابس الأنيقة، والموضوع على أفواههم قطعة بلاستيكية عنواناً للصمت، فيقرر صناع العمل التوجه بحديثهم نحو الشعوب، فهى الأمل، فتُرفع لافتة كبيرة مدون عليها استغاثة كبيرة يحلمون أن تاتى بالتغيير.. «أفيقوا يا عرب».